حلّ ضيفاً صريحاً في «حديث الإثنين» بـ «مركز جابر الثقافي»

عبداللطيف البناي: لديّ قلب واحد ... وأترجم ما بداخله في أشعاري

1 يناير 1970 10:11 ص

 الأغنية الكويتية ضائعة ... ولم أفتعل المفردات في أعمالي

 للأسف صرنا نسمع اليوم أغاني... غريبة وعجيبة



احتضنت القاعة المستديرة في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، أول من أمس، الشاعر القدير عبداللطيف البناي، الذي حلّ ضيفاً خفيفاً وصريحاً، ضمن فاعلية «حديث الإثنين» الذي يقيمها المركز أسبوعياً، ويستضيف من خلالها نخبة من أعلام الثقافة والفن والأدب، وآخرون من مجالات شتى، في حين أدار الحوار الإعلامي سعود السنعوسي.
البناي، الذي بدا عفوياً إلى حد الشفافية، عبّر خلال الأمسية عن كل ما يختلج صدره من مشاعر وذكريات وآهات على ضياع الأغنية الكويتية، مستعرضاً أهم المحطات في مشواره الطويل والزاخر في مجال الشعر الغنائي، لا سيما تلك الأعمال الخالدة التي نسج أبياتها منذ سنوات طوال، ولا تزال خالدة في أرشيف الأغنية الخليجية وعالقة في أذهان الجمهور. وتطرق إلى تعاونات عدة جمعته مع عمالقة الطرب في الخليج، بينهم «بلبل الخليج» الفنان نبيل شعيل ورباب والعنود ومحمد المسباح ونوال وعبدالكريم عبدالقادر، وباقة أخرى كبيرة من المطربين. كما قدم «بوناصر» عدداً من الأشعار التي ذاع صيتها في السابق، إلى جانب أشعار جديدة قدمها للمرة الأولى.
ولم يُخف البناي ما يعتصر قلبه من حسرة وألم، لما آلت إليه الأغنية الكويتية الحديثة، قائلاً: «ما زلت أقول إنها ضائعة، وهذه حالنا في دول الخليج كافة، حيث أصبحت إجازة النصوص الغنائية بالواسطة، على عكس ما جرت عليه العادة في السابق، إذ كانت هناك لجنة نصوص متخصصة، أما الآن فكل من هب ودب صار يقرض الشعر ويكتب الأغاني، وأضحى من يمتلك الفلوس يدفع ويطلب النص على عجالة، فكيف تخرج لنا أغنية جميلة، تتم كتابتها في خمس دقائق؟!». وأضاف: «في السابق، كنا نظل يوماً كاملاً كي نقوم بإنجاز أغنية واحدة».
ومضى بوناصر يقارن بين الأغنية الخليجية في الماضي والحاضر، قائلاً: «كانت الأغنية تتكون من ثلاثة عناصر رئيسية هي الكلمة واللحن والأداء، وكنا نجتمع ونتفق، وكان يتم التغيير في بعض الأمور بالاتفاق. مثلاً أغنية (أجر الصوت) التي قدمها الفنان القدير عبدالكريم عبدالقادر كان عنوانها بالأساس (ألا يا حيف)، وكان من حقي أن أقول للملحن أو للمطرب عن رأيي وهما كذلك من حقهما أن يبادلاني الرأي».
وعرج البناي على تعاوناته في الثمانينات مع بعض الأسماء الفنية الجديدة وقتذاك، حيث قال: «تعاونت مع نبيل شعيل في بداياته، ومع الفنانة نوال وغيرهما، ممن غامرت بالتعاون معهم، لأني كنت مقتنعاً بأصواتهم، وأنا لست عنيداً».
وعن تعاوناته قبل خمسين عاماً، خصوصاً في أولى أغانيه العاطفية مع الفنان القدير الراحل عوض الدوخي، علّق البناي: «الدوخي كان يسكن معي في القاهرة، وهو صاحب قلب كبير، فبعد سنتين من معرفتي به، وبالتحديد في العام 1969، شدا بإحدى أغنياتي، ومن ثم تغنى الفنان يحيى أحمد بكلماتي في أغنية (بطاقة عيد)».
وتحدث بو ناصر عن مصدر إلهامه في كتابة الشعر، قائلاً: «لديّ قلب واحد، وعندما أشعر بالشيء أكتبه على الفور، كما أكتب كل ما يختلج قلبي من أحاسيس ومشاعر وأترجم ما بداخله في أشعاري، حتى إن بعض المواقف التي قد تحدث لصديق ما أو لقريب أكتبها في دفاتري، فمثلاً أغنية (تبرا) التي غنتها نوال، لم تكن حالة نمطية بين حبيبين، بل إنها قصة حقيقية جرت أحداثها بين أم حدثتني عن علاقتها مع ابنها الذي رماها في دار للعجزة».
وأضاء البناي خلال «حديث الإثنين» على نقاط عدة، بينها ندرة الشعراء في الوقت الحالي، ممن لا يزال لديهم حسّ الاهتمام بالمفردة الكويتية، مؤكداً أنه لم يفتعل المفردة في أشعاره قط، بل إن ما يكتبه هو من صميم اللهجة الكويتية.
وحول تعامله مع الفنانين العرب، وما إذا كانت الكتابة لهم تختلف عما يكتبه إلى المغني الخليجي، قال: «أنا لا أكتب لهم، بل إن الملحن هو من يوصل كلامي إلى المطربين العرب، ولا أغير لهجتي، وإنما أحرص على كتابة أعمال لمطربي الكويت والخليج كذلك».
في غضون ذلك، استحضر بو ناصر أعماله الوطنية التي صاغ كلماتها إبان الاحتلال الغاشم للكويت، قائلاً: «كنتُ في لندن خلال الغزو الغاشم، ومن ثم ذهبت إلى القاهرة لتقديم أوبريت وطني بعنوان (فجر الخميس) الذي قدمته الفنانة سعاد عبدالله»، منوهاً إلى أن أعماله الوطنية والرياضية لا تزال حاضرة في أذهان الجمهور، لا سيما أغنية «الجابرية» وغيرها الكثير. ونوه إلى أن هناك أغاني لو عاد به الزمن فإنه لن يكتبها أو يقدمها للساحة الغنائية، مختتماً: «للأسف صرنا نسمع اليوم أغاني غريبة وعجيبة».