القانون لم يراعِ الاعتبارات الدستورية والاجتماعية والثقافية والسياسية للكويت
نمانع بشدة فرض قوانين ومفاهيم لا تناسب مجتمعنا وثقافتنا ونرفض ألا يكون للكويت دور قيادي فيها
لن نشارك في مشروع يحمل في باطنه مثالب ستعرضه للفشل القانوني والسياسي والاجتماعي قبل أن يبصر النور
تفعيل الدور الاقتصادي والتجاري لا يكمن في مجرد اقتباس تجربة أجنبية ومحاولة فرضها في الكويت
القانون المقترح تضمن تناقضات وأفكاراً غير مترابطة وآلية تطبيق غير واضحة
ضرَبَ القانون بعرض الحائط أهم مبادئ الشفافية والعلانية والعدالة والمساواة
تضمن نص القانون استثناءات من قوانين الدولة الأساسية والجوهرية كقانون حماية المال العام ومكافحة الفساد
فيما ينشر رسمياً في جريدة «الكويت اليوم» التي تصدر اليوم الأحد قرار رئيس مجلس الوزراء بالإنابة الشيخ ناصر الصباح بإنهاء عمل أعضاء مجلس أمناء جهاز تطوير مدينة الحرير «الصبية» وجزيرة بوبيان الذي اتخذه مجلس الوزراء بناء لعرض النائب الأول وزير الدفاع الشيخ ناصر الصباح، كشفت مذكرة رفعها عضو مجلس الأمناء محمد جاسم المرزوق، إلى الجهاز الخاص بمدينة الحرير، مؤرخة بتاريخ 3 يوليو 2018، عن تحفظات كبيرة تجاه المسودة المقترحة لقانون انشاء مدينة الحرير والتقارير المرفقة بها.
وقال المرزوق إن المذكرة «تختصر سبب الخلاف والانقسام بين أعضاء الجهاز، والمرتبط بشكل أساسي بصياغة قانون إنشاء المدينة، والذي أدى إلى امتناعي عن حضور اجتماعات الجهاز، والذي نتج عنه التنسيق حول حل مجلس الأمناء».
ومن تحفظات المرزوق، التي تضمنتها مذكرته، أن قانون مدينة الحرير ضرب بعرض الحائط وخالف اهم مبادئ الشفافية والعلانية والعدالة والمساواة، وفق ما تم ذكره تفصيلا في مسودته، إضافة إلى ان القانون نص على العديد من الاستثناءات من قوانين الدولة الاساسية والجوهرية، مثل قانون حماية المال العام «ضاربا بعرض الحائط ان المؤسسة هي مؤسسة عامة واموالها من اموال الدولة العامة» وقانون مكافحة الفساد، وعدم الخضوع لرقابة البنك المركزي للنقد، ذلك دون ان يقدم الحلول البديلة لها او حتى مبررات الاستثناء منها.
وجاء في المذكرة أنه: استكمالاً للملاحظات والمقترحات التي تم تقديمها من قبلنا على ما سبق اعداده من قبل الفريق القانوني للجهاز من مسودات في شأن قانون «انشاء مدينة الحرير»، وإلحاقاً كذلك بما تم مناقشته وتداوله وطرحه من افكار خلال اجتماعات اعضاء الجهاز، بهدف التوصل الى الصيغة الامثل لقانون انشاء المدينة، بشكل يحقق كافة الاهداف المرجوة منه اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، فقد استلمنا بتاريخ 24 /6 /2018 عرضا عن القانون التأسيسي، ومسودة جديدة مقترحة ومعدلة لقانون انشاء مدينة الحرير، ومذكرة معدة من قبل الفريق القانوني في شأن تطبيق قانون الجزاء في المنطقة، ومذكرة معدة من قبل الفريق القانوني رداً على المذكرة المقدمة من الدكتور عادل الطبطبائي في شأن الاختلاف القانوني الجغرافي المتعلق بالقانون الجزائي، ورأي قانوني صادر من الاستاذ صبري محمد السنوسي، حول مدى دستورية اصدار تشريعات جنائية واقتصادية خاصة بمنطقة معينة.
وبمراجعتنا الدقيقة للقانون الجديد المقترح ومختلف المذكرات والآراء القانونية المشار اليها اعلاه، فإنه يؤسفنا القول بأننا ما زلنا نراوح مكاننا وندور في حلقات مفرغة دون ان نحرز اي تقدم يذكر او ان نحقق أياً من الاهداف التي تم انشاء الجهاز من اجلها، وما زال الفريق القانوني يكرر ذات الاخطاء في صياغته للقانون غير قادر على اعداد قانون متكامل ومتناسق يراعي بموجبه كافة الاعتبارات الدستورية والاجتماعية والثقافية والسياسية.
نحن لا نمانع ابداً ان يتم الاستعانة بالخبرات والكفاءات الاجنبية والعالمية وان يتم الاستفادة من خبراتهم السابقة في مجال انشاء المدن المتطورة والحديثة. غير اننا نمانع وبشدة ان تفرض علينا قوانين ومفاهيم لا تتناسب ومجتمعنا وثقافتنا، ونرفض الا يكون للجانب الكويتي دور قيادي وفعال في انشاء وقيادة وادارة وتطوير هذا المشروع وقانونه الخاص كما لن نشارك في مشروع قانون قد يوحي في ظاهره انه يحقق الرؤية الاقتصادية والاستثمارية المتطورة للشيخ ناصر صباح الاحمد، غير انه يحمل في باطنه مثالب دستورية وقانونية وسياسية سوف تعرض المشروع والقانون للفشل القانوني والسياسي والاجتماعي وذلك قبل حتى ان يبصر النور.
