الرياضيون في الغزو... شهداء وأسرى ومقاوِمون

1 يناير 1970 03:46 ص

كما هي الحال بالنسبة إلى كل القطاعات في البلاد، عانت الرياضة الكويتية ومنتسبوها من أضرار الغزو العراقي الغاشم والذي بدأ فجر الثاني من أغسطس 1990.
في الفترة التي سبقت ذلك التاريخ كان الرياضيون الكويتيون يستعدون لبدء موسم جديد من خلال التحضير للخروج في معسكرات خارجية للأندية والمنتخبات الوطنية وفي مختلف الألعاب، وكان الاستحقاق الابرز المشاركة في دورة الألعاب الآسيوية الحادية عشرة في العاصمة الصينية بكين في أكتوبر، حيث من المقرر ان تشارك الكويت بوفد كبير وبفرق عدة يتقدمها منتخب كرة القدم المتوج بلقب «خليجي 10» في مارس من العام نفسه والذي كان قد بدأ بالفعل بالاستعداد من خلال معسكر خارجي في مدينة فيشي الفرنسية.
وقْع نبأ الغزو كان كبيراً على لاعبي «الأزرق» في فرنسا، ومنهم من لم يصدق ما سمعه، قبل أن يتمكنوا من استيعاب الصدمة تدريجياً ويفكروا بالخطوة التالية، الاطمئنان على الأهل والأحبة في الوطن من خلال محاولات اتصال تعثر اغلبها بعد قطع الاتصالات الدولية من والى الكويت.
قرر الجميع مغادرة فرنسا سواء بالاتجاه الى المملكة العربية السعودية او احدى الدول التي تتواجد فيها أسرهم، او محاولة دخول الكويت لمن لم يتمكن من التواصل مع ذويه أو تأكد من عدم خروجهم من البلاد.
في هذه الاثناء كانت الاخبار تتوالى، استشهاد رئيس اتحاد كرة القدم واللجنة الأولمبية الشيخ فهد الأحمد، وسقوط شهداء آخرين خلال المعارك التي جرت في محيط معسكر «جيوان» من بينهم نجم المنتخب الوطني لكرة السلة قشيعان المطيري.
كان قشيعان يستعد للمغادرة إلى المانيا في الرابع من أغسطس، لخوض معسكر تدريبي مع منتخب كرة السلة استعداداً لـ «الآسياد»، ولكنه وجد نفسه يلتحق بزملائه في رئاسة الأركان الذين اشتبكوا مع الجيش الغازي في معارك طاحنة، حتى جاءته قذيفة ثقيلة اصابته في بطنه ورجله فتم نقله بسيارة جيب عسكرية إلى المستشفى قبل ان يفارق الحياة شهيداً سعيداً.
شيئاً فشيئاً بدأ الشباب الكويتي بالتعايش مع ظروف الغزو ومتطلبات التعامل معه، فعملوا في مهن لم يكونوا معتادين عليها، فنظفوا الشوارع وعملوا في المخابز، وقاوموا المحتل سلمياً من خلال الاحتفاظ بالهوية الكويتية وعدم الالتفات الى محاولات تغييرها والتي تركزت حول لوحات أرقام السيارات أو بطاقات التعريف.
لم يسلم الرياضيون الكويتيون من ملاحقة أزلام النظام الذين كانوا يرغبون في اضفاء الشرعية على الغزو من خلال استقطاب واستمالة شخصيات كويتية مشهورة، وبالطبع كان اللاعبون الدوليون هدفاً رئيسياً بالنسبة لأجهزة الاستخبارات وبالتعاون مع من لعبوا دور «المعرّفين» والذين كان من بينهم إعلاميون ولاعبون عراقيون ابرزهم عدنان درجال. وقد تحولت منشأت الأندية إلى ثكنات عسكرية ومقار لتعذيب الشباب.
ويروي لاعب منتخب الكويت ونادي القادسية السابق محمد إبراهيم كيف تعرّض الى ملاحقة من درجال وآخرين بدعوى رغبة الأخير بشراء سيارته «المرسيدس»، كما تعرض زميل ابراهيم ومدافع نادي الكويت عادل عباس الى وضع مماثل.
لم يكن الرياضيون استثناء في حملات الأسر والاعتقال التي طالت جميع شرائح الشعب الكويتي، فمنهم من تم أسره في الساعات الأولى من الغزو وغالبيتهم من العسكريين، ومنهم من وقع في قبضة المحتل خلال أيام الاحتلال الصعبة، وفي النهاية عاد البعض منهم أحياء ولكن بعد أن انهكتهم أيام وليالي الأسر القاسية، فيما طال غياب البقية حتى تم اكتشاف رفاتهم في مقابر جماعية في مدن عراقية عدة.
وتضم قائمة شهداء الرياضة مجموعة كبيرة من بينها رئيس نادي القادسية يوسف المشاري والمدرب خالد ادريس، واللاعبون أحمد قبازرد، جمال الجزاف، ميثم المولي، احمد الطراروة، احمد الخواري، جمال السالم وعصام سعد الله، وغيرهم.
خارج الوطن المحتل، كان رياضيو الكويت يقومون بعمل لا يقل أهمية عن اخوانهم في الداخل، فمنهم من تطوع في القوات التي شاركت في التحرير، ومنهم من حمل على عاتقه مسؤولية ابقاء اسم الكويت في المحافل الرياضية الخارجية.
وتمكنت الكويت من ارسال وفد رياضي للمشاركة في «آسياد بكين» كان من ضمنه منتخب كرة القدم الذي خاض 3 مباريات ضمن المجموعة، ففاز على هونغ كونغ 2-1 وخسر من تايلند بنفس النتيجة، وتعادل مع اليمن من دون اهداف، ليتأهل إلى الدور ربع النهائي ويصطدم بالمنتخب الكوري الجنوبي القوي ويخسر أمامه بصعوبة بهدف وحيد.
وتكون المنتخب الذي قاده المدرب الوطني محمد كرم من اللاعبين: سمير سعيد، أسامة حسين، سامي الحشاش، وائل سليمان، خالد الجار الله، نواف جابر، راشد بديح، وليد البريكي، نواف جديد، صالح المسند، عادل الخليفي، أحمد عسكر، علي مروي، عبدالعزيز الهاجري، حمد الصالح وعنبر سعيد.