العدساني لـ«الراي»:
للجان البرلمانية دور مهم في الرقابة البرلمانية ومنه ما تقوم به لجنة الميزانيات
- الاستجواب حق أصيل للنائب ولجان التحقيق والأسئلة تُفَعّل لكشف تفاصيل معيّنة أو للقضايا القابلة للمعالجة
الدلال لـ«الراي»:
الأدوات الرقابية ساهمت في معالجة الكثير من الأمور ومنها حساب العُهد والحد من الهدر في الجهات الحكومية
- بإمكان الأدوات الرقابية الأخرى المتاحة تحقيق نتائجها وهذا لا يقلل من أهمية الاستجوابات
الدمخي لـ«الراي»:
فاعلية الرقابة تتم على أكمل وجه في حال وجود وزير يرغب في معالجة القضية المُتَناولة
- الرقابة طغت على التشريع والمجلس فتحَ ملفات «ضيافة الداخلية» وصفقات التسليح والحيازات وأوقفَ الضرائب
عبدالصمد لـ«الراي»:
رقابة لجنة الميزانيات قد تكون أكثر فاعلية من الاستجوابات مع عدم استهانتي بالأداة الرقابية
- استجواب أي وزير يمكن أن يتم بالقرعة من خلال الحساب الختامي لكننا دائماً ما نقول عندما يُقدّم ... ماذا بعد؟
فتحت نتائج المساءلات السياسية، سواء الموجهة في الفصل التشريعي الحالي أو في المجالس المتعاقبة، والتي حالت دون استبعاد الوزراء المُساءلين أو حتى حالت مناقشتها دون حل القضايا موقع المساءلة وشواهدهما كثيرة، فتحت باب الحديث عن جدوى ونتائج الرقابة «الخشنة» المتمثلة «بالاستجوابات» لأعمال السلطة التنفيذية مقابل النتائج المحققة للرقابة «الناعمة» لمجلس الامة، إن صح التعبير، والمتمثلة في «التشريع وأعمال اللجان ونتائج لجان التحقيق وطلبات المناقشة والاسئلة البرلمانية».
ولعل المتتبع للدور الرقابي لمجلس الامة خلال الفصول التشريعية الاخيرة، يجد أن أجواء بعض الاستجوابات لم تعد كما كانت، وفقدت بعض زخمها واهتمامها اللذين كانت تتمتع بهما في مجالس سابقة، إما نتيجة لطبيعة القضايا المتناولة موضع المساءلة، أوتوقيتها أوالاسراف في استخدام هذه الاداة، أوحتى نتيجة للظروف المحيطة بها محلياً وإقليمياً.
وقد يكون هذا الزخم تراجع مقابل تنامي القناعة لدى قطاع واسع من ممثلي السلطة التشريعية بجدوى الرقابة «الناعمة» في مثل هذا التوقيت والظرف السياسي، ناهيك عن النتائج الايجابية التي استطاعت الرقابة الناعمة ان تحققها، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر، عودة الجناسي المسحوبة، ورفع القيود الامنية عن بعض المواطنين، وإعادة صياغة الوثيقة الاقتصادية، أو ما أنجز تشريعياً كقوانين حق لجوء الافراد للمحكمة الدستورية، والمحاكمات التأديبية، والمراقبين الماليين، والتي أنجزت في المجلس السابق، او قانون تعارض المصالح المنجز في المجلس الحالي، وما انجزته لجان التحقيق البرلمانية، كلجنة التحقيق في الحيازات الزراعية في المجلس الماضي، والتي تمخض عنها تعديل جذري لقانون الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية، او لجنة التحقيق في تجاوزات وزارة الصحة في المجلس الحالي، والذي حرك الدعاوى القضائية على بعض موضوعات تحقيقها.
وكذلك ما انجز على صعيد اللجان البرلمانية، كلجنة الميزانيات والحساب الختامي البرلمانية، دون توجيه استجواب واحد في عدة قضايا، ومنها قضية أموال الضيافة في وزارة الداخلية، وموقفها من قانون الدين العام، وإعادة هيكلة القطاع الاداري في الدولة، وتقليص ملاحظات ديوان المحاسبة على الجهات الحكومية، وغيرها من النتائج التي دفعت للتساؤل عما اذا كانت الرقابة الناعمة ستطغى على أعمال المجلس الحالي، وتعزز حضورها في الوقت المتبقي من عمره.
