... يبدو أن «الفيفا» استسلم لـ «طاغوت الأندية»

1 يناير 1970 06:32 م

مانشستر سيتي الإنكليزي يفرض نفسه أول نادٍ بتشكيلة تتجاوز قيمتها السوقية مليار يورو 

 

من كان نجم الانتقالات الصيفية للموسم 2019-2020 في أوروبا؟
في البداية، يجدر بنا الإشارة إلى أن الأندية في البطولات الخمس الكبرى (إنكلترا، إسبانيا، إيطاليا، ألمانيا، فرنسا)، صرفت ما مجموعه 5.5 مليار يورو خلال صيف 2019، محققةً رقماً قياسياً جديداً على هذا الصعيد، بفارق 0.9 مليار عن الرقم القياسي السابق المسجل في 2018. وبالتالي، كانت المليارات... النجم الأبرز في «صيف الانتقالات».
وكالعادة، احتل الدوري الإنكليزي الممتاز المركز الأول بـ1.55 مليار يورو.
وحققت الدوريات الأربع الأخرى أرقاماً قياسية، متجاوزةً ما أنفقته في كلٍّ من المواسم السابقة، فقد تخطى الدوري الإسباني للمرة الأولى حاجز المليار يورو (1.37)، فيما ذهب المركز الثالث إلى الدوري الإيطالي (1.17) الذي تفوق على الألماني (740 مليوناً) والفرنسي (670 مليوناً).
ويعود السبب في هذا الارتفاع «الجماعي» الى عوامل عدة، أبرزها ارتفاع مداخيل البث التلفزيوني للمباريات، فضلاً عن الحوافز والجوائز المالية التي تتحصل عليها الأندية من المسابقتين القاريتين (دوري الأبطال و«يوروبا ليغ»)، أضف إلى ذلك العمل الفردي لكل نادٍ على جبهة التغيير الإداري وتحسين التشكيلة لتحقيق النتائج المشجعة التي من شأنها أن تسوّق للعلامة التجارية وبالتالي تسجيل أرباح إضافية.
ولا شك في أن التحسن المطّرد للوضع المالي للأندية ساهم، في مكان ما، في انحسار حاجة الأندية إلى بيع أفضل لاعبيها.
وعلى الرغم من أن الـ«بريمير ليغ» لم يحقق رقماً قياسياً جديداً، خلال الصيف، وذلك للمرة الأولى منذ 2015، إلا أنه يتوقع أن تتطور الأرقام في المواسم القليلة المقبلة.
اللافت أنّ 2 من الـ5.5 مليار يورو التي صُرِفت، هذا الصيف، انحصرت في 11 نادياً، وهو الأمر الذي يؤكد بأن الهوّة آخذة في الاتساع بين الفرق الأوروبية رغم العمل الكبير الذي قام به الاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة لتحفيز الفرق «المتوسطة» من خلال منحها مقاعد إضافية، سواء في دوري الأبطال أو «يوروبا ليغ».
وبات مانشستر سيتي، بطل الدوري الإنكليزي، أول نادٍ في التاريخ يجمع تشكيلة تقدر قيمتها السوقية بمليار يورو، بحسب صحيفة «ديلي ميل» البريطانية نقلاً عن مرصد «CIES» المختص بالمال والأعمال في عالم كرة القدم.
وتجاوزت تشكيلة «سيتي» حاجز المليار يورو بعد إنفاق 168 مليونا في سوق الانتقالات الصيفية الأخيرة، حيث جرى التعاقد مع الإسباني «رودري» من أتلتيكو مدريد والبرتغالي جواو كانسيلو من يوفنتوس الإيطالي.
وأوضحت دراسة «CIES» التي تتخذ من سويسرا مقرا لها أن «سيتي» أنفق 1.014 مليار يورو على تشكيلته الحالية، متقدماً على باريس سان جرمان بطل فرنسا (913 مليون يورو) وريال مدريد الإسباني (902).
وجاء رابعاً مانشستر يونايتد الإنكليزي (751) أمام مواطنه ليفربول بطل أوروبا (639).
وأشارت الدراسة إلى أن متوسط قيمة تشكيلة أندية الدوري الإنكليزي يبلغ 345 مليون يورو.
وعلى الجانب الآخر من الترتيب، يملك بادربورن الألماني التشكيلة الأقل قيمة في الدراسة (أربعة ملايين يورو) بين اندية الدوريات الخمس الكبرى.
ويلاحظ في السنوات الأخيرة قيام الأندية الأوروبية باستغلال «نظام الإعارة»، حيث بلغ ما صرفته على استعارة لاعبين في العام 2017 حدود 500 مليون دولار أميركي.
والجدير ذكره أن الأندية باتت تستغل «نظام الإعارة» في غير الهدف الذي وضع من أجله.
فقد هدف النظام الى منح الشبان في صفوف الأندية الكبرى، وقتا أطول للعب، من خلال اعارتهم الى أندية أخرى أقل شأنا، توفر لهم فرصة خوض مباريات لفترة أشهر أو أكثر، على عكس المتاح لهم في أنديتهم الأصلية.
الأندية «تتلاعب» مستغلّةً هذا النظام لضم لاعبين من خلال «الإعارة» عوضاً عن الشراء وذلك للبقاء ضمن حدود متطلبات «اللعب المالي النظيف» المفروض من الاتحاد الأوروبي، كما تستغله للتخلص من لاعبين فائضين يحصلون على رواتب مرتفعة. وفي الآونة الاخيرة، أخذت أندية تشتري لاعبين لا تلبث أن تعيرهم فور وصولهم، وذلك لمدة موسم مثلاً بهدف التخفيف من قيمة مبلغ الشراء.
إن الأرقام التي يشهدها سوق الانتقالات، سواء الصيفية منها أو الشتوية، تتم تحت أنظار الاتحاد الدولي للعبة (الفيفا) الذي يعتبر الناظم لها ولأنظمتها ومن ضمنها «الإعارة» التي تُستغل استغلالاً واضحاً، وهو لا يأتي بأي خطوة للحد من تحويل كرة القدم على مستوى الأندية، إلى منصة تجارية بحتة لا تحترم جوهر الرياضة.
ربما خشي الاتحاد الدولي، في مكان ما، من قوة الأندية، لذا لم يواجهها بحقائق ثم بأنظمة تحدّ من فلتانها في السوق، لكنه لا يعلم بأنها باتت قادرة، اليوم، على أن تستقوي عليه، لتعيش معه... أو من دونه.