كَتب رجل لحكيم يقول: لِمَ تبخل على الناس بالكلام؟ فقال الحكيم: «إن الخالق سبحانه وتعالى قد خَلق لك أذنين ولساناً واحداً لتسمع أكثر مما تقول، لا تقول أكثر مما تسمع».
في حفظ اللسان واستقامته خير لصاحبه، وقد يستخدمه الإنسان في الشر والأذى، قال النبي الكريم: (المسلمُ من سلِم المسلمون من لسانِه ويدِه)، فقُدّم اللسان على اليد لشره، وعَظيم سوئه؛ لأن ضرر اللسان وشرّه على الإنسان أكثر من ضرر اليد وبطشها؛ فاللسان يمكن أن يكون نافعاً فيرفع شأن الإنسان، أو ضاراً فيلحق الضرر والسوء؛ فلا تنطق بالكلام إلا إذا كان كلامك خيرا من صمتك... ففي الصمت نفع وحكمة وإبداع وقد يكون أكثر فائدة من الكلام، وقلة الكلام تمنحك طاقة قوية للتفكير بعمق والتركيز بعقلانية في حديثك وفي كل ما يحصل حولك، وكما قال الإمام علي بن أبي طالب: «إذا تم العقل نقص الكلام».
ومن الذوق حسن الإصغاء والاستماع، فإن جالست جماعة احرص على أن تسمع مِن أَن تقول، وإن كنت تعرف ما يقوله أحد الحضور من معلومات أو أخبار فلا تقاطعه فإن ذلك من سوء الأدب، ومن أراد الحديث فعليه أن يختار الموضوعات المناسبة لمن يخاطب؛ فلا تتحدث مع صديقك كما تتحدث مع مسؤولك، ولا تخاطب المستمع إلا بما يناسب مستواه العلمي والفكري، حتى لا يسيء الظن، وحتى يفهم ما تريد، فالعقول تتفاوت، فإذا كان الطرف الآخر سفيهاً أو محباً للمعارضة ومخالفة الطرف الآخر فاحرص على السكوت، ولا تناقشه فيما يقول.
السفيه إنسان ناقص العقل، يتجرأ على الآخرين ويطلق الكلام القبيح بسهولة فهو إنسان غير ناضج ولا مسؤول، يضر مخالطيه بطول لسانه وسوء كلامه وقبح جوابه، السفيه قليل العقل فاقد للحكمة، والعاقل الحكيم يترفع عن مجاراة السفيه أو حتى مجاوبته، يقول الإمام الشافعي: «يخاطبني السفيه بكل قبح/ فأكره أن أكون له مجيبا/ يزيد سفاهة فأزيد حلماً/ كعود زاده الإحراق طيباً»، فالذي يتجاوب مع السفيه في فاحش القول يصبح مثله تقريباً، أما الذي يسكت عنه ترفعاً فإنه يخرسه، وكما قيل: إذا نطق السفيه فلا تجبه فخير من إجابته السكوت.
درب نفسك على الاستماع، وفي جميع الأحوال لن يندم من قل حديثه، ومن قل كلامه زادت هيبته.
[email protected]
aaalsenan @