تنشر هذه المقالة وأنا في لندن، جهة منطقة فنشلي بعيداً عن معمعة وسط لندن. ندخل في الموضوع «على طول»:
الدرس الأول من موقف حصل مع زميل عزيز? فقد كنا معزومين على غداء والمضيف أخ عزيز وفجأة يطلب منه تأجيل الغداء لأن شخصاً ما أصر على حضورهم الغداء.
هنا نفهم أن البعض فهم جزئية «الميانة» خطأ وأحياناً يسيء لصاحبه من دون أن يشعر.
كنت مؤمناً أن الالتزام مبدأ أخلاقي، فما بالنا إن كان مع شخص عزيز، أعني يجب ألّا نطلب منه إلغاء الغداء لأجل آخر بغض النظر عن صفته، فالمسألة برمتها أخلاقية وذوق، لنجد مع الأسف البعض قد ضرب بها عرض الحائط، وهو ما يقلل من شأن طرف ومتعارف عليها في الثقافة الكويتية «مواجيب».
لاحظت فهم الميانة خطأ وأنا أسترجع أحداث الاستجوابات، وما يقال فيها من مغالطات وما طرحه أخيراً النائب الشعيب المويزري (على سبيل المثال) من بعض العبارات، وإن كان يمون على «مايك» المجلس إلا أنه يجب أن يحترم المتلقي لبعض الجمل! وكذلك الحال بالنسبة للنائبة صفاء الهاشم... إن لقاعة عبدالله السالم وضعها ودستورا وأدبا في الحوار لا يجب أن نتجاوزه بحجة أن «الميانة طايحة»، ناهيك عن تناقضات بعض النواب من موقف إلى آخر معاكس، وتطبيق قول «الجمهورعاوز كده»!
والدرس الثاني عندما قابلت مسؤولاً كبيراً? وطالبته بالتواصل مع الجمهور، وهذا توجه الدولة ككل وهناك جهاز يرأسه طارق المزرم للسوشل ميديا وأهميتها، ولم يكن متحمساً!
نحن لسنا بالضرورة «صح» في أغلب الأوقات? لكن كل حسب مجاله يبدي تصوره، الغريب أن هذا المسؤول الكبير كنت أتمنى أن يأخذها من باب المسؤولية الاجتماعية وتسويق إنجازاته، وهو حسب ما علّمنا والد التسويق كوتلر أنها من المهام الرئيسية للوصول إلى رضا المستفيد من الخدمة أو السلعة، وهذا من شأنه نقل الصورة كما هي للسلطة التشريعية والأجهزة الرقابية.
فهي - لو فكرنا ملياً فيها - تعد من أهم ركائز المرحلة الأولى من عملية الإدارة الإستراتيجية (التخطيط الإستراتيجي)، وعلى وجه العموم? «الميانة» لا تعطيك الحق بأن تقلل من شأن صاحبك أو صديقك، فأنت ترى الجانب الاجتماعي الإنساني، ولم تبحر في الجانب الاحترافي الذي يبدع فيه أو لنقل يلتزم في أخلاقيات معرفته وعلومه وتطبيقاته والبيئة التي توظف فيها تلك الخبرة.
الزبدة:
الدرسان هذان شعرت بأنني لابد وأن أرسلهما ما دمت موجوداً في لندن، والزبدة هنا لا تتعدى المطالبة بالفصل بين «الميانة» وموجبات العمل والعلاقات الإنسانية... ما زلنا نتعلم، لا نكابر في هذا الجانب فالقصور يلاحقنا وكل يوم درس جديد.
دروس لندن غير... تختلف لأنها مستوحاة من واقع حي، وعقبت استجواب وزير المالية الدكتور نايف الحجرف الذي كشف الأقنعة عن ممارسات وسلوكيات، لم أتصور أنها في يوم ما قد تحصل من نواب مجلس الأمة، الذين يظن البعض أنهم «النخبة»!
قولوا للمخطيء: قف ما يجوز، قولوا للمتلون والمراوغ وصاحب المصلحة: وين أنت رايح! احترموا عقولنا? دستورنا? أخلاقنا? أعرافنا، تقاليدنا، فما يحصل هو انسلاخ من أبسط أبجديات التعامل، مما يعد عاملاً مؤثراً في العلاقات الإنسانية.
حاول أن تكتشف العالم من حولك... وتعلم ولا تحكم على شخص أو سلوك أو قول منقول إلا بعد التحقق من الأمر.
لا تكن «الميانة» طريقاً تقلل فيه من قدرات وإمكانيات ومكانة صديق، فأسس التعامل والقياس والتقييم بما فيها «المواجيب» والعادات والتقاليد تشكل الأساس، وفي بيئة العمل قد تزينها «الميانة»!
عموما... الله المستعان.
[email protected]
Twitter: @Terki_ALazmi