إنه لمن المعلوم لدى الجميع ان السبب الرئيسي وراء الجمود الاقتصادي والاستثماري في البلاد لا يكمن حله في تفعيل «عقوبة الاعدام» او في السماح «لغير الكويتيين بمشاركة الغرف الفندقية» وذلك كما جاء في احدى المذكرات الصادرة من الفريق القانوني. كما ان تفعيل الدور الاقتصادي والتجاري والاستثماري للدولة لا يكمن في مجرد اقتباس تجربة اجنبية معينة ومحاولة فرض تطبيقها في الكويت دون مراعاة للاعتبارات التي تم شرحها آنفاً، فلكل بلد طبيعته ومناخه وعاداته وتقاليده حيث يفترض على الجميع احترامها والعمل على اساسها. وتأسيساً على ذلك، فان اردنا ان ننجح في مهمتنا وان نكون على قدر الثقة التي أولانا اياها الشيخ ناصر صباح الاحمد، فإنه يتوجب علينا بداية ان نحدد رؤيتنا ومعاييرنا الواضحة دون ان نسعى الى اقتباس او نسخ تجارب بلدان اخرى اقليمية كانت او عالمية على اطلاقها دون مراعاة لاحتياجاتنا وطبيعتنا ومتطلباتنا.
ولعل اهم ملامح الرؤية التي يتوجب علينا تحديدها والعمل على تحقيقها تتمثل في الاستفادة من نقاط القوة التي تتمتع بها دولة الكويت ومنها:
- لماذا لا يتم الاستفادة من الموقع الجغرافي والاقليمي للدولة بهدف جعل الكويت عاصمة جديدة للعالم العربي، لما تتمتع به من ارض خصبة حاضنة للقانون والعمل المؤسسي والحريات.
- لماذا لا يتم العمل على ترسيخ دور الكويت وتاريخها في دعم الكفاءات والابداعات العربية.
- لماذا لا يتم العمل على استنهاض مجلس الامة والشعب الكويتي من خلال ترسيخ احساسهم بالمسؤولية والشراكة في بناء هذا المشروع الحيوي بدلا من خلق العداءات السياسية منذ البداية.
- لماذا لا يتم العمل على توفير الضوابط والمناخ لضمان التنمية البشرية الكلية والمتوازنة، الهادفة الى ترسيخ قيم المجتمع والحفاظ على هويته وبناء المواطنة وتحقيق العدالة وسبل العيش الكريم، وتدعيم وترسيخ النظام الديموقراطي القائم على احترام الدستور، والالتزام به ضمانا للعدالة والمشاركة السياسية والحريات.
تأسيسا على ما تقدم، فإننا نسجل بموجب هذه المذكرة تحفظنا الشديد على المسودة الجديدة المقترحة لقانون انشاء مدينة الحرير وذلك لاسباب ومبررات عديدة - تم ادراجها تفصيلا في الجدول المرفق طيه - ومن اهمها:
-1 لقد سبق وان ذكرنا مرارا ان الترجمة العربية للقانون الذي تم اعداده اساسا باللغة الانكليزية ترجمة ضعيفة وركيكة جدا ولا ترقى ان تقدم للمراجعة من قبل اي جهة رسمية في الدولة، فبدل من ان يتم التركيز على مراجعة الجوانب القانونية والدستورية من القانون، فإننا مازلنا حتى اليوم نواجه ذات الاخطاء في الترجمة حيث جاءت الصياغة ضعيفة، وترجمة حرفية غير مفهومة للنص الانكليزي في بعض بنوده.
-2 لقد احتوى القانون المقترح على العديد من التناقضات والافكار غير المترابطة وآلية تطبيق غير واضحة وذلك وفق ما تم ذكره تفصيلا في الجدول المرفق.
-3 نظرا لان الفريق القانوني الذي يقوم باعداد هذا القانون هو مكتب محاماة اجنبي دون ان يكون للمكتب القانوني المحلي اي مجهود يذكر، سوى قيامه بترجمة حرفية للنصوص الانكليزية، فلم يراعِ القانون في العديد من بنوده للاعتبارات الدستورية والاجتماعية والثقافية والسياسية، الامر الذي ادى بدوره الى مخالفة العديد من نصوص القانون لمبادئ ومفاهيم قانونية ودستورية اساسية وجوهرية دون ان يقدم اي مبرر او مسوغ لها.
-4 لقد ضرب القانون بعرض الحائط وخالف اهم مبادئ الشفافية والعلانية والعدالة والمساواة وذلك وفق ما تم ذكره تفصيلا في الجدول المرفق.
-5 لقد نص القانون على العديد من الاستثناءات من قوانين الدولة الاساسية والجوهرية مثل قانون حماية المال العام (ضاربا بعرض الحائط ان المؤسسة هي مؤسسة عامة واموالها من اموال الدولة العامة) وقانون مكافحة الفساد وعدم الخضوع لرقابة البنك المركزي للنقد ذلك دون ان يقدم الحلول البديلة لها او حتى مبررات الاستثناء منها.
برجاء الاطلاع على الجدول المرفق مع الطلب بأن يقوم الفريق القانوني بالرد خطيا على استفساراتنا وملاحظاتنا حرصا من قبلنا على ايصال رؤيتنا ووجهة نظرنا بشكل دقيق وكامل وبما يحقق مصلحة دولة الكويت على كافة الاصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.مع أمل كفاية الايضاح.