القضية تحتاج إلى حلٍّ نهائي بإرادة وطنية واعية فهؤلاء جزء من الوطن والمجتمع
الكويت نتاج هجرات أكثر منها مجتمعا مستقرا ومثل هذه الدول يتشكل فيها نوع من الاندماج والتنوع
الحركة الوطنية لم تعرف مفاهيم القبيلة أو العائلة أو الطائفة التي استحضرت من جديد واستخدمت لغرض سياسي
الأحزاب الدينية في مجتمع ثنائي الطائفة تكون أحزاباً طائفية وتوظّف الطائفة سياسياً
رأى الأمين العام للحركة التقدمية أحمد الديين، أن «قضية الكويتيين البدون تحتاج إلى حل إنساني نهائي عادل، ولم يحلها الزمن ولا العنصريون، فهي تتطلب ارادة سياسية وطنية واعية لذلك»، مشدداً على انه «لا يمكن ان يكون العنصريون أداة لحل قضية انسانية، ولا بد من توافر إرادة جدية لوجود حل انساني نهائي عادل ينهي المعاناة، ويدمج الكويتيين البدون بالمواطنة، ولابديل عن ذلك طال الزمان أو قصر».
وتناول الديين خلال ندوة «بين قضية المواطنة.. وقضية الكويتيين البدون» التي نظمتها الحركة التقدمية مساء أول من أمس، مفهوم المواطنة وتطورها في المجتمعات والكويت، مؤكدا «ضرورة وجود ارادة سياسية الى جانب قراءة واقعية لقضية الكويتيين البدون، ففي النهاية هؤلاء أناس هم جزء من الوطن والمجتمع»، مشيرا إلى التفاعل أخيراً مع القضية بدءا من اسبوع البدون الثقافي وإقامة الندوات، وصولا إلى تصريح النائب محمد هايف بخصوص القضية.
وقال إن «مفهوم المواطنة أخذ تطوره لاحقا مع وجود الدول الحديثة، وخصوصا بعد الثورة الفرنسية ومع تشكل الدول القومية حيث أصبحت المواطنة تعني الصلة بين المواطن والدولة بوصفه جزءا من هذا البلد»، مشيرا إلى أن «الكويت نشأت نتاج هجرات أكثر منه نتاج مجتمع مستقر لمدد طويلة، والمجتمعات الناتجة عن هجرات يتشكل فيها نوع من الاندماج والتنوع». وأشار إلى أن«مفهوم المواطنة بدأ يتحقق عند المطالبة بمجلس الأمة التشريعي الأول عام 1938 ووضع دستور ثم تكرس مفهوم المواطنة بصيغته القانونية بعد قانون الجنسية عام 1959. ومع تشكل الدولة الحديثة والاستقلال برزت تحديات للمواطنة، إذ كان هناك أزمة انتقال الناس من كونهم رعايا في عهد المشيخة إلى كونهم مواطنين»، مؤكدا أن«المجتمع الكويتي عرف الانسجام في مفهوم المواطنة من البداية».
وتطرق إلى الهويات الصغرى والهوية الوطنية الجامعة في الكويت، وقال «عندما كانت الحركة الوطنية الفاعلة ومع تأسيس الحركة النقابية والطلابية لم يكن يشار إلى المفهوم القبلي أو العائلي أو الطائفي للأفراد، وهناك من استحضرها من جديد واستخدمها لغرض سياسي، وهي السلطة التي سعت لتعيد الاعتبار للهويات الصغرى السابقة للدولة الحديثة».
ولفت إلى أن «الانتخابات الفرعية الطائفية في الدعية، والفرعية القبلية في المناطق الأخرى في السبعينات والثمانينات، كان واضحا انها تمت بتشجيع من السلطة واستحضر عودة الهوية الطائفية»، مردفا أن «تقلُص مفهوم المواطنة وبروز مفهوم الهويات الصغرى، ليس بسبب تطور المجتمع بل ذلك فعل تم تكريسه عن عمد وقصد وأدى إلى هذه النتيجة التخريبية. فهناك قوى لها مصلحة ألا تجعل الناس ترى الانقسام الحقيقي داخل المجتمع وهو الانقسام الطبقي، وهو بين الذين يملكون والذين لا يملكون».
وبين أن «الدستور أعمى تجاه الموضوع الطائفي، رغم وجود ممارسات، بعد ان اُستحضر بعمق خصوصا بعد الحرب العراقية الايرانية واستخدم سياسيا»، مؤكدا أنه «لا أساس للمشكلة الطائفية في الكويت، فهي ليست كلبنان التي يحدد فيها القانون الانتخابات على أساس الطائفة والقبول في المناصب كذلك». وتابع «كحركة وطنية ويساريين، نحن عابرون للطوائف والقبائل والمناطق، وأعضاؤنا فيهم سنة وشيعة وحضر وقبائل»، معتبرا أن «الاحزاب الدينية في مجتمع ثنائي الطائفة بالضرورة تكون احزابا طائفية وتوظف الطائفة سياسيا».
وانتقد الديين، حسن نية البعض عند طرح مسألة «ضرورة تعايش مكونات المجتمع الكويتي»، مبينا أن«ذلك يعني أن تقسم المواطنين الى مكونات قبلية ومناطقية وطائفية ومطلوب تعايشها، فهو شعار ظاهره الرحمة وباطنه العذاب»، لافتا إلى أن «الحركة التقدمية تطرح مفهوم المواطنة الدستورية المتساوية». واعتبر أن «أحد تجليات ازمة المواطنة هي قضية الكويتيين البدون، لأنه حتى باعتراف الدولة هناك العشرات يستحقون ولكنهم محرومون منها»، لافتا إلى أن «الحركة التقدمية لا تسمي الموضوع مشكلة البدون، لأننا لا نرى البشر مشكلة، لكن نرى ان لديهم قضية يجب معالجتها». وأشار إلى أنه «مع أزمة عبدالكريم قاسم الذي طالب بضم الكويت إلى العراق، نشأت الحاجة لتنظيم اكبر حملة تطوع في الجيش والشرطة»، مبينا أن «أكثر المتطوعين من البادية سواء يحملون الجنسية ام لا. وقانون الجنسية الصادر عام 1959 في مادته الرابعة تتيح منح الجنسية للعربي بعد 8 سنوات، والناس في ذلك الحين كانت تتعامل مع هذا الوضع».