بعد 29 عاماً... الكويت والعراق «محور الحكمة»

1 يناير 1970 02:35 م

المغامس لـ «الراي»: 

- زيارة سمو الأمير التاريخية في يونيو الماضي وطّدت العلاقات وشجّعت الاستثمارات

- إرادة مشتركة بفتح صفحة جديدة وحل القضايا العالقة

 

بعد مرور 29 عاماً على الغزو الصدامي، أصبحت العلاقات بين الكويت والعراق في مكان آخر تماماً، إذ يعكف البلدان على حل الملفات العالقة، على مختلف المستويات، بالتوازي مع تطوير العلاقات الثنائية، من خلال تبادل الزيارات الرسمية وتعزيز التنسيق في المجالات الاقتصادية ورفع مستوى التبادل التجاري بما يعود بالنفع على البلدين والشعبين الكويتي والعراقي.
وإلى الشق الثنائي، تطور التعاون والتنسيق بشكل مطرد في ما يتعلق بالقضايا الإقليمية، وعلى رأسها التوتر الإيراني - الأميركي وما يستتبعه من انعكاسات على الاستقرار، إذ كان لافتاً الموقف المشترك الذي صدر عن القيادتين بعد الزيارة التاريخية التي قام بها سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد إلى بغداد في يونيو الماضي، والمتمثل بضرورة «تضافر الجهود لمواجهة التطورات الأخيرة، بالدعوة إلى الحكمة والعقل، والتعامل معها بما يحقق للمنطقة النأي بها عن الصدام والتوتر».
وفيما بات مراقبون يطلقون على الكويت والعراق «محور الحكمة» في المنطقة انطلاقاً من شبه التطابق في موقفيهما الداعيين إلى الحلول السياسية للأزمات والتعاطي بحكمة مع التوترات والعمل على التهدئة، أكد المدير السابق لإدارة المتابعة والتنسيق في وزارة الخارجية رئيس لجنة الحقوق المدنية والسياسية في الديوان الوطني لحقوق الانسان السفير خالد المغامس أن العلاقات الكويتية ـ العراقية شهدت في السنوات الأخيرة تطوراً إيجابياً ملموساً على مختلف الاصعدة، حيث قام صاحب السمو في العام 2012 بزيارة تاريخية إلى العراق، ترأس خلالها وفد الكويت الى القمة العربية الـ23 في بغداد، وكان لهذه الزيارة أثر عميق في توطيد العلاقات بين البلدين.
ولفت إلى أنه بعد سقوط النظام العراقي السابق بدأت الكويت والعراق بانتهاج سياسة جديدة لتطوير علاقاتهما الثنائية، مشيراً إلى وجود سمة مشتركة بين شعبي البلدين كونهما تعرضا للمآسي على يد النظام العراقي السابق.
وقال المغامس، في تصريح لـ«الراي»، إن هناك إرادة مشتركة بفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين وحل القضايا العالقة، لافتاً إلى أنهما بدآ هذا العمل في العام 2004، ومنها موضوع الخطوط الجوية الكويتية وصيانة العلامات الحدودية وتنظيم الملاحة في خور عبدالله، كونها كانت أكثر القضايا الشائكة بين البلدين وكذلك موضوع الأسرى والمفقودين الكويتيين.
وأضاف انه خلال الأعوام الأخيرة بدأ التوجه لتطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين عن طريق تشجيع القطاع الخاص والاستثمارات المتبادلة بين البلدين، لافتاً إلى أن استضافة الكويت مؤتمر إعادة إعمار المناطق المتضررة من تنظيم «داعش» في العراق كان من أكثر الأمور إيجابية في علاقات البلدين.
واستذكر انعقاد اللجنة الفنية المنبثقة عن اللجنة الثلاثية المختصة بالمفقودين الكويتيين العام 2004 في الأردن والتي أعلن فيها الوفد العراقي عن أول قائمة للأسرى الكويتيين الشهداء في العراق وعددهم نحو 300 أسير، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من أماكن المقابر الجماعية للمفقودين معروفة لدى الصليب الأحمر والكويت والعراق.
وأضاف أن تأسيس اللجنة العليا المشتركة برئاسة وزيري خارجية البلدين في 12 يناير 2011 جاء تنفيذاً لما تم الاتفاق عليه بين حكومتي البلدين بهدف تعزيز التواصل وتبادل الزيارات، وتجسيداً للروابط والعلاقات الأخوية والمصالح المشتركة، حيث عقدت أولى اجتماعات اللجنة الكويتية ـ العراقية المشتركة العام 2011 في الكويت، وأكد الجانب العراقي خلالها التزامه بكل القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن، لاسيما القرار (833) الخاص بترسيم الحدود بين البلدين.
وأضاف أنه في العام 2012 عقد الاجتماع الثاني للجنة العليا المشتركة في بغداد استكمالاً لاجتماعات الدورة الاولى ولحسم الملفات العالقة بين البلدين، وتكلل الاجتماع بالتوقيع على اتفاقيتين، الأولى تتعلق بتشكيل لجنة مشتركة للتعاون الثنائي، فيما ترتبط الثانية بتنظيم الملاحة في خور عبدالله كضمان لمصالح العراق الملاحية والتجارية.
كما أكد أن الزيارة التاريخية لسمو الأمير للعراق في يونيو الماضي جاءت لمزيد من توطيد العلاقات الثنائية وتشجيع الاستثمارات بين البلدين، مشيراً إلى أن ما يهم الكويت هو تطور واستقرار العراق، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على الكويت.
وفي مقابل المواقف الكويتية الإيجابية، برزت مواقف مماثلة من العراق، إذ قال الرئيس العراقي برهم صالح إن العلاقات بين البلدين قطعت أشواطاً كبيرة إلى الأمام بفضل حكمة ورغبة القيادتين في البلدين لتجاوز مخلفات الماضي.
بدوره، وصف رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي العلاقات بين البلدين بالاستثنائية، مؤكداً أنه يسودها التعاون وحسن النوايا والرغبة المشتركة بتطويرها في جميع المجالات التي تخدم الاستقرار والتنمية والازدهار الاقتصادي.
وشدد على أن حجم الثقة المتنامية بين العراق والكويت صار أكبر بكثير من حجم المخاوف السابقة بين البلدين.
كما أثنى رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، الذي زار البلاد قبل أيام، على دور الكويت الداعم لبلاده، مؤكداً عمق العلاقات التاريخية والأخوية المشتركة بين البلدين.