أردنيون كانوا يحضرون للسفارة ويقدمون خدماتهم من سكن وأموال وأسلحة
في السعودية رأينا الفزعة من أهلها الذين يتسابقون لخدمتنا
بروح المسؤولية والخبرة العسكرية الطويلة الزاخرة بمعارك النصر والعزة والكرامة والتحرير، استذكر اللواء ركن متقاعد مساعد العريفان محنة الغزو العراقي الغاشم على الكويت التي كانت صدمة وخنجر غدر من جار، لطالما كان يعتبر بمثابة الشقيق والجار الوفي، حتى انكشف أمره في ليلة 2 أغسطس 1990... تلك الليلة الظلماء مكتملة الأركان والأوصاف بغدرها، ولم تشهد البشرية مثيلها في الخيانة والامعان في القتل والتدمير والحرق والنهب الذي طال كل شيء.
ويعيد اللواء العريفان شريط ذكريات هذه الايام السوداء التي مرت على الكويت في أيام الغزو، ويقول لـ«الراي»: «سافرت في بداية شهر يوليو إلى الاردن في دورة تدريبية لأمار الكتائب مع أسرتي، ولما حدث الغزو العراقي أصبت بالصدمة والذهول، وهذا كان في ساعات الفجر الاولى، بعد أن أبلغني أحد الزملاء بالخبر السيئ، فتوجهت إلى السفارة الكويتية في العاصمة الاردنية ولم تكن لدينا معلومات كافية، وبعد ذلك قمنا بعمل مسيرات تندد بالغزو العراقي، وكنا نخرج من وقت إلى آخر لاعلان رفضنا للغزو، واذكر أن هناك أردنيين يحضرون للسفارة يعرضون خدماتهم من توفير سكن وأموال واسلحة للكويتيين ولحماية السفارة. وفي المقابل كانت هناك مظاهرات أخرى تؤيد صدام حسين أمام الجامعة الاردنية».
وأضاف «بعد أسبوعين توجهنا إلى المملكة العربية السعودية إلى منطقة حائل، ورأينا الفزعة من أهل السعودية الذين يتسابقون لخدمتنا، وبعد أسبوع اتصلت بالسفارة وتحدثت إلى العقيد رياض الصانع رئيس المكتب العسكري، والتحقت بقاعدة الملك خالد في حفر الباطن، وقامت الحكومة السعودية بتوفير كافة الامكانات لتمكين القوات الكويتية لاعادة تشكيل قوتها، وبدأنا بتأسيس قوة عسكرية ومن هنا بدأت الانطلاقة وبعدها تم تدريب كتائب في مصر وتم تشكيل وحدات عسكرية، وكنا نترقب اللحظة لتحرير وطننا من براثن الغزاة ولما حانت الساعة دخلنا وكان الجيش السوري يتولى مهام استلام الاسرى العراقيين. وكان الجيشان السوري والمصري مشاركين بأفضل نخبة من العسكريين وهما الفرقتان الرابعتان، لأن مهمة استلام الاسرى مهمة صعبة للغاية وطريقة التعامل معهم، وأذكر أن أهل المملكة العربية السعودية يزودون القوات العسكرية بجميع المستلزمات إلى أن تولى المهمة متعهد».
وتابع «دخلنا عن طريق السالمي، وقد وضعت القوات حقول ألغام وسداً نارياً مليئاً بالنفط لاشعاله، ولكن الله ستر، وسلم العقيد العراقي المسؤول عن إشعال الحرائق نفسه، وتولينا مهمة تأمين المناطق السكنية وكان الدخان يملأ السماء، فالنهار يتحول إلى ليل بسبب الدخان، وكانت المناطق السكنية خالية من المواطنين، ورأيت طريق المطلاع الذي شهد قصف القوات العراقية الهاربة، وكان منظراً غريباً أول مرة أشاهد في حياتي نتيجة بشاعة المشاهد وحجم التدمير الذي أصاب المعدات العسكرية».
واستذكر العريفان أيام التحرير بالقول: «كانت معنويات العسكريين الكويتيين مرتفعة للغاية، والكويت دفعت ثمن تمسكها بالوحدة العربية وعدم شق الصف... فالكويت عربية أكثر من العرب وفلسطينية أكثر من الفلسطينين، كما انني رأيت معدات تعذيب وأدوات لضرب الكويتيين وتعذيبهم من العراقيين».
بعد تحويله إلى معسكر
«النادي العلمي» نُهب بأوامر من عُدي
| كتب غانم السليماني |
لم تسلم معظم المؤسسات والمنشآت الكويتية من أعمال التخريب والتدمير والنهب التي اقترفها النظام العراقي البائد إبان الغزو الغاشم، ومن بين هذه المؤسسات النادي العلمي الذي استخدمته القوات العراقية كموقع عسكري، الأمر الذي أدى إلى تكبد النادي أضراراً كبيرة، إلى جانب نهب وسرقة معظم محتوياته ومقتنياته بالكامل ونقلها إلى بغداد، بتعليمات وأوامر من عدي صدام حسين، ومنها مطبعة النادي الحديثة التي كانت تتولى طباعة مجلة النادي «المجرة».
ولم تتوقف فظائع جنود الاحتلال العراقي عند هذا الحد، فقد تم إتلاف أجزاء كثيرة من المباني والمعدات والآلات، حتى أرضيات وورش النادي لم تسلم من ذلك.
وعن تلك الفترة يقول الأمين العام الأسبق للنادي العلمي داود سليمان الأحمد إن «القلق على الكويت بصفة عامة كان الشغل الشاغل فلم نفكر في شيء إلا في وطننا الكويت بعد أن عادت إلينا وتحررت من أيدي الغزاة الطامعين، مع العلم اننا كنا على اتصال دائم لمعرفة ظروف النادي العلمي خلال هذه المحنة العصيبة».