بحضور رفقاء دربه وكوكبة من الفنانين والمسرحيين

«حديث الإثنين» استحضر صقر الرشود ... في مركز جابر الأحمد الثقافي

1 يناير 1970 03:00 م

احتضن مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي ندوة فنية عن تجربة المسرحي الراحل صقر الرشود، ضمن فاعلية «حديث الاثنين»، وشارك فيها عبدالعزيز السريع ومحمد المنصور والدكتور سليمان الشطي، بحضور الفنانة سعاد عبدالله، وكوكبة من المثقفين والفنانين ومحبي المسرح، في حين أدارت الندوة مريم المحميد.
في البداية، تحدث عبدالعزيز السريع، قائلاً إن «الرشود كان عاشقاً للمسرح ولديه محاولات ثلاث، الأولى مع فرقة المسرح الشعبي، والثانية مع المسرح الوطني، ولقد فشلت التجربتان. وجاءت التجربة الثالثة مع فرقة مسرح الخليج العربي، ورغم اليأس الذي كان في داخله، إلا أنه انغمس مع الفنانين وقتذاك، عبر مسرحية (مسافر وبس)، وكانت نقطة الانطلاقة مع تلك الفرقة إلى المزيد من الأعمال».
ولفت السريع إلى أن صناعة المبدع تكمن عندما يحاط بمجموعة من شركاء النجاح من خلال المساندة، بالتالي يشكل حالة مسرحية متوهجة بالإبداع، «فالرشود رغم أنه كان عنيفاً وشديداً في البداية، لكنه سرعان ما انصهر مع مجموعته في مسرح الخليج العربي، وتسيدت روح المودة والتفاهم وبات الجميع يشعر بأنه صديقهم الأوحد»، منوهاً إلى أنه كتب رسالة مودة منه للمسرحيين عندما كانت لديه رحلة إلى القاهرة مع الراحل زكي طليمات.
وعن الأسباب التي دفعت الرشود للسفر إلى الإمارات، ردّ السريع: «لأنه عندما حدثت خلافات ما بين أعضاء فرقة مسرح الخليج العربي، نصحته بالسفر إلى الإمارات كونه تلقى عرضاً من هناك، وكان مستمراً بسفراته للإشراف على التجارب المسرحية، بالتالي وافق بالسفر لمدة عام واستطاع أن يقدم عملاً درامياً لا يزال راسخاً بالذاكرة، وهو مسلسل (إشحفان القطو)، وتمكن من إبراز مجموعة من المواهب التي وصلت النجومية لاحقاً».
بدوره، وصف الفنان محمد المنصور الراحل الرشود بالقائد المسرحي، «الذي كان يحرص على اختيار نصوص تحمل حالة من الإبداع، وكان معنا في فرقة مسرح الخليج العربي ونقدم في الموسم الواحد أربع مسرحيات وسط منافسة لافتة من الفرق المسرحية الأهلية الأخرى، فكان يعتبر المسرح جزءاً من القوة الناعمة، حيث يعطيه كل القضايا». وألمح إلى أنه برحيل الرشود غاب رجل المسرح، «لكن الأمل يظل موجوداً في الشباب المسرحي والمهرجانات المسرحية القائمة».
ومضى المنصور يقول: «استطاع الرشود أن يدخل الموروث الشعبي الكويتي إلى أعماله المسرحية، حيث استقطب نخبة من المبدعين، مثل غنام الديكان ويوسف المهنا. ورغم أنه قد أطلق على مسرحنا وقتذاك مسرح (المعقدين)، كونه كان جاداً ونوعياً من الدرجة الأولى، فقد سعينا مع الرشود والسريع إلى تقديم أعمال تحمل بصمة من الكوميديا، وبالفعل قدمنا مسرحية (بخور أم جاسم)، وكانت انطلاقة الأعمال ذات الطابع الكوميدي بالنسبة لفرقتنا المسرحية».
من جهته، قال سليمان الشطي إن مسرح الخليج العربي بالذات في التشكيل والتكوين كان يعكس الوضع الثقافي الرائد في الكويت، «فكان الحراك حاضراً في الشعر والقصة والمحاضرات والمسرح والصحافة، بالتالي فإن صقر الرشود كان أحد الأعمدة الأساسية في هذا الحراك الثقافي، وذا شخصية متوجهة وقارئاً للمستقبل ومحباً للمسرح، ولقد أكمل دراسته الجامعية وعمل مذيعاً وممثلاً ومخرجاً، وكتب مقالات عدة في الصحف المحلية».
واستحضر الشطي مسرحية «حفلة على الخازوق» التي قدمت عروضاً في القاهرة، ولاقت أصداء جماهيرية كبيرة، مؤكداً أن الرشود استطاع في هذا العمل أن يحقق النجاح بلغته المسرحية، بتوصيل الفكرة للمتلقي.
وأوضح أن الجيل الحالي لديه طموحات وتطلعات، «لكن نحن في الوقت الحالي ليس لدينا رجال مسرح لقيادة مثل تلك المواهب». وشدد على أن تكريم الراحل صقر الرشود يكمن في إعادة تراثه وأعماله المسرحية، وليس التكريم في المهرجانات فحسب، متمنياً رؤية نصوص الرشود في عيون شابة وبرؤية مختلفة.
كما شهدت الندوة مداخلة للفنانة القديرة سعاد عبدالله التي قالت إن «صقر الرشود هو رجل المسرح والإنسان الاستثنائي لسنوات طويلة، فهو المعلم والأستاذ والموجه بالنسبة إلينا كفنانين»، مردفةً «أنا بدأت مع المسرح الكويتي في العام 1963، ثم مع المسرح العربي مع الراحل عبدالحسين عبدالرضا العام 1964، وبعدها عملت مع فرقة مسرح الخليج العربي في العام 1966، وبالتالي شكّل الرشود ذائقتي الفنية وقراءاتي الأدبية».
ولفتت إلى أن الرشود كان الأب والأخ للجميع، وذا مواقف إنسانية عظيمة، «فقد توفي نجله الأكبر والوحيد إبان تقديمنا عملا مسرحيا في إحدى الدول العربية، لكنه لم يخبر أحداً سوى عبدالعزيز السريع، وبعد انتهاء العرض علمنا بما حدث، وفي العام 1966 سافرنا إلى بغداد وحصل انقلاب فيها، لكنه أصر على تقديم العرض المسرحي، غير أنه اقتنع أخيراً بكلامنا لصعوبة الظروف الجارية. كما أنني عملت مع كرم مطاوع في مسرحية (السدرة) وجاء الرشود للعرض وشجعني على المواصلة في العمل، فهو مدرسة في الأخلاق و الالتزام».