وحول هذا الوضوع أكد رئيس لجنة الميزانيات والحساب الختامي البرلمانية النائب عدنان عبدالصمد لـ«الراي» ان الدور الرقابي لمجلس الامة لا يقتصر على الاستجوابات، فعلى الرغم من أهميتها، الا أنها يجب أن تحقق الغرض المطلوب، فأحيانا رحيل الوزراء لا تترتب عليه معالجة الموضوع محل المساءلة، إذ إن الامر يعتمد على من يأتي بعد الوزير المستجوب.
وأوضح عبدالصمد أن أكثر المشكلات التي تواجههم في لجنة الميزانيات عند بحث معالجة أي خلل، تغير الوزراء او الموظفين في المناصب الاشرافية، وهذه المسألة تعيق العمل، لافتا الى انه كثيرا ما يسأل عن أسباب عدم مساءلة الوزراء، وانه في أكثر من مناسبة أكد ان من يريد ان يستجوب أي وزير ليس عليه فقط الا الاختيار بينهم بالقرعة، من خلال الحساب الختامي لأي جهة «لكننا دائما ما نقول... الاستجواب عندما يقدم... ماذا بعد؟».
وبين عبدالصمد ان الاستجواب متى ما قدم، يجب ان تكون له نتيجة إصلاحية فيما بعد، «ونحن الآن من خلال لجنة الميزانيات نعتبر كل جلسة لنا عند مناقشة الحسابات الختامية بمثابة استجواب، والنتائج التي حققناها في اللجنة يمكن سؤال ديوان المحاسبة عنها، وقد جاءتنا معلومات من الديوان ورئيسه بالانابة، بأن كم العمل الذي تقوم به اللجنة حقق نتائج إصلاحية إيجابية، وصحيح أنها ليست على مستوى الطموح، لكن هناك انخفاضا للملاحظات على بعض الجهات الحكومية، كما أننا نكلف ديوان المحاسبة بمتابعة بعض القضايا، واليوم لننظر لحال حساب العهد، على سبيل المثال، بين الوضع السابق والوضع الحالي، فهناك تقدم رغم وجود مبلغ كبير تريد الحكومة معالجته سريعاً، من خلال ميزانية إضافية تسحب من الاحتياطي العام، ونحن بدورنا لا نستطيع أن نقره بهذه الطريقة، ويجب أن نأخذ رأي ديوان المحاسبة في الميزانية الاضافية».
ورأى عبدالصمد أن هناك الكثير من الملاحظات التي تثيرها لجنة الميزانيات، قد يحولها ديوان المحاسبة الى ملاحظات او مخالفات، تتم بشأنها محاكمات تأديبية، وقد يحيلها للنيابية. وخلاصة القول إن هذه الاداة، أي رقابة لجنة الميزانيات، «قد تكون فعالة أكثر من الاستجوابات، مع عدم استهانتي بالاداة الرقابية، وهي الاستجواب، بشروطها، علماً بأن بعض الاستجوابات تستغل لابتزاز الحكومة، وليس بالضرورة المستجوب، ولكن هناك من هم محسوبون على الحكومة، يستفيدون من الاستجواب، وكما يقال في الامثال (الخير على أطراف العجاج)».
واضاف عبدالصمد ان من الادوار التي قامت بها اللجنة ومارست من خلالها الدور الرقابي وحققت نتائج جيدة، قضية الدين العام «الذي أثبتنا بالحجج والبراهين عدم الحاجة له، وقضية دمج الجهات الحكومية، وعندما نقلنا نقاش الحسابات الختامية في جلسة عامة بالمجلس، كانت الجلسة بمثابة الاستجواب لجميع الوزراء».
