خيبات ميسي بين فقدان «الحماس الأرجنتيني»... وتفوّق رونالدو

1 يناير 1970 03:45 م

تحبه أو لا تحبه. تعتبره أفضل لاعب في تاريخ كرة القدم أو تفضّل عليه الأرجنتيني دييغو مارادونا والبرازيلي بيليه. ترى بأنه يحتاج إلى لقب مع منتخب بلاده ليثبت نفسه أو تعتبر ما حققه مع برشلونة الإسباني كافياً لاكتمال صورة «الأسطورة» في مسيرته. تصنّفه «من خارج الكرة الأرضية» أو تضعه في خانة نجوم عكّرت «نقاط سوداء» صفحة مشوارهم الناصعة.
قل ما تشاء في الأرجنتيني ليونيل ميسي، لكن لا بد أن تعترف بعبقريته وانتمائه إلى «الزمن الجميل» للرياضة الأكثر شعبية. وفوق كل ذلك، عليك التسليم بأن «البرغوث» تجرّأ، بفضل موهبته، في جعل النقّاد حول العالم يضعونه في موقع ينافس فيه مارادونا وبيليه على لقب «الأعظم» بعدما كانت تلك الاحتمالية ضرباً من الخيال.
ورغم خيبة الأمل الجديدة التي تمثلت بخسارة الأرجنتين أمام البرازيل المضيفة في نصف نهائي «كوبا أميركا 2019»، ناشدت صحيفة «أولي» الأرجنتينية نجمها بعدم الاعتزال دولياً، وكتبت: «لا تتوقف عن المحاولة يا ليو».
ميسي طمأن انصار المنتخب بمواصلة مشواره الدولي مؤكدا بأنه يريد «الاستمرار في مساعدة» الفريق، وقال: «أشعر بالراحة ضمن المجموعة. نملك مستقبلاً جميلاً مع شبان جيدين يحتاجون الى الوقت. يتعين علينا احترامهم».
وربما أراد ميسي طرد النحس الذي يلازمه مع المنتخب من خلال النسخة التالية لـ«كوبا أميركا»، العام المقبل، لان بلاده تستضيف البطولة الى جانب كولومبيا، علما أنه وعد أنصاره بأن يقود الفريق الى اللقب في أحد الأيام بقوله: «لن أنهي مسيرتي مع الأرجنتين دون احراز شيء ما».
قد يُكتب النجاح لميسي في 2020 من بوابة «كوبا أميركا» لكن الرجل ابن الـ32 يعي تماماً بأن هذه البطولة لا تتساوى أهمية مع كأس العالم التي تبقى نسيج وحدها على مستوى ترسيخ الأساطير.
ولد ميسي في 24 يونيو 1987، في مدينة روزاريو الأرجنتينية. أعجب بكرة القدم، وانضم إلى نادي نيولز أولد بويز في سن الثامنة.
اكتشف أحد الأطباء انه يعاني نقصاً في هرمون النمو، الأمر الذي جعله يظهر بحجم أصغر مقارنةً ببقية الأطفال، لتبدأ قصة معاناة الطفل الصغير.
قرر والداه، خورخي وسيسيليا، أن يخضعاه لعلاج عبر حقنه بهرمون النمو كل ليلة، لكنهما اكتشفا أن الأمر سيكون باهظ التكلفة، عندها أتيحت فرصة ذهبية للصبي ابن الـ13 عاماً، وتمثلت في عرض تقدم به برشلونة يخوّله أن يتدرب في أكاديميته الشهيرة «لاماسيا»، على ان يقوم النادي بتحمل تكاليف علاجه، فانتقل «ليو» مع عائلته إلى إسبانيا.
كل ما حصل بعد ذلك تحدَّث عن مسيرة مظفرة حقق فيها ميسي الألقاب الجماعية كافة مع برشلونة، فضلاً عن الألقاب الفردية، بما فيها خمس كرات ذهبية كأفضل لاعب في العالم.
«الانفجار» الكبير لميسي ما كان ليأخذ البعد الذي بلغه لولا توافر عنصرين وضعا الأرجنتيني أمام تحديات ضخمة: ريال مدريد والبرتغالي كريستيانو رونالدو.
لقد تواجد ميسي في برشلونة، رمز أقليم كاتالونيا الذي تميّز بخصوصية و«استقلالية» عن الحكم المركزي في مدريد، وعاش «الحروب» التي اندلعت في «المستطيل الأخضر» بين الغريمين.
تحول «ليو» إلى ما يشبه «إمبراطور الفتوحات الكاتالونية» خلال حقبة سطوة ناديه على مقدرات اللعبة في إسبانيا وأوروبا تحت أنظار «النادي الملكي». هذه الحيثية فرضت أضواء وضغوطات إضافية عليه نجح في تحمّلها بامتياز.
أما النقطة الثانية فتمثلت في صراعه الفردي مع رونالدو، رمز ريال مدريد والفائز أيضاً بخمس كرات ذهبية، بينها أربع عندما كان مع «الملكي».
الصراع بين ميسي ورونالدو منح الصراع بين برشلونة وريال مدريد، بُعداً إضافياً ترددت أصداؤه في جميع أنحاء المعمورة، وليتحوّل الدفاع عن هذا أو ذاك مسألة شخصية، بل مبدئية، على امتداد العالم.
بات ميسي ورونالدو عبارة عن هوية شخصية لميول كروية يفاخر بها المشجعون، واللافت أنها لحقت بالجميع، دون تمييز في السن والجنسية.
لا شك في أن تنقل رونالدو بين سبورتينغ لشبونة البرتغالي ومانشستر يونايتد الإنكليزي وريال مدريد وصولاً إلى يوفنتوس الإيطالي، منحه أفضلية نسبية على ميسي الذي أمضى مسيرته في برشلونة، خصوصاً أن الأول حصد النجاح أينما حلّ وارتحل، بينما يؤخذ على «البرغوث» عدم انفتاحه على البحث عن تحديات وبيئة مختلفة يختبر فيها موهبته.
لذا، كان يُنظر إلى منتخب الأرجنتين على أنّه التحدي «الآخر» لميسي، والأرضية التي منها سينطلق نحو «الأسطورية المطلقة».
مع «التانغو»، لم يكن «ذاك الميسي الرهيب مع برشلونة». لم يصنع الفارق لم يكن «ذاك المارادونا» الذي «جلب بمفرده» كأس العالم للأرجنتين في 1986.
خاض أربع كؤوس عالمية دون بريق، فودع من ربع نهائي 2006 و2010، وخسر نهائي 2014، وخرج من الدور الثاني في 2018.
وفي «كوبا أميركا»، تكرر المشهد. شارك في البطولة خمس مرات، وكانت الحصيلة: خسارة نهائي 2007 و2015 و2016، وسقوط في نصف نهائي 2019، وخروج من ربع نهائي 2011.
عشاق ميسي، الذين ابتليوا بـ«النسخة الدولية» لنجمهم، دأبوا على «اختراع» حجج مخففة لفشله، وتسويق أسباب لعجزه، بينها أنه لم يجد من يساعده في النسخ المتعاقبة للمنتخب والتي مر عليها.
هذا الكلام مرفوض ويمثل إهانة لبلاد حملت كأس العالم مرتين (1978 و1986) وخرّجت المئات من النجوم.
ميسي عايش نجوماً أفذاذاً من أمثال خوان سيباستيان فيرون وخوان رومان ريكيلمي وروبرتو أيالا وبابلو أيمار واستيبان كامبياسو وكارلوس تيفيز وغونزالو هيغواين وسيرخيو أغويرو وغيرهم، بيد أنه لم يكن «صانع الفارق» في المناسبات الكبرى، إلى حد دفع بقسم من الأرجنتينيين الى التشكيك بوطنيته على خلفية نسخته العملاقة مع برشلونة.
يغفل الجميع أن ميسي لم يترعرع في الأرجنتين ولم يتشرّب الحماس الكروي فيها، بل بدا وكأن «البرودة الأوروبية» اصابته.
وما أثقل كاهله أيضاً نجاح غريمه رونالدو مع منتخب برتغالي ما كان يوماً مصنّفاً بين النخبة.
«سي آر 7» قاد البرتغال الى لقبين، «يورو 2016»، ودوري الأمم الأوروبية 2019.
نجاح «كريس» على جبهتي الأندية والمنتخب، منح «أعداء» ميسي حجة للتشكيك في موقعه بين النجوم التاريخيين.
يبدو مونديال 2022 بعيداً عن ميسي، لكن ما بيد «البرغوث» حيلة سوى، إمّا أن يرضى بالقليل (كوبا أميركا 2020)، وإمّا أن يجرب حظه بعد 3 سنوات في كأس العالم في قطر، لعل وعسى، وفق مقولة: «أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً».

