وجع الحروف

... التقدير المصطنع!

1 يناير 1970 07:01 ص

في الحديث الشريف قال صلى الله عليه وسلم: «يا أبا ذر إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها»... لاحظ الاستثناء «إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها»، يشير إلى ان «الولاية/‏ المنصب القيادي» تعتمد على معايير لمنحها للمرشح، وهي في طبيعتها لا يملكها سوى الكفاءات ممن لديهم المعرفة? الخبرة? حسن السيرة والسلوك والمهارات القيادية الاخرى، التي تمكنهم من أداء الأمانة ـ المهام الموكلة إليهم.
حتى بالنسبة للبلدان التي شهدت تطوراً تجد معيار الكفاءة محدداً وواضحاً وتكون الاختيارات صحيحة.
خذ عندك حال أحد الكفاءات الذي ناولني جهازه لأقرأ رسالة وصلته نصها «شهادتي فيك مجروحة? أنت رجل مليان غني ثري سمها ما تسميها بالمادة العلمية? مثقف? جريء بالطرح... والله إن أي رجل مصلح يحتاجك لكن الحياة تحالفات وشبكات ومحسوبيات... لا بد من وسيلة للوصول».
قلت له: كلامه صحيح وأنت وغيرك تستحقون، لكن أصحاب القرار لا يقربونكم لأسباب تعود إلى التركيبة الثقافية والحسد، ناهيك عن أنك لست من المؤمنين بالواسطة? المحسوبية? المحاصصة، وبالتالي لا يقع عليك الاختيار.
الشاهد أن الكفاءات من أبناء جلدتنا ينقسمون إلى نوعين: نوع المواطن البسيط الذي لا يملك واسطة أو محارب من «ربعه»، ونوع يجيد التسويق لنفسه عبر مجموعة/‏ كتلة/‏ فئة تدعمه (وهم قلة)، وحتى إن وصل فإن ولاؤه لمن أوصله.
لهذا السبب ذكرت لكثير ممن سألني حول عدم تبوؤ الصالحين الأخيار المناصب القيادية: إن الخلل يعود لـ«ربعنا» ومن هو قريب لمحيط اتخاذ القرار، وحتى وإن تلقى الكفاءة عبارات الثناء فإنها لا تتجاوز المجاملة و«التقدير المصطنع»، الذي عنونت به هذا المقال.
بين الاصطناع والإصلاح خيط رفيع نسجته البطانة الفاسدة ومنظومة الفساد... فمتى ما عرف السبب وقطع هذا الخيط واستبدلت البطانة باخرى صالحة? نستطيع القول إن الوضع تحول إلى تقدير فعلي، نلمسه في قرارات تلامس الحاجة الفعلية للنهوض بالبلد وبلوغ التنمية المستدامة.
إننا ببساطة وضعنا الحل عبر إنشاء هيئة عامة للقياديين، يتم عبرها اختيار قيادات تصيغ رؤى صالحة ولديها كاريزما تعمل بأطر أخلاقية محاطة بحوكمة لصيقة، تنتج عنها قرارات إصلاحية تحقق التنمية والعيش والرخاء.

الزبدة:
الثابت أن لدينا رؤية مشاريع كبرى? ونفتقر إلى إعادة صياغة بعض مضامينها? ضعف متابعة لتنفيذ المشاريع? انعدام المحاسبة للمقصرين? وكثير من المعمول به يعتمد على توصيات غربية لا تناسب بيئتنا وثقافة المجتمع الكويتي.
كي نقلب الصفحة المليئة بالإخفاقات التي أظهرتها المؤشرات العالمية والمشاهدات المحلية? يجب علينا الاعتراف بالخطأ كمدخل للإصلاح واستبدال الكادر الاستشاري واختيار الكفاءات لقيادة مؤسساتنا.
كم أتمنى أن تجد الكفاءات نصيبها في القريب العاجل حيث الوضع يبدو لي أنه وصل حداً لا يطاق، من ظواهر الفساد المستشرية وضعف التعليم وتدني مستوى الخدمات الصحية والطرق والبنية التحتية، وكله مثبت في المؤشرات العالمية.
التعليم هو المدخل للإصلاح، ويحتاج إلى كفاءات تعد البرامج والمناهج الملائمة لنا? والصحة تحتاج إلى كفاءات تشخص الأمراض والأعراض وتصف العلاج السليم، ناهيك عن مراكز صحية تحتاج إلى مختبرات متكاملة التحاليل? أدوية متوفرة? وتعقيم.
الكفاءات هي التي تستطيع معرفة «المستوى المعيشي» للأفراد، عبر إيجاد جهاز خاص بها.
وعليه? نذكر أصحاب القرار ان المحسوبية? الواسطة? والمحاصصة عند اختيار القياديين لا تصنع التاريخ، ولن تبلغنا أهداف التنمية المستدامة.
إن التقدير المصطنع للكفاءات يدفع بنا نحو الهاوية... فهل من رجل رشيد بين أصحاب القرار؟... الله المستعان.

terki.alazmi@gmail.com
Twitter: @Terki_ALazmi