من جهته، أكد عضو لجنة الميزانيات والحساب الختامي البرلمانية النائب عادل الدمخي لـ«الراي» أن الراقابة البرلمانية لا تقتصر على الاستجوابات، «وقد نكثر الحديث عن الاستجواب في هذا التوقيت لوجود حدث وقع متمثل في رفع الاستجواب من على جدول الاعمال، وهذا أمر يستدعي منا أن نقف وقفة إزاءه، وألا يمر مرور الكرام»، مشيراً الى ان «الادوات الرقابية لمجلس الامة كثيرة، وفي الاصل فإن عمل اللجان البرلمانية رقابي، ولجان التحقيق ولجنة حماية الاموال العامة والاسئلة وكل ما يثيره النائب رقابياً يعد دورا رقابيا».
وأوضح الدمخي أن في المجلس الحالي طغى الجانب الرقابي فيه على الجانب التشريعي، واستطاع إيقاف الضرائب وأي زيادة مالية، وسعى لتوفير امتيازات للمواطنين، مثل التقاعد المبكر والقرض الحسن وفتح ملفات ك «الضيافة» في وزارة الداخلية، وقضية «اليوروفايتر»، وهي جميعها قضايا أثيرت من خلال الحسابات الختامية، وغيرها من القضايا كالحيازات الزراعية والشهادات المزورة، مبيناً ان «فاعلية الرقابة تتم على اكمل وجه في حال وجود وزير فاعل راغب بالمعالجة بعد تناول هذه القضايا».
وأكد الدمخي أن «هناك اولويات رقابية سيتم تناولها في الفترة المقبلة، كقانون تعيين المناصب القيادية والكوارث والازمات، وملف التأمينات، وتعديلات قانون الاعلام الالكتروني، وهي محل متابعتنا، لكن بناء على رغبة النائب العام لم يتم تداوله وهو موضوع حاضر في كل الفترات».
اما النائب رياض العدساني فقد أكد أهمية تفعيل الدور الرقابي لعضو السلطة التشريعية، وعلى رأسها الاستجوابات والتي تعد حقا اصيلا للنائب، مشددا على انه ينبغي على النائب عدم التهاون في تفعيل الادوات الرقابية متى استوجب الامر ذلك، وعلى رأس هذه الادوات الاستجوابات ولجان التحقيق والاسئلة البرلمانية.
واوضح العدساني أن للجان البرلمانية دورا مهما في تفعيل الرقابة البرلمانية، ومنها على سبيل المثال ما تقوم به لجنة الميزانيات والحساب الختامي البرلمانية من دور رقابي على الجهات الحكومية، وتسليط الضوء على الحساب الختامي لها، لتلافي التجاوزات ومعالجة الملاحظات الواردة من الجهات الرقابية، كديوان المحاسبة وجهاز المراقبين الماليين.
وشدّد العدساني على دور اللجنة في متابعة القضايا التي تكون محل بحث لجان التحقيق، او تم تكليف الجهات الرقابية ببحثها، وبعد إظهار نتائج هذا البحث والتحقيق يجب إحالة الملفات الى الجهات القانونية المختصة، كالنيابة العامة او هيئة مكافحة الفساد، في حالة عدم معالجة هذه القضايا، او ثبوت التجاوز ومخالفة القانون فيها بكل الأمور، سواء المالية أوالإدارية أوالقانونية، والمشاريع وشؤون التوظيف وغيرها من الأمور.
وأكد العدساني ان لجان التحقيق عادة ما يتم الاستعانة بها في القضايا التي تحتاج الى إظهار الحقائق بها، لتتم في ضوء ذلك المحاسبة، مشيرا الى ان بعض القضايا غير الواضحة، فهي عادة ما تحتاج لتشكيل لجنة تحقيق فيها او تكليف والاستعانة بالاجهزة الرقابية، او من خلال اللجان البرلمانية المختصة، لافتا الى انه اذا كان الامر واضحا ولا لبس فيه بوجود مخالفات اوتجاوزات غير قابلة للمعالجة، فإن الامر يتطلب من النائب تفعيل اداة الاستجواب إزاء الوزير المسؤول، وأحيانا لا يتم الاكتفاء بهذا الامر أو سحب الثقة بالمستجوب فقط، وانما متابعة الموضوع وتشديد الرقابة عليه لحين وصوله للجهات القانونية المختصة، وهذا الأمر لا يعفي رئيس مجلس الوزراء من المسؤولية، فهو المسؤول عن رسم السياسة العامة للحكومة، وقد استجوبه 4 مرات.
وضرب العدساني مثالاً على دور لجنة الميزانيات في قضية «الضيافة المليونية» لوزارة الداخلية، والتي تم تحويلها للجنتي تحقيق في وزارة الداخلية وديوان المحاسبة، ومن ثم احالة الملف ونتائج التحقيق برمتها للنيابة العامة، ثم للقضاء، وإعادة جزء كبير من الاموال الى خزينة الدولة، ومحاسبة المتورطين، مشيرا الى ان هذا المثال يثبت فاعلية لجان التحقيق وثمرة نتائجها.
ونوه العدساني الى ان لجنة الميزانيات تعمل على قدم وساق لفحص الحسابات الختامية والسجلات المحاسبية، والاطلاع على البيانات المالية للجهات الحكومية بحضور الجهات الرقابية المسؤولة عن هذا الشأن، مثل ديوان المحاسبة وجهاز المراقبين الماليين ومراقبي شؤون التوظف والقطاع المختص بالميزانيات في وزارة المالية، لافتا الى ان الدور الرقابي للجنة وتوصيتها بشأن ميزانيات الجهات الحكومية، هو دور مكمل للادوار الرقابية التي حددها المشرع لمجلس الامة واعضائه، ولقد كان للجنة الكثير من الانجازات الرقابية الملموسة.
ونوه العدساني الى ضرورة التأكيد ان كل نائب مسؤول عن تحديد خطواته في تفعيل ادواته الرقابية، حسب حجم القضية وطبيعتها ومتطلباتها، سواء من خلال الاستجواب، أو تشكيل لجنة تحقيق او توجيه اسئلة برلمانية، او طلب مناقشة، او تكليف الجهات الرقابية بالتحقيق في الموضوع، لافتا الى ان اختيار الاداة يتم وفق ما يراه النائب محققا للمصلحة العامة والاصلاح المنشود وآليات المعالجة المطلوبة.
من جهته، أكد النائب محمد الدلال لـ«الراي» ان المشرع عندما منح اعضاء السلطة التشريعية صلاحيات رقابية، لم يكتف فقط بالاستجواب، وإنما أتاح أدوات رقابية أخرى، مشيراً الى انه في كثير من الاحيان ساهمت هذه الادوات الرقابية في معالجة الكثير من الامور، وعلى سبيل المثال قضية حساب العهد، والهدر في الجهات الحكومية.
وتابع: كما أنه في قضية التعدي على أموال المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، «أدت الاسئلة البرلمانية التي توجهتُ بها بشأن ضمان عدم تكرار هذا التعدي الى صدور العديد من القرارات من قبل مؤسسة التأمينات الاجتماعية، الرامية للحوكمة وضبط العمل في الاستثمارات، وكذلك ملف المعاقين، حيث تمت متابعة القانون من خلال استدعاء الجهات المعنية، وتمخض عن هذه المتابعة تزويد اللجنة بخطة عمل تنفيذية لدى الجهات الحكومية لهذا القانون، وكذلك قضية إشهار جمعية حماية المستهلك، إذ تم اعلان وزارة التجارة عن قرب إشهارها، وهذا الامر جاء نتيجة رقابة الاسئلة البرلمانية لهذا الملف، وكذلك ملف تطوير التعليم، حيث استطاع المجلس أن يحصل على التزام حكومي بهذا الشأن، بناء على الرسالة التي تقدمنا بها حول هذا الموضوع».
وأوضح الدلال ان «متى ما أراد المجلس الخروج بنتائج عملية، فبإمكانة ذلك من خلال الوسائل البرلمانية والادوات الرقابية الاخرى المتاحة، وهذا لا يقلل من أهمية الاستجوابات، لكنها لا تقل أهمية عن المساءلة»،مبينا انه «متى ما اردنا تفعيل العديد من القضايا العامة، والتي تهم المواطن، فإن الادوات البرلمانية لها دور إيجابي في هذا الجانب».