المال السياسي ما زال يعمل بقوة في أعرق الديموقراطيات والدول المتحضرة، ولا يمكن - بحال- استثناءه من الحراك السياسي العالمي والمحلي!
وما زالت روسيا تتحكم بانتخابات أوروبا وأميركا! والذي يهمنا معرفته.
ولكن ما موقف الإسلام منه ؟
قال تعالى: «وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا».
السفيه مَنْ لا يحسن التصرف في المال لسفهه، ولأنه سيتلفه لعدم رشده ويمكن تقسيم الناس في ذلك إلى ثلاثة أقسام... الناس والأموال والسياسة:
أولاً: القبيضة من الأحزاب، وهؤلاء غلب عليهم حب العلو في الأرض والفساد فلم ينظروا في عاقبة المعاد، ورأوا أن نجاحهم لا يقوم إلا بعطاء، وقد لا يتأتى العطاء إلا باستخراج الأموال من غير حلها، فصاروا نهّابين وهّابين! فيأكل أموال الناس ويأخذ عليهم لكنه كريم يعطي بسخاء، فهو يضر من وجه وينفع من وجه، لكنه لا يريد في موهبته وجه الله تعالى، يريد بذلك بقاء سلطانه وجاهه عند الناس لا سيما الكبراء والمحافظة على الوجاهة، وكما يكون هذا في الأمراء والملوك والسلاطين يكون أيضاً في عامة الناس، فيأخذ المال ويكتسبه من أي وجه كان، حلالاً كان أم حراماً، لكنه سخي يعطي ويبذل ويتصدق ويبني المدارس والمساجد، ويطبع الكتب، فهو نهاب وهاب، فله سيئات وله حسنات، فهؤلاء عاقبتهم رديئة في الدنيا والآخرة إلا أن يمنّ الله عليهم بالتوبة، فمتى منّ الله على الإنسان بالتوبة، فالتوبة تهدم ما قبلها.
ثانياً: فريق عنده خوف من الله سبحانه وتعالى ودين يمنعهم عما يعتقدونه قبيحاً، من ظلم الخلق، وفعل المحارم، ولكن قد يعتقدون مع ذلك أن السياسة لا تتم إلا بما يفعله أولئك من الحرام، فيمتنعون عنها مطلقاً، وربما كان في نفوسهم جُبن، أو بُخل، أو ضيق خلق، ينضم إلى ما معهم من الدين، فيقعون أحياناً في ترك واجب، يكون النهي عنه من الصد عن سبيل الله وقد يكونون متأولين ولهم نوع اجتهاد، ومن هذا نفهم قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «اللهم إليك أشكو ضعف التقي وجَلَدَ الفاجر».
ثالثاً: الذين لا يأخذون من المال العام إلا مثلما يأخذه عامة الناس، ولكنهم يبذلون الأموال الطائلة في تأليف الناس على الدين، كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعطي مائة من الإبل لرجل واحد وكما أعطى أعرابياً غنماً بين جبلين وهذا الإعرابي لما رجع إلى قومه قال: يا قوم أسلموا فإني رأيت محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفقر وإذا أسلمت هذه القبيلة من أجل غنم بين جبلين مصلحة كبيرة للإسلام ولهيبة الدولة الإسلامية أيضاً.
أما الذين يقولون لا تعطوا من الدولة شيئاً ولا أي مساعدة للتأليف، هذه خسارة! هذه إضاعة مال! وستضر باحتياط الأجيال القادمة! فهذا ليس بصحيح ولا دقيق.
فمثلاً إذا أعطينا المؤلفة قلوبهم، وهم أغنياء وجاء البعض وقال: سبحان الله نعطي هذا التاجر الغني رئيس القوم وندع الفقراء؟ فينتقدوا السياسة الخارجية ولكن أهل النظر البعيد يقولون: لا، هذا فيه مصلحة كبيرة لأن تأليف هؤلاء الرؤساء فيه مصلحة كبيرة للدين وللدنيا قد لمسنا هذا فعلاً لمس اليد، حينما غزا العراق الكويت كيف سخّر الله قلوب العالم لنصرة الكويت وأهلها.