«كابوس 1-7»... تلاشى 

بيلو هوريزونتي - أ ف ب - محت البرازيل كابوس خسارتها التاريخية أمام ألمانيا 1-7 في نصف نهائي مونديال 2014 على أرضها، ببلوغ نهائي «كوبا اميركا» لكرة القدم التي تستضيفها، بفوزها على الارجنتين في بيلو هوريزونتي بهدفي غابريال جيزوس (19) وروبرتو فيرمينيو (71).
وكانت البرازيل تعرضت لأقسى خسارة لها على أرضها على الملعب ذاته أمام ألمانيا 1-7 قبل 5 سنوات في الدور ذاته في كأس العالم.
وقال قائد الفريق داني الفيش: «انها خطوة اضافية نحو الهدف. كثيرون شككوا بنا لكننا في طريقنا لحصد ثمار العمل».
واشاد المدرب «تيتي» بـ«القوة الذهنية» لفريقه معتبرا بأنها كانت حاسمة في الفوز: «الفريق الكبير يبنى من خلال الرأس. الجسد لا يتجاوب الا اذا اظهر اللاعبون قوة ذهنية. قاموا برد فعل امام الضغوطات».
وأضاف: «كانت مباراة كبيرة بين منتخبين يملكان مواهب فنية مدهشة. كان ميسي استثنائيا. انه من كوكب آخر».
وكشف عن خطته للحد من خطورة ميسي: «لتقليص المساحة التي يعمل فيها، قمنا بتغيير اسلوبنا في اللعب من خلال ارجاع فيرمينو بعض الشيء ليقطع المساحات في منطقته».
أما مدرب «الأرجنتين» ليونيل سكالوني، فاعتبر بأن فريقه كان يستحق بلوغ النهائي: «كان يجدر بنا ان نكون الفريق الذي سيخوض النهائي لاننا نستحق ذلك دون شك. لكن كرة القدم ليست عادلة احيانا».
وكان «لقاء بيلو هوريزونتي» الرقم 34 في تاريخ لقاءات المنتخبين في «كوبا اميركا»، وما زالت الارجنتين تتفوق بـ15 فوزا مقابل 9، في حين تعادلا 10 مرات. اما عموما، فالتقيا 106 مرات وتتفوق البرازيل بـ43 انتصارا مقابل 38 للارجنتين وتعادلا 25 مرة.