قيم ومبادئ

آداب النية

1 يناير 1970 02:20 م

النية ليست مجرد لفظ باللسان (اللهم نويت كذا) ولا هي حديث نفس فحسب، بل هي انبعاث القلب نحو العمل الموافق لغرض صحيح من جلب نفع، أو دفع ضر حالاً، أو مآلاً، كما هي الإرادة المتوجهة تجاه الفعل لابتغاء رضا الله وامتثال أمره.
النية يتحول بها العمل من حسن إلى سيئ، إذ جميع الأعمال تتكيف بها، وتكون بحسبها فتقوى وتضعف، وتصح وتفسد تبعاً لها، قال الله تعالى: «وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ». وقال صلى الله عليه وسلم:«إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى». وقوله: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم». فالنظر إلى القلوب نظر إلى النيات، إذ النية هي الباعث على العمل والدافع إليه.
فبمجرد الهم الصالح كان العمل صالحاً يثبت به الأجر وتحصل به المثوبة وذلك لفضيلة النية الصالحة، وفي قوله صلى الله عليه وسلم:«الناس أربعة: رجل آتاه الله عز وجل علماً ومالاً فهو يعمل بعلمه في ماله، فيقول رجل لو آتاني الله تعالى مثل ما آتاه الله لعملت كما عمل، فهما في الأجر سواء، ورجل آتاه الله مالاً ولم يؤته علماً فهو يخبط في ماله، فيقول رجل لو آتاني الله مثل ما آتاه عملت كما يعمل، فهما في الوزر سواء».
فأثيب ذو النية الصالحة بثواب العمل الصالح، ووزر صاحب النية الفاسدة بوزر صاحب العمل الفاسد، وكان مردّ هذا إلى النية وحدها. وقال: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار». فقيل: يا رسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول؟ فقال: «لأنه أراد قتل صاحبه». فسوت النية الفاسدة والإرادة السيئة بين قاتل مستوجب للنار وبين مقتول لولا نيته الفاسدة لكان من أهل الجنة، ومن قوله صلى الله عليه وسلم: «من تزوج بصداق لا ينوي أداءه فهو زان، ومن أدان ديناً وهو لا ينوي قضاءه فهو سارق». فبالنية السيئة انقلب المباح حراماً، والجائز ممنوعاً، وما كان خالياً من الحرج أصبح ذا حرج.
كل هذا يؤكد ما يعتقده المسلم في خطر النية، وعظم شأنها، وكبير أهميتها فلذا هو يبني سائر أعماله على صالح النيات، كما يبذل جهده في ألا يعمل عملاً بدون نية، أو نية غير صالحة، إذ النية روح العمل وقوامه، صحته من صحتها وفساده من فسادها، والعمل بدون نية صاحبه مراء متكلف ممقوت.

الخلاصة:
في القرآن العظيم قصص الأمم السابقة التي أهلكها الله وكيف أن أكثرها مفرط في حياته وخسر الدنيا والآخرة لأنه لا قصد له صحيح ولا همّ له ولا همة إلا الدنيا واللهو واللعب فيها، قال تعالى: «وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ».