خطة قد لا تنجح... لكنها تستحق فرصة!

1 يناير 1970 09:05 ص

إذا كانت «حماس» و«الجهاد الإسلامي» و«سرايا القدس» وبعض الفاسدين في السلطة الفلسطينية مارسوا ربع قرن من التجارب الفاشلة في إدارة شؤون الفلسطينيين، أو سوء الإدارة للدقة، ما الضير في إعطاء جلسة استماع ومناقشة لخطة جاريد كوشنر رغم التحفظات الأولية عليه؟
يحق لواشنطن أن تتكلم عن القضية الفلسطينية. لا ننسى أن الولايات المتحدة كانت الداعم المالي الأكبر والأضخم للشعب الفلسطيني في العالم على الإطلاق لنحو نصف قرن، وصرفت مئات الملايين من الدولارات على رعاية اللاجئين وعلى التعليم والصحة، بل وفتحت المجال أمام أبناء الفلسطينيين المتعلمين لدخول معترك الحياة المدنية والسياسية الأميركية والترويج للقضية عبرها بل ولتصبح سيدة فلسطينية اليوم عضواً في الكونغرس الأميركي، رغم كل الاتهامات لأميركا بالانحياز لإسرائيل.
النقص الوحيد في خطة كوشنر انتفاء وجود عملية سياسية ترافق الخطة الاقتصادية الطموحة.
أميركا ودول المنطقة ليستا عقبة أمام مستقبل آمن وواعد للفلسطينيين. العدو الأول اليوم أمام مطلب الشعب الفلسطيني الجائز لقيام دولته المستقلة هو فشل القادة الفلسطينيين على مختلف أطيافهم في تقديم نموذج ناجح للإدارة الوطنية، ولمكافحة الفساد، ولتشجيع الاقتصاد، ولمواكبة وتطوير قدرات ومواهب الجيل الجديد من الفلسطينيين. لا بل لا أحد يساعد ويشجع المتشددين في إسرائيل على تبرير تعنتهم وتطرفهم سوى القادة الفلسطينيين غير القادرين على قيادة شعب يغلب عليه طموح الشباب والتململ من الوضع الراهن.
هذا الفشل الفلسطيني من القيادات ساعد المتشددين في إسرائيل في إقناع مواطنيهم واستمالة العالم نحو فكرة عدم قدرة الفلسطينيين على إدارة وتسيير أمور الدولة في حال حصولهم عليها، وأنهم سيعيدون تجربة غزة الفاشلة.
العالم الذي أرسل الملايين لرعاية اللاجئين الفلسطينيين لم يصل بعد إلى مرحلة المطالبة بالتحقيق في الثروات غير الجائزة التي كونتها قيادات فلسطينية، وطنية وإسلامية، مستفيدة من الدعم العربي (وخاصة الخليجي) وكرم الدعم المالي الغربي. لكن إن تم فتح هذا الملف، فستجد هذه القيادات نفسها أمام شعب فلسطيني غاضب، ومؤسسات مالية غربية وحكومات تدعم حق الشعب الفلسطيني في محاسبة قياداته واسترداد الأموال للخزينة العامة.
لا يجب أن تصل الأمور إلى هذا الحد. التعامل الإيجابي مع المتغيرات، واستباق الأحداث واستشفاف المستقبل، ومحاولة التأثير على مسار الأحداث أهم بكثير من مجرد المعارضة للحفاظ على الامتيازات والمصالح الشخصية.
الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي يمكنهما لعب دور أفضل. حل القضية الفلسطينية على أسس عادلة مصلحة استراتيجية اليوم لمعظم الدول العربية والمسلمة الكبرى. دولنا - يتقدمهم الفلسطينيو?ن - تحتاج إلى فرصة لالتقاط الأنفاس والتركيز على تطوير الدول والاقتصاد والإنسان. ومن دون هذا نواجه انكفاءً حضارياً قد ينتهي بفقداننا لمقومات السيادة، وتسيد دول الجوار. والفلسطينيون أكثر من يواجه هذا التحدي. والحل ليس في الاستسلام، ولم ولن يطلب أحد من الفلسطينيين ذلك.
الحل في المشاركة الإيجابية من أجل التأثير على مخرجات العملية السلمية.
لذلك يجب إعطاء خطة كوشنر فرصة الاستماع.

* صحافي وناشط في مجلس حقوق الإنسان في جنيف
www.twitter.com/AQpk18