الأغنية الكويتية تطوّرت... رغم أن النظرة الاجتماعية لم تكن مُشجعة
احتضنت رابطة الأدباء الكويتيين في مقرها بالعديلية «شيخ الملحنين» الملحن القدير أنور عبدالله، وذلك مساء الخميس الماضي، بحضور جمع من الفنانين، في مقدمهم الفنان القدير عبدالعزيز المفرج «شادي الخليج»، بينما أدار الأمسية، التي تخللتها وصلة غنائية بصوت الفنانة دلال، الإعلامي عبدالعزيز التويجري، الذي وصف عبدالله بأنه «ابن الوطن العصامي الذي بنى نفسه بنفسه، حتى أصبح علماً من أعلام الفن الكويتي، فهو موسيقار رائد بشهادة من سبقوه».
كما قدم التويجري نبذة مقتضبة عن المحتفى به، قائلاً: «اكتشف أنور عبدالله موهبته مبكراً، حيث بدأ التلحين والعزف، وحاز جوائز متعددة بينها جائزة الدولة التقديرية العام 2014، واكتشف أصوات غنائية بارزة مثل الفنانة الإماراتية أحلام، إلى جانب أنه يمتلك بصمات موسيقية كبيرة تقدر بـ500 أغنية تقريباً، وتعامل مع نجوم الغناء الكويتي والخليجي».
واستعرض عبدالله مسيرته الموسيقية، كاشفاً عن أنه كان يعشق الموسيقى منذ الصغر، خصوصاً آلة «الدرامز»، ومن ثم تعلم العزف على آلتي «الأكورديون» و«العود» لاحقاً. وألمح إلى أن دخوله المعهد العالي للفنون الموسيقية كان من أهم القرارات في حياته، وتم ذلك عندما كان طالباً في الثانوية رغم معارضة أسرته، إذ درس الموسيقى على يد الأستاذ عبدالفتاح صبري، ومن ثم تخرج وكان من ضمن دفعته الدكتور بندر عبيد والدكتورعبدالله الرميثان، مشيراً إلى أنه كان من عشاق فن وصوت محمد جمعة.
واستذكر عبدالله أنه قام بشراء أول «عود بغدادي» بمبلغ قدره ثلاثون ديناراً، وقام بدفعها أقساط متتالية، مؤكداً أنه لا يزال محتفظاً به لغاية الآن، مبيناً أنه تفوق في دراسته الموسيقية وتعرف على الفنان عبدالعزيز السيب، الذي غنى أول لحن له في العام 1986 بعنوان «يا قمرية الوادي» من كلمات الشاعر أحمد شوقي، كما قدم لحناً آخر للفنان السيب بعنوان «دعانا وصلك في ليل الأماني»، «وكان ثمرة تعاون مع الشاعرة خزنة بورسلي التي التقيت بها في رابطة الأدباء»، مضيفاً، أنه تخرج من المعهد الموسيقي وعين معيداً له، وقدم في الساحة الغنائية العديد من الألحان الناجحة، وكانت الانطلاقة في حقبة الثمانينات لا سيما من خلال مقدمة المسلسل التلفزيوني «الغرباء» التي صاغها الشاعر عبداللطيف البناي وتغنت بها الفنانة الراحلة رباب.
وكان عبدالله استهل حديثه بالتطرق إلى نشأة الأغنية الكويتية، لافتاً إلى أنها ارتبطت بالشاعر القدير محمد بن لعبون، الذي قال عنه إنه أحد أمراء الشعر النبطي والذي نسب إليه الفن اللعبوني والسامري، إلى جانب عبدالله الفرج، «الذي سبق زمانه كونه أول من أدخل الإيقاعات إلى الأغنية الكويتية، وهو أصل الموسيقى في الكويت ورائدها، بإدخال فن الصوت والمساهمة بانتشاره، وكان لديه منزل عبارة عن ملتقى الفنانين وقتذاك، وعمل الكثير من الألحان البارزة مثل أغنية (تريد الهوى)».
وشدّد في سياق حديثه على أن الأغنية الكويتية تطورت بأصوات ملحنين ومطربين عديدين، في ظل إنشاء مركز الفنون الشعبية، بالرغم من أن النظرة الاجتماعية السائدة للفنانين في ذلك الوقت لم تكن مشجعة، وكان الراحل سعود الراشد يقول إنه «يخش العود» حتى لا يراه الناس، منوهاً إلى أن النقلة الفارقة في تاريخ الفن الكويتي أحدثها الراحل أحمد باقر و«شادي الخليج» كونهما كسرا الحاجز التقليدي الذي كان سائداً في تلك المرحلة لناحية الأصوات الموجودة، وقدما معاً أول لحن «كفى الملامة» من كلمات فهد العسكر الذي أحدث ضجة ونقلة ونجاحا، إضافة إلى أغنية «لي خليل حسين» عام 1966، ومن ثم قدما الكثير من الأعمال الجميلة. وتمنى عبدالله من وزارة الإعلام والجهات المعنية العمل على إخراج الألحان التي جمعت أحمد باقر و«شادي الخليج» ولم ترَ النور حتى يومنا هذا، مبدياً استعداده بتنفيذ تلك الأعمال.
وتابع: «إن فكرة إنشاء معهد الدراسات الموسيقية كانت ثمرة عمل ودراسة واجتهاد الراحل أحمد باقر، الذي درس في مصر وحصل على الدبلوم وتخرج بامتياز من أجل تحقيق هذا الحلم الموسيقي الكويتي، ورغم أن ميزانية إنشاء المعهد تتطلب مبلغ 160 ألف دينار إلا أنه استطاع في الميزانية المتاحة وقدرها 35 ألف دينار من إطلاق المعهد عام 1972 عبر منزل قام باستئجاره في منطقة الفيحاء، وقام باستقطاب مجموعة من الموسيقيين، حيث قام بتخريج الدفعة الأولى التي تضمنت فنانين عديدين، من طراز عالية حسين وراشد الحملي، كما تم إنشاء المعهد العالي للفنون الموسيقية في منطقة شرق، والذي قام بتخريج نخبة من الفنانين مثل الدكتور حمد الهباد».