إنها قصة بسيطة وكبيرة في الوقت نفسه، وتحمل في طياتها المعنى الكبير من الكفاح ضد الرغبات والتضحية والزهد والكفاح من أجل هدف عظيم و سامٍ، والقصة هي لمسجد معروف في تركيا وهو مسجد أو جامع «كأنّي أكلت»، والذي تناولته العديد من وسائل الإعلام والمصادر، ومن تلك الوسائل الإعلامية الموقع الإخباري «ترك برس»، والذي يذكر بأنه يقع جامع «كأنّي أكلت» - والذي يعني بالتركية «صانكي يدم» - في منطقة فاتح في إسطنبول. ويلفت الجامع الأنظار إليه، ليس بسبب إنشائه فقط بل لقصة بنائه الغريبة.
يعود إنشاء هذا المسجد العظيم إلى العهد العثماني. وعلى ما يُروى ان شخصاً ما يُدعى «خير الدين أفندي»، وهو تركي عثماني يسكن في حي الفاتح، عانى من الفقر، وكُلّما مرّ إلى السوق واشتهت نفسه الفواكه أو اللحم أو الحلوى، يقول لنفسه: «كأني أكلت»، ويضع ثمن تلك الفاكهة، أو اللحم، أو الحلوى في صندوق في بيته طوال سنوات. وعندما جمع مقداراً كافياً من النقود لبناء المسجد، قام بإنشائه. وعُرِف مُنذ يوم إنشائه باسم «صانكي يَدِم». وقد تغير شكله الأصلي بعد تعرضه لحريق في زمن الحرب العالمية الأولى، ولذلك تعرض لعمليات ترميم في عام 1995 وأخذ شكله الحالي «انتهى».
وتعليقاً على هذه القصة الرائعة - أو بمعنى أخر على هذه العظة المفيدة - نتمنى أن تكون عبرة للاستفادة من تلك النفوس الزكية، وهي نادرة على مر العصور، وقلما تجد من يكافئها بالعطاء، وهذا الزهد النادر ربما لا يتقبله الكثيرون ولكن نتمنى أن نرى ثقافة الأولويات المالية وحسن التدبير في الصرف، وتوجيه الميزانيات لما فيه المصلحة العامة من أجل الأهداف الكبيرة، ونتمنى أن نرى في واقعنا المعاصر استثمار الأموال في الإنجازات الملموسة، بعيداً عن التنظير والشعارات الإنشائية، وكثرة الاحتفالات، رغم قلة الإنجازات! والأهم أنها مسؤولية ونحن مُحاسبون من قبل رب العالمين.
وكذلك فإن التدبير والتوفير والإنجاز، هي عبارة عن رسائل نبرمج فيها المجتمع والأبناء لتكون ثقافة عامة لدينا، بعيداً عن الهدر والفوضى المالية والصرف في أمور لا تستحق!
ahmed_alsadhan@hotmail.com
Twitter @Alsadhankw