يبحث مكتب التربية العربي لدول الخليج عن منهجية مناسبة لتنفيذ برنامج «بناء وثائق مطورة لمناهج التربية الإسلامية في التعليم العام، أطر عامة وأدلة قائمة على الكفايات الأساسية» فيما رأى تقرير صادر عن المركز أن مهمة تطوير أي منهج مسألة تكتنفها الكثير من التفاصيل، ولا سيما منهج التربية الإسلامية الذي يشتمل على تعاليم ومعارف ومهارات مرتبطة بالدين الإسلامي، ويفترض ان يكون منهجاً تعليمياً مثالياً.
وبين التقرير أن ما يزيد المهمة تعقيداً حساسية مادة التربية الإسلامية، وتعدد وجهات النظر بشأنها وسهولة تبني المواقف النقدية التي قد تغلب عليها العاطفة أكثر من الموضوعية والتجرد. وذكر أن فريق العمل رأى أن تكون البداية بإعداد إطار مرجعي يوفر الأساس النظري الذي يمكن أن تبنى عليه مكونات هذا البرنامج، وفق بعض المحددات التي أهمها تحديد الاتجاهات التربوية المعاصرة المتبعة في بناء منتجات الوثائق المطورة لمناهج التربية الإسلامية، وتحقيق مشاركة فعالة بين مكتب التربية العربي لدول الخليج، والمختصين في بناء وثائق مطورة لمناهج التربية الإسلامية والمستشارين المقيمين للوثائق والمنهجية العلمية المتبعة في بنائها، وتحقيق الترابط والانسجام وتحديد منهجية واضحة لبناء منتجات كل مرحلة من مراحل البرنامج.
وأوضح أن الإطار المرجعي لمناهج التربية الإسلامية يشتمل على بعض العناصر، التي أهمها غايات منهج التربية الإسلامية، وأهدافه التربوية وخصائصه وأسسه ومكوناته وواقعه، ودواعي تطوير مناهج التربية الإسلامية ومنطلقاته وأهدافه، والمداخل التربوية المعاصرة التي يرتكز عليها والأسس التي يتم انطلاق تطوير المنهج منها، مشيراً في الوقت نفسه إلى مصادر اشتقاق الأهداف التعليمية لمناهج التربية الإسلامية ومستوياتها ومجالاتها وأسس توزيعها على المراحل التعليمية، إضافة إلى مصادر اشتقاق الكفايات الأساسية للمتعلم في التربية الإسلامية ومستوياتها، والاعتماد عليها في التخطيط لتحديد المفاهيم اللازمة وبنية تلك المفاهيم في محتوى منهج «الإسلامية».
وبين التقرير ضرورة التعريف بمدخل المفاهيم، ومبررات الاعتماد عليه في بناء محتوى مناهج التربية الإسلامية والتصنيفات المختلفة للمفاهيم بمحتوى المناهج، وربطها بالعوامل المؤثرة في تكوينها وتعلمها ونموها لدى المتعلمين والاعتماد على المخططات المفاهيمية كأساس يستند إليه في تنظيم المفاهيم وتوزيعها في المناهج على المراحل التعليمية، وفق مصفوفة المدى والتتابع، لافتاً في الوقت نفسه إلى خطوات إعداد مصفوفة المدى والتتابع ومواصفاتها، وعلاقتها بمفهوم اختيار وتنظيم محتوى مناهج التربية الإسلامية، وأهداف دليل تأليف الكتب المدرسية للتربية الإسلامية وأدلة تدريسها ومكونات كل منها.
وأشار إلى بعض الجوانب في منهج التربية الإسلامية، منها النمو العقلي والجسمي والانفعالي والاجتماعي، الذي يندرج تحته المغالاة في فهم الدين وتعني مجاوزة حد الاعتدال في السلوك الديني فكراً وعملاً والخروج عن مسلك السلف الصالح في فهم الدين والعمل به، مؤكداً أن انتشار هذه الظاهرة يرجع إلى قلة بضاعة الشباب المغالي من فقه الإسلام وأصوله، وعدم تعمقهم في فقه العلوم الإسلامية واللغوية، الامر الذي جعلهم يأخذون بعض النصوص دون بعض أو يأخذون بالمتشابهات وينسون المحكمات، أو يأخذون بالجزئيات ويغفلون القواعد الكلية أو يفهمون بعض النصوص فهماً سطحياً سريعاً.
ولفت التقرير إلى ان بعض الدراسات أوضحت العوامل المؤدية لهذه المشكلة لدى الشباب، وأهمها عوامل تشريعية واقتصادية ونفسية واجتماعية وثقافية واعلامية، ومن أبرزها انتشار البطالة بأنواعها خاصة لدى الشباب وعدم الاهتمام بالتربية الإسلامية في المدارس والجامعات، وقابلية الشباب للتأثر بالانسياق وراء الآخرين، وإحساس الشباب بالعزلة عن المجتمع، وتقليص دور الأسرة في التنشئة الاجتماعية وتركيز المؤسسات التعليمية على الناحية التعليمية فقط، واهتزاز النسق القيمي في المجتمع وانتشار الأمراض الاجتماعية كالإدمان والاغتصاب وتشرد الأحداث.
وانتقل التقرير إلى الحرية الفكرية التي يرتبط بها بعض الظواهر الاجتماعية، كرفض الآخر وتكفير بعض الفقهاء بسبب إصدارهم لبعض الفتاوى، وهو أمر مرفوض في شريعة الإسلام، لأن الحرية الفكرية في الإسلام مكفولة لكل الناس في حدود ما تسمح به الشريعة الإسلامية والآداب والقوانين المطبقة في كل دولة، في الإطار المحدد لهذه الحرية بجميع انواعها اعتقادية فكرية - دينية - سياسية - اقتصادية - اجتماعية، مؤكداً أن مناهج التربية الإسلامية يمكنها ان تعمل على تكوين إنسان مسلم صالح يقوم بدوره في الحياه فاهم لدينه، فهماً صحيحاً دون مغالاة أو تفريط.
وشدد التقرير على ضرورة تصدي مناهج التربية الإسلامية لمشكلة الإدمان التي تهدد أمن المجتمع الخليجي وسلامته، إضافة إلى أهمية تبصير التلاميذ بالعلاقة بين المسلم وغير المسلم، القائمة على حسن التعامل مع أصحاب الديانات الأخرى، وعدم إكراههم على الدخول في الإسلام بل دعوتهم بالتي هي أحسن، داعياً في الوقت نفسه إلى تحصين التلاميذ ضد الأفكار الهدامة وتدعيم قضية الانتماء للوطن والمحافظة على أمواله، وتعريف التلاميذ حكم الإسلام في المشكلات المطروحة على الساحة الخليجية في مختلف المجالات، حتى يدرك التلاميذ أن الدين الإسلامي لم يقف بعيداً عن حركة التغيير الحادثة في المجتمع إنما يستطيع مواجهة المشكلات المستحدثة بحلول فقهية مستنبطة من مصادره الأصلية.