بحر الكلمات

«جنودٌ مُجندة»

1 يناير 1970 02:21 ص

كلنا جندٌ من جنود الله، دماؤنا الفوارة من القلبِ إلى أنحاءِ الجسد، الكونُ العظيم المحيط بنا، الفضاءات المتلألئة الساطعة، الأرض و ما تحتويه، وخزائنها التي تأتي بأمر الله، جندٌ من جنودِ الله.
وكل خلق الله روح... كل ما ينبض، يعيش ويتنفس ويملك سمات الحياة، روح.
بل الجبال وهيبتها، الصخور وقسوتها... جند من جنود الله.
و«الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف» حديث شريف.
وهكذا... المتشابهون في الروح يتعارفون وينسجمون و يتآلفون، والعكس... أليست هذه معجزة جميلة، بأن تشعر الروح بأمثالها؟!
ويحدث أن تلتقي بأحدهم فلا تشعر بانسجامٍ في الحديث والشخصية، ويحدث العكس.
ولأن الروح في القلب، وفي الحواس والجسد كله... بدايةً من نافذةِ البصر إلى الأحاديثِ العابرة، فهذا حديث قريبٌ من الروح يشبهها، وهذا الحديث غريب تماماً عن روحك، لا يشبهها... وهذا منظر يريح النظر ويستقر في القلب، وهذا غير ذلك تماماً... لذا قد تتقبل ما لا يتقبله غيرك، وقد تحب ما لا يحبه غيرك.
نحن مختلفون، الكون مختلف كذلك بألوانه، ولكن يكمله الآخر، يكمله ما يعينه على رسالته في الحياة.
ونحن كذلك متشابهون في بعض السمات، كما أن لكل روح بصمة مختلفة.
والسؤال هنا؟ من يحدد وجه الاختلاف في الروح؟ وجدت أنها الميول والاهتمامات، أنت وقلبك من يحددها، مبادؤك التي تتحدث عنها، قواعدك المتينة، كل هذا يحدد ما تميل له روحك وتحبذه.
أنت روحٌ، قلبٌ وعقل، روحك تستهوي ما تؤمن به ويصدقه قلبك وعقلك، هي طوع إيمانك وطريقك.
وهي «جنودٌ مجندة»... متآلفة ومتنافرة، وهذا يكفي لأن نكون معا على الخُطى نفسِها، أو أبعد ما يكون من ذلك كثيراً، لأنها تأتي بأمر الله!