ضوء

العلاقة بين الأدب الشعبي وأدب الطفل

1 يناير 1970 07:14 ص

لا بد من رصد الترابط العميق والوثيق بين الأدب الشعبي وأدب الطفل، وذلك لا يتأتى إلا من خلال معرفة أنواع الأدب الشعبي وتصنيفه بحسب ارتباطه بأدب الطفل، فالشعر الشعبي يعنى بالصناعة اللفظية وخصوصا بتشقيق المعاني من الكلمة الواحدة كما يحدث في الموال والبوذية والعتابة اليوم. في حين يتسم النثر، الذي يشمل المثل والقصة والخطبة والعقود والاتفاقيات، بالبساطة اللغوية ووضوح المفردات والعبارات.
لكن الحكاية الشعبية تجمع بين المبالغات والمعجزات بل المستحيلات والسحر والخير والشر، وترسم لكل صورة حدها الأقصى لتحببها إلى النفس إذا كانت خيرا وتبغضها لها إذا كانت شرا، لذلك فإن الأقرب إلى أدب الطفل هي الحكاية الشعبية.
يمكن تصنيف كل نوع من أنواع الأدب الشعبي وعلاقته بأدب الطفل على النحو التالي:
تمتاز نصوص الأدب الشعبي بالوفرة الهائلة، الأمر الذي يجعل التعامل معها وتفهم خصائصها صعبًا، وهو ما يتضح من التصنيف التالي:
1 - الأنواع الشعرية ذات العلاقة بأدب الطفل، وهي:
- أغاني البيت: وهي ما يتم ترديده عند هدهدة الأطفال أو تنويمهم أو ملاعبتهم. - أغاني الصبية: وهي الأغاني المصاحبة لألعاب الصبية وتجمعاتهم.
- أغاني الأعراس: وتؤدّى في أثناء مراحل العرس وإجراءاته المختلفة، وتجذب الصغير والكبير على السواء.
- أغاني السمر: وهي الأغاني المصاحبة للتعبير الحركي وتبادل المسامرة.
- الشعر القصصي المُغنّى: ويُروى في المناسبات، وخاصة الدينية منها.
- أشعار السيّر الشعبية: ويتم ترديدها في جلسات الاستماع، سواء في رواياتها النثرية أو في صياغاتها الشعرية.
أما التي ليس لها علاقة بالأطفال فهي:
-أغاني العمل: وهي الأغاني المرتبطة بأنواع العمل ومراحله المختلفة.
-أشعار السمر: ويتم ترديدها خلال مجالس السمر، مثل القصائد البدوية.
2 - الأنواع النثرية وتشمل:
- قصص وحكايات الأمهات أو الجدات، وتُروى للسمر البيتي وتنويم الصغار.
- السيّر الشعبية، وترتبط روايتها بمجالس خاصة ومناسبات محددة.
- النوادر الشعبية.
- الألغاز الشعبية.
- الأمثال الشعبية.
والخمسة أنواع لها علاقة بالطفل عدا النوع السادس، وهو:
- قصص مجالس السمر، وتتواتر في مجالس الكبار بوصفها تاريخاً أو أمثولة للاعتبار أو القياس.
وأغلب الأنواع الشعرية والنثرية لا تُؤدَّى على انفراد، وإنما تؤدى في تجمعات لتقوم بوظائف بعينها يتوقعها المشاركون.
3 - القصص المسرحية الشعرية، وهي تحكي قصة مسرحية في قالب شعري، ومن أشهرها في إنجلترا في القرن الرابع عشر الميلادي (روبن هود) الذي كان صديقاً للفقراء والمساكين.
4 - القصص والحكايات الشعبية.
تعتمد الحكاية الشعبية على المأثورات التقليدية والخرافات والأساطير والعادات والمعتقدات، وتتناول حكايات الجن ومخلوقات أخرى خيالية تستعين بالسِّحر.
ويُعد العمل التراثي العربي الخالد (ألف ليلة وليلة) الذي كُتب في القرن الثامن الميلادي، خير مثال، فهو يحتوي على الكثير من الحكايات التي ألهمت خيال كتّاب الغرب في القرن التاسع عشر الميلادي من أشهرهم، الأديب الدنماركي (هانز كرستيان أندرسون).
