لأنه الخبير بشؤون عباده، ويعرف قصورهم، فتح لهم باب التغيير كي يتركوا ماضيهم وراءهم، ويستأنفوا وضعاً جديداً متى ما أحسوا بضرورة ذلك، ما أعظمه من رب، ولله الفضل والحمد والمنّة كثير من الناس يستجيب لدعوة التغيير للأفضل، ويغير الكثير من سلوكه في مرحلة النضج والرشد، لكن كثيراً منّا يأبى أن يستوعب هذه الحقيقة، ويعامل الناس على أساس ما يعرفه عنهم منذ عشرين سنة!
والسبب في ذلك هو افتقاد العقلية الكافية لالتقاط صور جديدة إيجابية عن حياة الآخرين!، والعجيب أن بعض الناس يعرف أن الآخرين تغيروا، لكن تتملكه رغبة جامحة في تذكيرهم بماضيهم، وكأنه يطلب منهم ضمانة وكفالة ألا يعودوا لما كانوا عليه.
وهذه العقليات والوضعيات الخاطئة أثارت كثيراً من الشكوك حول صدق الآخرين في التغيير الإيجابي، وجعلت من يرغب في تأسيس وضع جديد، لا يجد أي حافز من مجتمعه يدفعه للتغيير والتبديل للأفضل.
فلنحاول منح الثقة لمن يعلن عزمه ويرغب بالتغيير، لأن هذه الثقة سوف تستخرج أفضل ما في نفسية البشر من أفكار وسلوكيات إيجابية، فلا نبخل بمنحها لمن يمتلك الرغبة والإرادة للتغيير الإيجابي، ولا نتوانى في مساعدة من يلوذ بنا لتغيير ما يمكن تغييره وتبديله للأحسن.
في الختام وجب علينا أن نذكر بأنه لا بد من ترك مسافة قصيرة بيننا وبين من يرغب ويريد التغيير ونراقبه من بعد لمعرفة مدى صحة نيته ورغبته، وكلنا يعلم بأن العلاقات بين الإنسان والآخرين تتوزع على دوائر عديدة تبعاً لاعتبارات عدة، لأن غالباً المرء لا يستطيع أن يحصل على أصدقاء كثر من الدرجة الأولى لتعينه على التغيير الإيجابي، وإذا وجد ثلاثة من الأصدقاء الصدوقين، أصدقاء الصدق والملمات فهو محظوظ للغاية، فإذا وجد الإنسان الصديق الحميم، الأخ الذي لم تلده أمه، فليحسن عشرته، ويؤدِ حقوقه، ويقدر مشاعره، ويعينه ويمد له يد العون للتغيير والتبديل للأفضل.
وتشير بعض الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يفتقدون شخصاً يثقون به، ويكون قريباً منهم، كلما احتاجوا له وجدوه - يظلون أكثر عرضة للاكتئاب.
[email protected]
mona_alwohaib@