رواق

الكويتي والأميركاني

1 يناير 1970 09:38 ص

حكايات كثيرة، تعج بها البلاد، ويتناولها العباد: كبّر، لوياك، الحفلات، المشروبات، الشهادات، السرقات، التعيينات بالبرشوتات، الماراثونات، الحيازات، الحجابات... وغيرها من الحكايات التي استوت كقضايا أزلية كبرى، راح كل يدلو فيها بدلوه، وللدلو حكاية أخرى مغايرة عن حكاية: برج الدلو يحب الدلو!
لم تعد الكتابة الأسبوعية تجد صعوبة في طرح القضايا المطروحة يومياً، ولا حتى الكتابة اليومية تستطيع مواكبتها، حتى تويتر «ما يلحق عليها» على مدار الساعة، وهي قضايا لا تحتمل تأويلا أو تحليلا: إن لم تكن معها فأنت ضدها وأيا كان موقفك سيسهل تصنيفك بين «هذول وهذولات»، ويضيع بينهما الذين في المنتصف، الذين كان يطلق عليهم الغالبية الصامتة، الغالبية اليوم ثرثارة، ولا أحد يصمت، وهذه قضية تستحق النقاش في حد ذاتها لكن لا أحد يناقشها!
وعلى سيرة مناقشة قضايا الصمت، ثمة ظاهرة قديمة انقرضت بين كتاب الأعمدة والزوايا، الاعتذار عن الكتابة واعتزالها لدواعي الإجازة والسفر، وهي ظاهرة غريبة، لأن الكتابة هواية لا وظيفة، ويفترض أن يحفزها السفر لا يوقفها!
الغريب استغراب الغريب لدينا، فالكائن الكويتي عموماً - لا الكاتب وحده - مختلف ومتفرد، هو حالة نقيض للأميركاني مهما تأمرك، وبعيداً عن السياسات وقريباً من السياحات، لنتأمل الكويتي والأميركي إذا سافرا وهما أكثر شعبين بالمناسبة يعشقان السفر في حدود إمكانياتهما الوقتية والمالية.
الأميركان هوليووديون بطبعهم، كل شيء عندهم «واو»، أما الكويتيون فـ«بوليووديون» كل «واو» يقلبونها دراما، من هنا: لا تصدق مدح أميركي ولا ذم كويتي!
الأميركي لم يرَ خريطة العالم خارج جغرافيته، ما يجعله ينبهر بكل ما يراه وكل صغيرة وكبيرة، والكويتي نقيضه، استهلك تجارب العالم فاستنزفته، وما عاد يبهره شيء، ويا ليتنا ننبهر مثلهم ويسعدنا كل شيء لكنا بألف خير!
لكننا على النقيض نحرص - كل الحرص - على الشيء الذي يقال عنه «واو» فقط لنثبت أنه «لا واو ولا شي!» حتى إن سمعنا عن شيء غير جميل نصر على تجربته بأنفسنا، لنؤكد أنه لم يعجبنا وكأن عهد إلينا مهمة عدم الإعجاب بما يعجب به الآخرون!
الخلاصة، لا تأخذ رأي كويتي ولا أميركي، الكويتي يبالغ في ذم ما لا يستحق الذم والأميركي يبالغ في مدح ما لا يستحق المدح، تماماً مثل نصفي الكأس الفارغة والممتلئة، وإذا اجتمع الأميركي والكويتي على مدح وذم الشيء نفسه فاعرف أنه شيء عادي!
من هنا الكويتي لديه ألف قضية يتحدث عنها، والأميركي لديه القضايا نفسها وأكثر، لكنه لا يتحدث عنها هو مشغول بها.