نزل الجزائريون إلى الشوارع، في الجمعة الـ19 توالياً من الحراك الشعبي، مرددين شعارات تطالب بالحفاظ على الوحدة الوطن?ة، ومجددين دعواتهم إلى رح?ل ومحاسبة كل بقايا زمرة نظام الرئ?س السابق عبدالعزيز بوتفل?قة، خصوصاً الضالعين في نهب المال العام، وذلك في موازاة الحرب التي يشنها جهاز القضاء على المفسدين من رجال أعمال ووزراء وإطارات سام?ة لاسترجاع ا?موال التي تم نهبها وتهريبها إلى الخارج.
ورفع المتظاهرون شعاراً لافتاً تكرر كثيراً «وحدة وطنية... خاوة خاوة». وهتفوا «عربي شاوي قبائلي طارقي كلنا أبناء الجزائر».
في السياق نفسه، سجل مراقبون بأن الحراك بدأ «ينطق سياسة» بعد أسابيع طويلة من المطالب الواسعة والمتفرقة عقب عقد أول لقاء لما سمي «قوى البديل الديموقراطي»، وقبل أسبوع من ندوة «الحوار الوطني الموسع»، التي ستضم عشرات الأحزاب والشخصيات السياسية المقتنعة بحلول «وسطية» في إطار «دستوري» أو من جوهر هذا الأخير.
بالموازاة مع ذلك، أثار الخطاب الجديد لقائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، موجة جدل واسعة، بحديثه عن الرئيس المقبل. إذ سارعت جهات سياسية إلى اتهام المؤسسة العسكرية بفرض رئيس الجمهورية المرتقب، في ما بدا وكأنه استمرار لممارسات النظام السابق.
وكان قايد صالح قال إن «الرئيس المستقبلي سيكون سيفاً على الفساد والمفسدين»، مؤكداً أن محاربة الفساد ستتواصل بكل عزم وصرامة وثبات قبل الانتخابات الرئاسية وبعدها، وأن لا مهادنة ولا تأجيل لمسعى محاربة الفساد.
واعتبر أن «بعض الأطراف يحاول التشويش على العدالة والتشكيك في أهمية محاربتها الفساد، بحجة أن الوقت غير مناسب ويتعين تأجيل ذلك إلى ما بعد الانتخابات»، مجدداً تعهداته بمرافقة مسار الشعب في تحقيق آماله وتطلعاته المشروعة.
ويرى بعض المتابعين للشأن الجزائري، إن خطاب قايد صالح وحديثه عن الرئيس المقبل مؤشر «غير مريح» لمشروع التغيير الذي يحمله الحراك الشعبي، كونه يتناقض مع تعهداته في كل مرة بالتزام الجيش بأدواره الدستورية وعدم تدخله في السياسة، مشيرين إلى أن الحديث عن «المشروع السياسي» للرئيس المقبل يتجاوز حدود الالتزامات الدستورية، ومؤشر خطير إلى وجود نوايا بتوجيه الرئيس المقبل، خصوصاً أن قائد الأركان تخلص من كل منافسيه، وأن المؤسسة العسكرية حضّرت البديل المطلوب، ولا ترغب من الحوار غير «الشكلية الفولكلورية».
كما وأن تصريحات قائد الجيش استغربتها أطراف سياسية، وقالت إنه تحدث بيقين عن الرئيس المقبل، كأنه يعرف هويته.
في المقابل، رأى آخرون أن تصريحات قائد الأركان لا تعني أنه هو من سيختار الرئيس الجديد، إنما بحكم المعطيات والتحولات فإنه لن يكون هناك مكان لرئيس فاسد، وأن المؤسسة العسكرية تواجه النظام الفاسد وتقوم بتصحيح المسار، ما جعلها المؤسسة الدستورية الوحيدة القائمة والقوية.
من جهة أخرى، دفعت الملفات القضائ?ة ضد الوزيرين السابقين المتمتعين بالحصانة البرلمان?ة، طلعي وعمار غول، إلى التنازل طوعا عن الحصانة، تمهيدا لمثولهما أمام المحكمة العل?ا، في حين لا تزال ملفات الفساد تجر مسؤول?ن، وهو ما كشفه «ملف إقامة الدولة»، الذي تم فيه توج?ه ا?تهام لـ24 مسؤو?ً.