يوم حزين للطيران في العالم

مئات آلاف المسافرين ضحايا زلزال «توماس كوك»

1 يناير 1970 11:37 م

«توماس كوك» أفلست!
خبر هزّ عالم السياحة أمس، بعدما تكسّرت أجنحة أقدم شركة سياحية في العالم، وحطت في عالم الإفلاس، ماحية إرث عمره 178 عاماً من «العملقة».
فقد أعلنت مجموعة السّياحة والسّفر البريطانيّة العملاقة «توماس كوك» أمس إفلاسها، بعدما فشلت في جمع الأموال اللازمة للاستمرار، ما تسبب بأكبر عملية من نوعها في بريطانيا منذ الحرب العالمية الثانية لإعادة مئات آلاف المسافرين.
الشركة الرائدة في مجال السفر، والتي أسسها من تحمل اسمه قبل 178 عاماً، تواجه منذ مدة صعوبات سببها المنافسة من مواقع إلكترونية. كما قالت إن التحذيرات بشأن أرباحها تعود إلى مشاكل عدة، من بينها الاضطرابات السياسية في المقاصد السياحية، مثل تركيا، والموجة الحارة التي طال أمدها في الصيف الماضي، وتأخير العملاء لحجز رحلات إجازاتهم بسبب أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.. وحاولت يائسة جمع مئتي مليون جنيه استرليني (250 مليون دولار) من مستثمرين لتجنب انهيارها.
وترك إعلان الإفلاس 600 ألف سائح من المتعاملين مع الشركة، معلّقين في العالم، بينهم 150 ألف سائح بريطاني موزعين بين بلغاريا وكوبا وتركيا والولايات المتحدة وغيرها من الدول، قالت الحكومة البريطانية إنها استأجرت طائرات لإعادتهم.
وأعلن وزير النقل البريطاني غرانت شابس إطلاق «أكبر عملية إعادة في تاريخ السلم»، مضيفاً أن الحكومة وهيئة الطيران المدني البريطانية استأجرتا العشرات من طائرات التشارتر لإعادة مسافري «توماس كوك» إلى البلاد.
وقالت الحكومة «جميع زبائن توماس كوك الموجودين حالياً في الخارج والذين قاموا بحجوزاتهم للعودة إلى المملكة المتحدة في الأسبوعين المقبلين، ستتم إعادتهم إلى الديار في أقرب موعد لحجوزات عودتهم».
وقالت «توماس كوك» في بيان سابق نشرته أمس إنه «على الرّغم من الجهود الكبيرة، لم يكن من الممكن التوصل لاتفاقية بين المساهمين في الشركة والممولين الماليين الجدد المحتملين».
وأضاف البيان «لذلك، خلُص مجلس إدارة الشركة إلى أنه ليس لديه خيار سوى اتخاذ خطوات للدخول في تصفية إلزاميّة بمفعول فوري»..

