هل أُنْهِكَ الجميعُ في لبنان بحيث لم يعد في الإمكان التَمادي في تعطيلِ آلةِ الحُكْمِ بعدما تَكَرَّستْ «المُسْتَحيلاتُ» راسِمَةً مَخْرَجاً وحيداً للأزمة السياسية المستمرّة منذ «حادثة البساتين» (عاليه - 30 يونيو) عنوانه تسويةُ «التعادل السلبي»، أم أن حبْلَ التعقيداتِ «باقٍ ويتمدّد» مُنْذِراً بوضْع البلاد في «فم» مأزقٍ لن يكون بعده كما قبْله؟
سؤالٌ فَرَضَ نفسه في بيروت غداة بلوغ «حرب السقوف» أوْجها بين أطراف الصراع «المتعدّد الوجه» الذي اختزلْته حادثةٌ شكّل «الاشتباك» بين مرافقي الوزير صالح الغريب ومناصرين لـ«الحزب التقدمي الاشتراكي» بزعامة وليد جنبلاط «واجهتِها»، فيما تكمن «أسبابَها العميقةَ» بالخلاف بين جنبلاط و«التيار الوطني الحر» الذي كانت زيارةُ رئيسِه الوزير جبران باسيل لعاليه في 30 يونيو المحورَ الرئيسي لإشكال قبرشمون.
وأمس، زار رئيس الحكومة سعد الحريري، الرئيس ميشال عون في خطوةٍ جرى التعويل عليها لتدوير زوايا الحلّ الممْكن لعقدةِ المجلس العدلي، والذي يريده رئيس الحكومة على قاعدة عزْل العمل الحكومي عن حادثة البساتين بعدما سلكتْ طريقها القضائي إلى المحكمة العسكرية، وتَفادي نقْل الأمور الى أزمة حُكُم بحال عَمَدَ عون إلى طرْح القضية للتصويت من خارج جدول أعمال الجلسة الحكومية، بعدما كان الحريري (الذي يرفض أن يُدْرج الملف على الطاولة كبندٍ) أبلغ مَن يعنيهم الأمر أنه سينسحب من الجلسة في هذه الحال فتُرفع حُكماً.
ورغم أن لقاء عون مع الحريري، الذي غادر القصر مكتفياً بالقول «تفاءلوا بالخير تجدوه»، لم يغِب عنه «اللغم المفاجئ» الذي شكّلتْه إضافةُ مادةٍ الى قانون موازنة 2019 تحْفظ حق الناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية وكان تَحَفَّظَ تكتل لبنان القوي (كتلة عون) عن نتائجها، الأمر الذي تَرَك علامات استفهام حول إذا كان عون سيمتنع عن توقيع القانون ما يعني دخول الموازنة مجدداً في دائرة مماطلةٍ لا تحتملها البلاد، فإن الأنظار شخصتْ على ما أفضى إليه هذا اللقاء لجهة تحديد وُجهة الأزمة التي باتت تترك تداعيات بالغة السلبية على صورة لبنان ومؤسساته.
ولم يكن ممكناً أمس، تَلَمُّس خيوط الحلّ «القابل للحياة»، وسط 3 سيناريوهات بقي التداول قائماً بها: الأوّل «هنْدسة» مسبقة لنتيجة أي تصويتٍ على «العدلي» في مجلس الوزراء بما يؤدي الى «توازن سلبي» يُسْقِطه من دون أن يخسر أحد.
الثاني أن يبقى الاحتكام إلى «العسكرية» كممرٍّ إلى «العدلي»، بعد أن تكون التحقيقات استُكملتْ وسُلّم المطلوبين والشهود من طرفيْ إشكال البساتين على أن يُفكّ أسْر الحكومة، بمعنى «التجرُّع التدريجي» لخيار «العدلي» أو الرهان على عامل الزمن أو خلاصات «مسار العسكرية» لطيّ هذه الصفحة. علماً ان جنبلاط حاول إرساء ما يشبه «ربْط النزاع» بدعوته لضمّ ملفيْ البساتين وجريمة الشويفات (سقط فيها أحد أنصاره بعد انتخابات 2018 على يد مسؤول أمن ارسلان الذي هُرّب الى سورية) فيحالان معاً على «العدلي»، وهو ما سارع فريق ارسلان إلى رفْضه.
والثالث طرْح حادثة البساتين على طاولة الحكومة من باب «البحث والنقاش» وليس كبندٍ على جدول الأعمال بما يُظهّر «السقوط السياسي» لمطلب «العدلي» ويمْنع «انشطار» الحكومة نصفين أو تفجير أزمة بين عون والحريري.