للمرة الثانية في أقل من شهر، تجدّدت المواجهة بين مندوب الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة السفير منصور العتيبي ومندوب سورية بشار الجعفري في جلسة مجلسة الأمن، ليل الخميس الماضي، أثناء مناقشة مشروع قرار لوقف إطلاق النار في محافظة إدلب.
ورداً على الاتهامات بوجود شخص جمع 400 مليون دولار في الكويت لدعم مجموعات مسلحة في سورية، أكد العتيبي أن كلام الجعفري «لا يدخل العقل»، داعياً إياه إلى الاعتماد على الأدلة الموثقة وليس على قصاصات من صحف، والكف عن محاولة الإساءة للكويت.
البداية كانت عندما طلب الجعفري الكلام، وقال: «بناء على طلب زميلنا في دولة الكويت في الجلسة السابقة عندما تحدثت عن حركة سلفية في الكويت قال (لا توجد حركة سلفية في الكويت) وعندما ذكرت شخصاً إرهابياً قال لا يوجد أحد بهذا الاسم».
ثم عرض صوراً ومنشورات قال إنها لإعلانات وزعتها الحركة السلفية في شوارع الكويت، وانتقل إلى عرض مقال نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» يتضمن معلومات عن شخص كويتي جمع أموالاً وأرسلها إلى سورية «من أجل المقاتلين ضد نظام بشار الأسد».
ورد العتيبي بالقول: «أود أن أعتذر لمجلس الأمن عن أخذ هذه الكلمة في وقت متأخر ولم أكن أرغب في الخروج عن الجلسة، لكن المندوب السوري ذكر الكويت أكثر من مرة عبر قصاصات من الصحف، والقصد معروف وهو خلط الأوراق وتصوير الأزمة في سورية على أنها أزمة إرهاب، والسبب في البداية لم تكن أزمة إرهاب إطلاقاً وجميع القصاصات التي أشار إليها المندوب السوري نُشرت في صحف كويتية وصحيفة نيوريوك تايمز في العام 2012 أو 2013، وأنا أستغرب من زميلي المندوب السوري حرصه الشديد على تكرار الأنباء التي نشرت في الصحف، والمفترض أن يتطرق لموقف الكويت الرسمي لا أن يحاول أن يلصق تهمة الارهاب بحكومة الكويت، ولكن واضح أن الهدف الأساسي هو الإساءة للكويت».
ودعا المندوب الكويتي نظيره السوري، إذا كان لديه أدلة عن أشخاص في الكويت يدعمون الإرهاب، إلى أن يقدمها للجان الدولية المختصة، خصوصاً لجنة العقوبات ولجنة التحقيق، مذكراً بأن «الكويت من الدول التي تقدمت لانشاء لجنة التحقيق لمحاسبة أي شخص ارتكب جرائم إرهابية على الاراضي السورية، لكن أنتم (أي الحكومة السورية) ضد تلك اللجنة التي بدأت تعمل حالياً، وأود وأتمنى أن تجلب أدلة من الامم المتحدة وليس من قصصات الصحف التي لا أعلم عن أدلتها، وإن كنت تتابع أدلة صحيفة (نيويورك تايمز) فهي تنشر أدلة وتنتقد الحكومة السورية ولا أريد أن أتطرق لتلك المقالات، وأنا أرجع إلى أدلة الامم المتحدة، وهناك جرائم موثقة من صور الاقمار الاصطناعية لا يمكن لأحد أن يدحض صحتها، لذلك أتمنى أن تستند إليها وإذا كان هناك أشخاص ارتكبوا جرائم ضد الشعب السوري فقدمها إلى اللجان المختصة».
وإذ أكد العتيبي موقف الكويت المؤيد للحل السياسي في سورية بناء على قرارات الأمم المتحدة، قال متوجهاً للجعفري: «أنتم دائماً تعرضون أسماء وتقولون إن هناك مقاتلين ونحن ندين ذلك ونؤيد خروج كل القوات الأجنبية من سورية».
ولفت إلى أنه في سورية هناك ميليشيات تحارب مع قوات الحكومة وتصنف إقليمياً وحتى في كثير من الدول بأنها ميليشيات إرهابية، و«هناك أطراف من نفس البلد تحارب معكم وأخرى ضدكم، وتدّعي أنت أن وكيل عريف (في الكويت) استطاع أن يجمع 400 مليون دولار وفي إحدى المرات ذكرت أن أحد الأشخاص جمع مليارات وأرسل أسلحة... هذا الكلام لا يدخل العقل، وإذا كان هناك أشخاص يجمعون الأموال في الكويت فنحن مستعدون لتطبيق القانون عليهم، إن كانت هناك أدلة وثبتت الاتهامات، نحن لا نقبل بذلك ولا نسمح بوجود إرهابي ولا نتبنّى أي تحركات أو أحد يكون له ارتباطات بتنظيمات إرهابية... في بداية الأزمة السورية لم يسمع أحد لا بداعش ولا بجبهة النصرة وإنما كان هناك تعاطف مع الشعب السوري».
ورد الجعفري مرة أخرى قائلاً: «بلادي حريصة على قيام أفضل علاقات الاخوة مع الكويت، وكل المناسبات التي تحدثت فيها عن وجود إرهابيين في دولة الكويت لم يكن الحديث موجهاً لحكومة الكويت، لكن من حقنا أن نلتفت عناية حكومة الكويت إلى وجود إرهابيين ورعاة للإرهاب ويحملون الجنسية الكويتية».
ودار السجال بين العتيبي والجعفري عقب إخفاق مجلس الأمن في إقرار مشروع القرار الذي تقدمت به كل من الكويت وألمانيا وبلجيكا بهدف حماية المدنيين في إدلب من خلال المطالبة بوقف الاعمال العدائية فيها وللحيلوية دون تفاقم معاناة سكانها.
وفي كلمة له عقب التصويت الذي استخدمت فيه روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ما حال دون إقرار المشروع، أعرب العتيبي عن خيبة الأمل لإخفاق المجلس في تحمل مسؤولياته، قائلاً «إن التاريخ سيذكر هذه الجلسة وسيذكر مواقف كل عضو في مجلس الأمن من مشروع القرار الإنساني والمتوازن التي تقدمت به الكويت وبلجيكا وألمانيا والذي كان يهدف فقط إلى حماية المدنيين في إدلب».
واضاف «ان نساء وشيوخ واطفال إدلب بشكل خاص سيذكرون نتيجة التصويت على هذا القرار وسيكونون قاسين في حكمهم على مجلس الأمن»، مشيراً إلى «أن فشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع قرار إنساني بحت لهو إخفاق يضاف الى سلسلة اخفاقات المجلس في الملف السوري الذي يتداوله المجلس لسنوات طويلة، من دون إحراز تقدم حقيقي وملموس ينهي المعاناة التي يعيشها الشعب السوري».
واعتبر أن «استخدام الفيتو يعني استمرار تعرض حياة الملايين من السوريين في شمال غربي سورية للخطر في الوقت الذي تحذر فيه الأمم المتحدة مراراً من إمكانية وقوع أكبر كارثة انسانية في القرن الـ21 في حال استمرت العمليات العسكرية».
ولفت العتيبي الى أن التصعيد العسكري في شمال غربي سورية منذ أواخر شهر أبريل الماضي أدى إلى نزوح أكثر من نصف المليون شخص، ومقتل أكثر من ألف مدني نصفهم من النساء والاطفال، إضافة الى إلحاق أضرار جسيمة بالمرافق الصحية والتعليمية والمدنية.