على مدى قرون طويلة امتدت الإمبراطورية الرومانية وهيمنت على مناطق كثيرة، وخاضت حروباً طاحنة ضد الإمبراطورية الفارسية، وكانت الغلبة للروم تارة وللفرس تارة أخرى!
وكان العرب يخضعون للروم أو للفرس من دون أن يكون لهم وزن أو تاريخ، ومن أشهر ملوك الروم هو الاسكندر الأكبر الذي عاش في الفترة من 356 وحتى 323 قبل الميلاد، وتتلمذ على يد الفيلسوف أرسطو، وأسس أعظم الإمبراطوريات ولم يهزم في معركة قط، واستطاع توحيد مناطق شاسعة من الإمبراطورية، وحارب الفرس وانتصر عليهم، وسار بجيشه ناحية الهند عام 326 ق. م، لكنه اضطر للرجوع بسبب تمرد جنده عليه!
وقد سطّر القرآن الكريم المعركة الأخيرة بين الروم والفرس، في سورة الروم، وبشر المسلمين بقرب انتصار الروم على الفرس، واعتبرها فرحة للمؤمنين لأن الروم أقرب إلى المسلمين من الفرس، الذين هم أمة مجوسية يعبدون النار!
ما إن انتشرت الدعوة الإسلامية المباركة في جزيرة العرب، حتى أسقطت دولتي الروم والفرس، وامتدت خلال أقل من قرن في جميع البلدان التي كانت تحكمها هاتان الإمبراطوريتان ونشرت رسالة التوحيد وأقامت العدل والمساواة بين الشعوب، وأسست حضارة أبهرت العالم لقرون عدة وقادته في جميع المجالات!
ولكن كما هي طبيعة الحضارات، فقد تمزقت الدولة الإسلامية وسقطت دولها في أتون التخلف والصراعات، وحتى بعد نهوض أوروبا ودول الشرق ظل المسلمون في تخلفهم وسقطوا ضحية الاستعمار ونهب ثرواتهم والحملات الصليبية على بلادهم.
اليوم في ظل التغيرات العالمية نرى أن الصراع يتجدد بين الإمبراطورية الرومانية التي يمثلها الغرب والولايات المتحدة الأميركية وبين الفرس الذين تمثلهم إيران، والتي عادت الى طموحاتها القديمة بإقامة إمبراطوريتها الساسانية، حتى وإن رفعت شعار تصدير الثورة الإسلامية!
ومن يقارن بين سلوك الدولة الفارسية (الفاجارية) وقت الشاه وبين سلوك ملالي إيران، لا يكاد يرى فارقاً من دول حيث الأطماع والسياسات.
دول الخليج تشعر بأنها ضحية ذلك الصراع المرير الذي تسبّبت فيه إيران وطموحاتها النووية، وتدرك أنها هي الهدف من أي توسع إيراني، ولكن المشكلة هي أن الغرب - الذي يوهمنا بأنه يقف إلى جانبنا - لا يبعث على الطمأنينة لأن مصالحه قد تتطلب منه عقد الصفقات مع النظام الإيراني والتضحية بنا، فهم لا يحسبون حسابنا إلا بما يحقق أهدافهم ومصالحهم!
وهكذا تدور الأيام ونعيش الصراعات المستمرة من دون بارقة أمل، في أن نسعى لتوحيد صفوفنا والاستغناء عن غيرنا، وإلى الله المشتكى!