والمجموعة الضخمة مشغل سياحي وشركة طيران في الوقت نفسه. ومحطاتها الرئيسية هي جنوب أوروبا ودول البحر المتوسط، لكنها نظمت أيضاً رحلات سياحية إلى آسيا وشمال أفريقيا والكاريبي.
وأسف رئيس المجموعة بيتر فانك هاوسر «ليوم حزين للغاية» مع خسارة آلاف الوظائف. وقال «يؤسفني جداً كما باقي أعضاء مجلس الإدارة أننا لم ننجح».
وأضاف «إنه يوم حزين للغاية للشركة التي كانت رائدة في الرحلات السياحية وأتاحت السفر لملايين الناس حول العالم».
وكانت وكالة السفر الصينية فوسون، وهي أكبر مساهم في «توماس كوك»، قد وافقت الشهر الماضي على ضخ 450 مليون جنيه في المجموعة من ضمن صفقة إنقاذ أولية بقيمة 900 مليون جنيه.
وفي المقابل، يستحوذ التكتل المدرج في بورصة هونغ كونغ على 75 في المئة من أسهم وحدة أنشطة السفر في «توماس كوك»، و25 في المئة من وحدة الخطوط الجوية.
وقالت المجموعة الصينية في بيان لوكالة فرانس برس أمس إن «فوسون تشعر بالخيبة لعدم تمكن مجموعة توماس كوك من إيجاد حل قابل للتطبيق لإعادة رسملتها المقترحة مع فروع أخرى وبنوك مقرضة رئيسية وحاملي سندات وأطراف مشاركة أخرى».
وقال مايكل هيوسون، كبير محللي السوق لدى «سي.إم.سي ماركتس المملكة المتحدة» أمس: «لم يقتصر الأمر على توماس كوك التي وقعت ضحية الإفراط في القطاع، مع انهيار عدد من شركات الطيران في السنوات القليلة الماضية من أبرز ضحاياها مونارك».
من جهتها، أعلنت خطوط كوندور الألمانية المتفرعة عن توماس كوك الإثنين إنها بصدد طلب مساعدة مالية من برلين من أجل مواصلة عملياتها رغم إشهار الشركة الأم الإفلاس.
وقالت إنها طلبت «قرضاً قصير الأجل تضمنه الدولة»، تتم دارسته في برلين.
وقال المدير الإداري للخطوط رالف تيكنتروب «نواصل التركيز على أفضل ما نفعله: نقل ضيوفنا جواً بأمان وفي المواعيد المحددة لتمضية عطلاتهم».
وقالت «توماس كوك» إن 140 ألف سائح ألماني عالقون في الخارج.

كيف انهارت الشركة؟

تعد «توماس كوك» واحدة من كبريات شركات السياحة في العالم، فقد تأسست في العام 1841 وبلغ حجم مبيعاتها السنوية في العام 2018 ما يزيد على 9 مليارات جنيه إسترليني.
ويعمل في الشركة 22 ألف موظف، من بينهم 9 آلاف في بريطانيا، وتخدم 19 مليون عميل سنويا في 16 دولة حول العالم.
وتصاعدت الصعوبات المالية التي واجهتها الشركة على مدار العام الماضي. وفي يوليو وضعت الشركة خطة عمل، تقول إنها تحتاج إلى 900 مليون جنيه إسترليني لإعادة تمويل أنشطتها.
وكان يفترض أن يأتي مبلغ الـ 900 مليون إسترليني من شركة فوسون الصينية أكبر مساهم في الشركة، ومجموعة الدائنين ومستثمرين آخرين.
وكلفت مجموعة المقرضين بعد ذلك مستشارين ماليين بإجراء تحقيق مستقل، وقالوا إن الشركة ستحتاج إلى مبلغ 200 مليون جنيه إسترليني إضافي، فضلا عن الـ900 مليون إسترليني المطلوبة بالفعل.
ونجحت «توماس كوك» في إيجاد داعم يوفر لها الـ200 مليون إسترليني، لكن بحسب «بي بي سي»، فإن ذلك الداعم انسحب في وقت لاحق.

توماس... المؤسس

ولد توماس كوك في ديربيشاير، بإنكلترا، في 22 نوفمبر 1808، وترعرع في ظروف فقيرة.
دخل المدرسة في سن العاشرة، واشتغل بعدها في بيع الكتب.
في 5 يوليو من العام 1841، نظم توماس هو وصديقه ماريو رحلة بالقطار كان على متنها 570 ناشطاً من ليستر إلى لافبرا. كما نظم أيضاً في وقت لاحق رحلات أخرى بالقطار والسفن البخارية. في العام 1872 نظم رحلة حول العالم بطول 40 ألف كلم، دامت 222 يوماً.
أما أولى الرحلات البرية الأوروبية التي نظمها، فكانت في العام 1855. وفي 17 مايو 1861 قام بتنظيم رحلة عمل بواسطة القطار، والسفينة إلى باريس. وبعدها بخمس سنوات (1866) قام بتنظيم رحلة أخرى للمرة الأولى إلى أميركا.
في العام 1871 أسس شراكة مع ابنه جون ماسون أندرو كوك، ثم أعاد تسمية وكالة السفر باسم «توماس كوك آند سون»، وهي الشركة التي قامت بتنظيم رحلة إلى الأقصر في مصر في جولة عبر نهر النيل. كما أبرمت شركته عقداً لنقل حملة الجنرال غوردون إلى السودان العام 1884 حيث نقل 11 ألف جندي بريطاني و7 آلاف جندي مصري. توفي توماس في 18 يوليو 1892 عن 83 عاماً، تاركاً إرثاً عظيماً انهار بعد 178 عاماً.

60 مليون يورو لفنادق تونسية

قال وزير السياحة التونسي روني الطرابلسي لـ«رويترز» إن شركة «توماس كوك» تدين للفنادق التونسية بمبلغ 60 مليون يورو (65.9 مليون دولار) عن إقامة سياح في شهري يوليو وأغسطس، مضيفاً أن 4500 عميل من الشركة ما زالوا في البلاد يقضون عطلاتهم.
وأضاف الطرابلسي «غداً سيكون لي اجتماع أزمة مع السفارة البريطانية وأصحاب الفنادق لمناقشة كيفية تسديد هذه الديون». وقال سياح بريطانيون أمس إن فندقا تونسياً منعهم من المغادرة قبل أن يتم الاتفاق مع «توماس كوك». وقالت وزارة السياحة إنه كان سوء تفاهم.

إلغاء حجوزات 25 ألف سائح في مصر

أعلنت مجموعة بلو سكاي، وكيل «توماس كوك» في مصر، عن أنه تقرر إلغاء حجوزات حتى أبريل 2020 لعدد 25 ألف سائح إلى مصر.
وقال رئيس مجلس إدارة بلو سكاي حسام الشاعر في بيان إن لدى الشركة 1600 سائح في منتجع الغردقة بمصر حالياً.
وأضاف البيان «الأعداد المتوقعة لعام 2020 تبلغ 100 ألف سائح إلى مصر من خلال توماس كوك».

تركيا تتعهد بتقديم قروض لشركاتها

أ ف ب - أعلنت الحكومة التركية أمس أنها ستقدم الدعم للشركات الصغيرة التي تأثّرت بانهيار «توماس كوك»، مضيفة أن 21033 من زبائنها متواجدون حالياً في البلاد.
وأفادت وزارة السياحة التركية عبر «تويتر» أن «وزارتي السياسة والمالية تعملان على طرح (حزمة دعم ائتماني) في أقرب وقت ممكن لمساعدة الشركات التي تأثّرت بإفلاس توماس كوك».
وتعد مدينة أنطاليا التركية بين أبرز وجهات «توماس كوك»، إلى جانب بودروم ودالامان.

... وقد تفقد 700 ألف سائح سنوياً

اعتبر رئيس اتحاد الفندقيين في تركيا عثمان آيك أن «انهيار شركة السياحة البريطانية يعني أن تركيا قد تشهد فقدان ما بين 600 و700 ألف سائح سنوياً». وقال لـ«رويترز» إن«هناك في الوقت الحالي 45 ألف سائح في تركيا قدموا من بريطانيا وباقي دول أوروبا من خلال توماس كوك».
وأضاف أن الشركة مدينة بما بين 100 و200 ألف جنيه إسترليني لبعض الفنادق الصغيرة، والتي قد تعاني نتيجة الانهيار.

«توماس كوك» بالأرقام

19

مليون مسافر كانت تخدمهم في السنة في 16 دولة. وكانت تدير فنادق ومنتجعات وشركات طيران.


9.6

مليار جنيه إسترليني (12 مليار دولار)... الإيرادات التي حققتها في 2018.


1.7

مليار جنيه حجم ديونها.


22

ألف الوظائف المهددة عالمياً.


9

آلاف الوظائف المهددة في بريطانيا.


600

ألف عدد السائحين العالقين حول العالم.

150

ألف عدد السائحين البريطانيين الذين ينبغي إعادتهم إلى بلادهم.