نسمات

البقاء للأصلح... لا للأقوى!

1 يناير 1970 11:40 م

استمتع بمتابعة برامج «ناشيونال جيوجرافيك»، والتي تتناول صوراً ومشاهد واقعية من جميع بلدان العالم، ولا شك أن مصوري تلك القناة هم الأكثر حرفية ومهارة من دون منازع!
الشيء الذي يزعجني في تلك القناة هو أنها تنقل مشاهد العنف والصراع بين الحيوانات المفترسة بطريقة مقززة، وكأنما توحي للمشاهد بأن ما يجري في العالم ليس أكثر من صراع من أجل البقاء، وأن الضعيف لا مكان له في هذا الكون والقوي يقضي على الضعيف!
حتى أفلام الحروب التي جرت بين البشر يتم عرضها بطريقة درامية، تبين وحشية الإنسان وظلمه لأخيه الإنسان!
وقد تفننت قناة «ناشيونال جيوجرافيك» في تصوير دموية العالم ووحشيته، إلى درجة تأسيس قناة خاصة بعنوان «Wild» أي بري أو جامح، وفيها تنقل صوراً واقعية لصراع الحيوانات المفترسة، تقاتل بعضها البعض وتفترس بعضها البعض من دون قطع لتلك المشاهد!
كثيرا ما أسأل نفسي: هل هذه هي الحياة الواقعية التي نعيشها، أم أننا ننزع منها صور المحبة والحنان بين الحيوانات وبين البشر، ونصورها بتلك الصورة البشعة المأسوية، من أجل تشجيع الناس على العنف وانعدام الرحمة بينهم؟!
لو نظرنا إلى الواقع الذي نعيشه اليوم فإن كثيراً من مفاهيم الجاهلية الأولى قد أصبحت شعارات للناس، كما قال الشاعر الجاهلي زهير أبي سُلمى:
ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه يُهدم
ومن لا يظلم الناس يُظلم
وكما قال الآخر: (والظلم من شيم النفوس فإن تجد عادلاً فلعله لا يظلم)، برغم انتشار منظمات حقوق الإنسان وكتابة المواثيق الدولية، إلا أن المناخ السائد اليوم هو: «البقاء للأقوى ولا مكان للضعفاء!».
يبقى بأن نؤمن بأن المسلمين لا يوافقون على الظلم، ويجب أن يرفعوا شعار: «إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، وأن الغاية من الخلق هي: «يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا...»، أما القوة فإن هدفها هو إقرار العدل والمساواة وردع الظالمين، ولهذا اختارها الله تعالى للعالمين «كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر».