أفرض على كل قرية أن تكون لديها فرقة مسرحية خاصة بها
حضارات مرّت على مرّ العصور، تركتْ بصماتها وصنعت تاريخاً، روى بالأشكال كل ما نسجتْه خيوط الزمان، وما أنجزتْه شخصياتٌ تفاوتت إنجازاتها.
«الراي» دخلت مع المشاهير بين «أعمدة» التاريخ، ونزلت بهم السلالم إلى «دهاليز» عوالم علقت في ذاكرتهم سطور من صفحات كتب ومجلدات قرؤوها. فأتاحت لهم الفرصة لاختيار حضارة تمنوا لو عاشوا أيامها، وتقمّص شخصيات أثّرت بهم، من منظار فني خيالي. كما فتحت لهم الباب لاختراق قوانين تلك الحضارة من منظور خاص، وسنّ ما يرونه مناسباً، إضافة إلى اصطحاب من يحبون إلى تلك البقعة من الأرض الواسعة.
الفنانة اللبنانية عايدة صبرا انتقتْ الحضارةَ اليونانية كي تعيش فيها، ومن شخصيات تلك الحضارة اختارت أن تكون الفيلسوف أرسطو، تلميذ أفلاطون ومعلّم الإسكندر الأكبر، وواحد من عظماء المفكّرين على مرّ العصور.
باسم أرسطو أصدرتْ القرارات وسنّت القوانين، شجّعت على الفرح ونشر الاحتفالات، وخصصت عيداً لكل مناسبة، وحرصت على التشجيع على ممارسة الفنون لإقصاء فكرة الحروب التي كانت سائدة.
• لو عدنا بالزمن إلى الماضي، أيّ الحضارات تحبّين أن تتواجدي فيها؟
- أحب أن أعيش في الحضارة اليونانية، لأنه خلالها تم اكتشاف أول الأشياء، كالفلسفة والمسْرح وكل الطقوس. اليونانيون في ذاك الوقت كانوا يقومون بمراقبة الأشياء بدقّة ويحاولون أن يجدوا تفسيراً لها بطريقة حكيمة. هم سبقونا بالأفكار وتم تأسيس أول دولة مدنية في اليونان حينها.
• أي شخصية تحبين أن تكوني من الحضارة اليونانية؟
- أختار شخصية الفيلسوف أرسطو، لأنه مصدر للمسرح.
• ما القرارات التي كنت تتّخذينها لو كنتِ أرسطو في ذلك الزمن؟
- لا شك أنه كانت توجد تفاصيل دقيقة حصلت في ذاك الزمن ونحن لا نعرف عنها سوى معلومات عامة. لكنني لو كنتُ أرسطو، لكنتُ منعْتُ الحروب، وأدرجتُ العلم بشكل أوسع كي أتيح الفرصة أمام الناس للاستفادة من الأفكار المتقدمة، لأن اليونانيين لديهم اطلاع واسع، ونحن أخذنا عنهم الفلسفة. كنتُ حرصت على نشر الاحتفالات بشكل واسع بدل حصرها بالليالي الحمراء فقط، كما كنتُ خصصت عيداً لكل مناسبة، لتكون عناصر الفرح موجودة أكثر في حياة الناس. كنتُ نظّمتُ المسابقات كي أعرف ماذا تعلّم الناس خلال فترة زمنية معينة، وكنتُ عملتُ على ترسيخ معنى الحرية وممارسة الرياضات والفنون بجوانبها كافة للإقلاع عن فكرة الحرب، لأنهم عاشوا حروباً كثيرة وشرسة.
• ولو كنتِ أرسطو وعشتِ في هذا الزمن. ما القوانين والإجراءات التي تتبنّينها؟
- كنتُ قمتُ بكل الخطوات اللازمة التي تساهم في وعي الناس. أجبرهم على ترْك أعمالهم والمدارس وأي شيء وأخصّص أسبوعاً كاملاً لقراءة كتب محددة أختارها بعناية، وأساعد الناس على التخلص من الأفكار السيئة والاستعاضة عنها بأفكار ايجابية تساهم في إدخال الفرح إلى قلوب الناس لأننا شعب لا يفْرح. كنتُ شجّعتُ على حصول نقاشٍ بين الناس قائم على التفهم وبعيداً عن التخوين، كما كنتُ قمتُ بكل ما يلزم من أجل أن يحترموا بعضهم البعض بعيداً عن التشكيك. كنتُ أجبرتهم على أن يعرفوا معنى أن يكون الشخص منفتحاً على الآخر، من خلال الجمع بين أشخاص غير متشابهين، مثلاً أحدهما حرّ والآخر متزمّت كي يتناقشوا وجهاً لوجهه. كذلك كنتُ ألغيت كل ما يمكن أن يشجّع على الطائفية.
• وما الإجراءات التي كنتِ لتقومي بها في مجال الفنون؟
- أهتمّ بالمسرح أولاً، وأقوم بتأسيس المَسارح على مساحة الوطن وأفرض على كل قرية أن تكون لديها فرقة مسرحية خاصة بها. أُجْبِر المدارس على تدريس الفنون، وأقوم بإنشاء دور السينما، وأنظّم المحاضرات والنقاشات الفنية. أضع قوانين صارمة، لا تسمح بدخول المجال إلا لأصحاب الاختصاص والكفاءة، وأمحو كل الأخطاء التي نعيشها فنياً، وأساعد على الانفتاح والتعاون الفني بين الشعوب العربية.