تتمثل الجدلية في النقاط التي تُمنح للاعبين والآخذة في الاتساع مع كل إصدار جديد
وكلاء اللاعبين يتواصلون مع الشركة المصنّعة حرصاً منهم على صورة موكليهم
يترقب عالم كرة القدم سنوياً الإصدار الجديد من لعبة FIFA الإلكترونية الأكثر شهرة والخاصة بالرياضة الأكثر شعبية، بغية التعرف إلى جديدها ومستوى المحاكاة الذي بلغته لجهة «تصوير» اللاعبين الذين يظهرون في اللعبة بملامح تقترب جداً من الواقع.
لكن الجدل التي تثيره هذه اللعبة المنتشرة بصورة واسعة حول العالم، وتحديداً النقاط التي تمنحها للاعبين وتصنيفها لهم، آخذ في الاتساع ليصل الى حدود التشكيك بمصداقية القائمين عليها.
والواقع أن فرع EA Sports في شركة EA للألعاب الإلكترونية يقوم بعمل جبّار على مدار السنة للوصول الى نسخة جديدة من لعبة FIFA تحاكي الواقع أكثر من سابقاتها، ويُجري خبراؤها مسحاً دقيقاً لأداء اللاعبين حول العالم وحركاتهم، وصولاً إلى طريقة احتفالهم بالأهداف، وذلك في الملاعب الأكثر شهرة وتلك التي قد لا تخطر في بال.
وسبق لأداء الآلاف من اللاعبين الذين تواجدوا في لعبة FIFA التابعة لـEA أن مرّوا على غربال خبراء تلك الشركة.
وقبيل صدور أي نسخة جديدة، يعيش معشر تلك الألعاب، حالة من الترقب والحماس، بينما يلفّ نوع من الحذر «مجتمع اللاعبين» الآخذة اعتراضاتهم بالتعاظم، سواء على محاكاة صورتهم في اللعبة أو نقاط التقييم التي تمنح لهم مع كل إصدار جديد.
حتى ان بعضهم لا يتردد في التعبير عن عدم رضاه او حتى عن خلافه مع الشركة المنتجة للعبة، من أمثال الفرنسي بنجامان مندي، البلجيكي ميتشي باتشواي أو الإنكليزي جايمي فاردي.
يقول مسؤول الاتصالات في EA Sports أنطوان كوهي: «الغالبية المطلقة من هذا الجيل كبُرت مع لعبة FIFA. ينظر اللاعبون بالتأكيد إلى التصنيف والنقاط التي تُمنح لهم مع كل إصدار للعبة، وقد يشعرون بحساسية معينة إزاء ذلك».
ويرى لاعب إشبيلية الإسباني المعار إلى بنفيكا البرتغالي، الفرنسي سيباستيان كورشيا والذي فقد 4 نقاط في إصدار العام 2019 من لعبة FIFA مقارنة بالعام 2018، بأنه «من الغريب أن تجد نفسك جزءاً من لعبة إلكترونية كنت تلهو بها في طفولتك»، ويضيف: «قد يكون هاجس بعض اللاعبين مرتبطاً بالتأثير السلبي الذي قد تحمله تلك النقاط على آراء كل من تستهويه الألعاب الإلكترونية ومحيطه».
ويبدو بأنّ الحشرية لمعرفة النقاط الممنوحة لكل لاعب مع كل إصدار جديد للعبة FIFA آخذة باحتلال رقعة أهمية أكبر فأكبر سنوياً. وفي الوقت الذي يقول فيه كورشيا، الذي مثّل منتخب فرنسا في مناسبة واحدة العام 2016، بأنه يترقب نقاطه «فقط للاستمتاع»، فإن مواطنه لاعب نيس، كريستوف إيريل يؤكد: «النقاط الممنوحة للاعبي كرة القدم في هذه اللعبة الإلكترونية ليست ذات أهمية، سوى لإطلاق النكات والتهكم بيننا. فهي تأتي غير واقعية في معظم الأحيان. نحن نعلم جيداً بأنك إن لم تكن نجماً، فلن تحصل بالتأكيد على علامة جيدة».
أما نجم بريست الفرنسي، فيريس نغوما، فيرى بأن «النقاط تُمنح إلى اللاعب بالنظر الى قيمة وشهرة ناديه خصوصاً النتائج التي يحققها الأخير»، ويتابع: «لاعبو الأندية الصغيرة، مهما علا كعبهم فنياً، يحصلون عادةً على نقاط قليلة» في لعبة FIFA.
من جانبه، ينظر لاعب ريد ستار الفرنسي، تيدي توما، الى المسألة من منظار أوسع: «بالنسبة الى نوعيتنا كلاعبين، وبصراحة مطلقة، فإننا نأخذ الموضوع من باب الفكاهة. ننتظر صدور النسخة الجديدة من اللعبة سنوياً لنلقي نظرة الى نقاط كل منا كي نطلق بعدها النكات على بعضنا البعض. في الواقع، تفرض تلك النقاط نوعاً من المتعة في غرفة تبديل الملابس»، ويستطرد: «أما على المستوى الأعلى من المنافسة، فإن اللاعبين يسعون أكثر إلى الكمال. وبالتالي، لا يتركون أي شيء يمر دون مراجعة، ومن المحتمل أن يتحول ذلك إلى هوس. فبالنسبة إلى نجوم مثل (البرتغالي) كريستيانو رونالدو (لاعب يوفنتوس الإيطالي) أو (البرازيلي) نيمار دا سيلفا (لاعب باريس سان جرمان الفرنسي)، ترتدي كل الأمور المرتبطة بكرة القدم طابعاً جدّياً إلى درجة يصبحون معها غير قادرين على غض النظر عنها».
مسؤول الاتصالات في EA Sports أنطوان كوهي يضيف: «نتلقى أحياناً اتصالات من وكلاء اللاعبين. يطالبوننا بالحرص على أن تخرج صورة موكليهم واضحة في اللعبة وغير متكسّرة. يحاولون أيضاً التأثير علينا»، ويضيف: «كل اللاعبين الذين نلتقي بهم يحملون طلبات معينة. (الفرنسي) ألكسندر لاكازيت (لاعب أرسنال الإنكليزي)، على سبيل المثال، وجّه لنا ملاحظة، بصورة محترمة، بأننا منحناه نقاطاً أقل في نسخة 2019 مقارنةً بنسخة 2018. وبناءً على ذلك، نشعر بأنها باتت لعبة بين الخبراء المطوِّرين لها واللاعبين. ردود فعل اللاعبين تدغدغنا، لكنها لم تكن يوماً سيئة».
معلوم أن (البلجيكي) كيفن دي بروين (لاعب مانشستر سيتي الانكليزي)، نيمار أو حتى (الفرنسي) رافايل فاران (لاعب ريال مدريد الاسباني)، استهزأوا بالنقاط الممنوحة لهم يوماً عندما شاركوا في إعلان ترويجي فكاهي يطالب فيه كل منهم بإعادة تقييمه وتحسين نقاطه.
يقول كوهي: «في العموم وعلى مستوى العالم، لا يبدو اللاعبون مسرورين بنقاطهم. كريستيانو رونالدو هو الأفضل في لعبة الـFIFA (مع الأرجنتيني ليونيل ميسي لاعب برشلونة الإسباني) مع 94 نقطة. وعلى الرغم من ذلك، يحبّذُ الحصول على نقاط أكثر».