للأسف الشديد، كثير من الناس يتمحورون حول أنفسهم ويعتقدون أنهم لا يقعون في الخطأ أبداً، وينظرون إلى ما يستحسنونه على أنه حسن حسناً مطلقاً، وما يستقبحونه على أنه قبيح قبحاً مطلقاً، وعلى بقية البشر أن يتوافقوا معهم بكل ما يعتقدونه وإلا أصبحوا أعداءً لشخوصهم وأفكارهم وآرائهم.
وكم يكون سيئاً أن يعتقد الواحد منّا أنه دائماً على حق، وبقية البشر على باطل، وأنه المركز للصدق والصواب وبقية الناس حواف الكذب والخطأ؟! والأسوأ منه أن تصبح هذه العقيدة شيئاً عاماً، فيعتقد كل واحد من الناس أن رؤيته للأشياء والأمور دائماً هي الصحيحة، وأن على بقية الناس أن يوافقوه على ما يرى، وإلا فإنهم على خطأ أو ضلالة!
غالبية الذين يؤمنون بهذه الأفكار ويقتنعون بها يجهلون الرؤية العامة في هذا الشأن، أن الأصل في الأشياء الإباحة والصواب، ويكون الشيء في دائرة الإباحة والصواب، ما لم يثبت عكسه، كما أنهم يستنكرون ويشمئزون من الناس الذين لا يتفقون معهم بأفكارهم وآرائهم وسلوكهم.
في الحقيقة ليس لأحد أن يجبر غيره على التوافق معه بمبادئه وقناعاته، ولا على استحسان أفكاره، كما أنه ليس لأي شخص في المقابل أن يستهجن صنيع وآراء وأفكار غيره.
وهذا النوع من الناس دائما يعتد برؤيته، ويتمسك بمبادئه وأحكامه، وغالباً ما يخلط بين الأفكار والاجتهادات والآراء التي من حق الأشخاص أن يختلفوا فيها، فهو لا يملك المرونة والشفافية الكافية للتفريق بين الرؤية الخاصة النابعة من أفكاره واجتهاداته، وبين النظرة العامة المتفق عليها بين غالبية الناس، وهذا النوع من الناس تكون علاقاته متوترة وقلقة وهشة، لأنه يحاول دائما وأبداً أن يحافظ على أفكاره ومألوفاته على حساب علاقاته حتى وإن كانوا أرحاما، فهو لا يحترم الأشخاص المقربين خصوصاً الأقرباء منهم في سبيل الاحتفاظ والتمسك بوجهة نظره ورؤيته الخاصة حتى وإن خسر أقرب أقربائه، عزاؤنا الوحيد هو أنه يبني آراءه بناء على ظنون وأوهام، أو بناء على قراءات ناقصة لواقع الحياة، فعلينا أن نلتمس إليه العذر إلى أن يفوق ويصحى من سباته.
m.alwohib@gmail.com
mona_alwohaib@