والفن القصصي عبارة عن حكايات قصيرة تُقدم درساً أخلاقياً، وأكثر شخصياتها من الحيوانات أو الأشياء الناطقة التي يمكنها التحدّث والتصرف كالإنسان.
وتتفرع الحكايات إلى:
1 - حكايات الأساطير: كان للأساطير دور مهم في عالم الأطفال الممتلئ بالمغامرات والخيال، وبخاصة أن الناس قد ألّفوا منذ زمن بعيد حكايات عن الأبطال الذين يتحكّمون في الظواهر الطبيعية كالعواصف والرعد والشمس.
2 - قصص الخيال: وهي تصوّر أُناساً وحيوانات لا وجود لها في دنيا الواقع، ومن أشهرها رواية (لويس كارول، مغامرات أليس في بلاد العجائب)، ورواية الأميركي (فرانك بوم ساحر أوز العجيب).
3 - قصص الرعب والمغامرات: هي ضرب من الحكايات المشحونة بالمغامرات والحوادث عن أبطال يجدون أنفسهم في مواقف وأحداث جسيمة، مثل رواية (ديفيد كوبرفيلد)، ورواية (روبرت لويس ستيفنسن جزيرة الكنز)، الذي استطاع بطلها الصبي (جم هوكنز) أن يصبح نداً للقرصان (لونج جون سلفر)، ورواية (دافين دو مورييه) الذي حوله (الفريد هيتشكوك) إلى رائعة سينمائية.
4 - قصص الحيوانات: وهي تُعبّر عن صلة الحب بين الإنسان والحيوان مثل حكاية الكاتبة الكندية (شيلا بيرنفورد عن رحلة كلبين في براري كندا) للوصول إلى من يحبون.
5 - قصص البلاد الأخرى والرحلات الاستكشافية: يُشبع هذا اللون من القصص فضول الأطفال عن حياة الناس في تلك البلاد وهو أيضاً يساعدهم على تعرّف أوجه التشابه والاختلاف بين الشعوب، مثل حكاية (موكاسا عام 1973 للكاتب جون ناجندا) التي تحكي عن ذكرياته في أوغندا.
6 - القصص البوليسية: وهي لم تَعد تستهوي الكبار فقط بل وجدت رواجاً عند الأطفال أيضاً، وقد ساهم كثير من الكتاب في إثراء أدب الأطفال بقصص الغموض والحبكة البوليسية حين جعلوا أبطال هذه القصص أطفالاً وخاصة قصص أغاثا كريستي.
7 - قصص الخيال العلمي: اكتسب هذا اللون من القصص رواجاً لدى الأطفال وقبولاً في النصف الثاني من القرن العشرين الميلادي، حيث تصف مغامرات في الفضاء الخارجي والكواكب الأخرى، وعالم المستقبل مثل (فيلم إيتي)، و(أغنية الثعبان عام 1976 لألن ماكافري).
8 - القصص الاجتماعية: وهي قصص تُعنى بموضوعات اجتماعية ومشكلات شخصية، وقد عالجت قصص الأطفال بواقعية شديدة، وهي من أجمل وأفضل ما يمكن أن يفيد الطفل.
9 - قصص السِّيَر والملاحم: قصص طويلة عن أبطال أُسطوريين من أشهرها (الإلياذة والأوديسة لهوميروس)، وهما من أحب كتب الأطفال، وبالمثل القصص الملحمية عن الملك الإنجليزي (آرثر وسيفه السّحريّ)، وفرسان المائدة المستديرة، و(عنترة بن شداد وسيف بن ذي يزن).
وهي تعرِّف الأطفال بحياة العظماء من الرجال والنساء الذين حقَّقوا بطولات أو اكتشافات مهمَّة، ويقوم معظمها على قصص حقيقية، كتبت بأسلوب مُشوّق.
10 - كتب المعلومات: هي أعمال غير قصصية، لكنها تُقدّم للطفل عجائب العلم وجمال الفن مثل الموسوعات وغيرها، وقد انتشرت هذه الكتب منذ مطلع القرن التاسع عشر الميلادي.

[email protected]