«الميزانية الجديدة تعرّض البلاد لصدمات أسعار النفط»

«موديز»: ارتفاع الإنفاق على الدعوم يعكس محدودية مستوى الإصلاح المالي

1 يناير 1970 04:56 ص

3.5 مليار دينار فقط عجز ميزانية السنة المالية المقبلة المتوقع

من الصعب تقييد نفقات رواتب موظفي القطاع الحكومي

عدم إقرار قانون الدين يضغط على صندوق الاحتياطي العام


رأت وكالة «موديز» العالمية للتصنيف الائتماني، أن الميزانية التي أقرّتها الحكومة أخيراً ستزيد من تعرض البلاد لصدمات أسعار النفط، مبينة في الوقت عينه أن مستوى نمو الإنفاق الحكومي على الدعوم والأجور المرتفعة سيفوق مستوى نمو العوائد غير النفطية.
ولفتت الوكالة في تقرير لها إلى أن الميزانية تشير إلى أن الحكومة تحزر تقدماً ضئيلاً في تقليل اعتمادها على عوائد القطاع النفطي، مؤكدة أن ذلك سيقلل من مرونة وسعة الإنفاق الحكومي للاستجابة لتقلبات أسعار النفط، الأمر الذي قد يمثل مؤشراً سلبياً على المستوى الائتماني.
وعلى الرغم من توقعات الحكومة بأن العجز المالي سيتقلص بشكل طفيف، فقد أوضحت «موديز» أن هذا الانخفاض سيكون مدفوعاً بشكل حصري تقريباً عبر إيرادات النفط المرتفعة، مبينة أنه من نحو 8.8 في المئة زيادة في الإيرادات المتوقعة، ستشكّل عوائد النفط المرتفعة نحو 8.1 في المئة، أما العوائد غير النفطية، في ظل غياب تدابير حقيقية مثل تطبيق ضريبة القيمة المضافة، فستسهم من ناحيتها بنحو 0.7 في المئة فقط.
وأشارت الوكالة إلى أن الحكومة تواصل استخدام افتراض متحفظ في توقعاتها لأسعار النفط، مع افتراضها لسعر البرميل بمتوسط 55 دولاراً للبرميل.
وفي هذا الإطار، رأت «موديز» أن توقعات الحكومة للعجز المالي بعد التحويل الإلزامي إلى صندوق الأجيال القادمة واستبعاد دخل الاستثمارات، سيكون أعلى مما توقعته الوكالة، التي تفترض أن تكون أسعار النفط عند نحو 75 دولاراً للبرميل في 2019، كما أشارت الوكالة إلى أنها تتوقّع كذلك حدوث عجز لميزانية 2020 بواقع 3.5 مليار دينار، في وقت تشير فيه توقعات الحكومة بتحقيق عجز يبلغ 7.7 مليار دينار.
في المقابل، أوضحت «موديز» أن نمو الإنفاق الحالي يستمر في الارتفاع أكثر من النفقات الإجمالية، مما يقلل من مرونة وسعة الإنفاق الحكومي، مبينة أن النفقات المتعلقة بالرواتب ستزداد بنحو 7.5 في المئة لتبلغ 12.1 مليار دينار في ميزانية العام المالي المقبل، أما النفقات المتجهة للدعوم فسترتفع من جهتها بواقع 13.6 في المئة لتصل إلى 3.9 مليار دينار، لافتة في الوقت عينه إلى أن هذا الحجم من الإنفاق يشكّل نحو 71 في المئة من إجمالي الإنفاق ونحو 110 في المئة من عوائد النفط.
ولفتت إلى أنه سيظل من الصعب تقييد نفقات الرواتب في الكويت، وعلى الرغم من الهدف الذي وضعته الحكومة في تخفيض مستوى التوظيف في القطاع العام بنحو 30 في المئة، فإن التوجهات الديموغرافية ستشكّل تحدياً في تقليل أعداد الداخلين في هذا القطاع والإنفاق على الرواتب في حال لم تقم بجهود متضافرة لمعالجة هذا التحدي.
وقالت الوكالة «حتى في حال نجاح الحكومة في تحقيق هدفها في تقليل أعداد القادمين إلى القطاع العام، فإن هذا القطاع سيبقى المصدر الرئيسي لنمو التوظيف في حال لم يشهد القطاع الخاص تصاعداً في وتيرة توظيف الكويتيين، مما يعني أن الإنفاق على الرواتب سيستمر في الارتفاع في الميزانية المقبلة».
من جانب آخر، أوضحت «موديز» أن ارتفاع الإنفاق على الدعوم يعكس التقدّم المحدود على مستوى الإصلاح المالي، مبينة أن محاولات الحكومة الأخيرة لإصلاح هذا الجانب كانت من بين الأقل دافعية على مستوى دول الخليج.
ورأت أنه على الرغم من زيادة الكويت لأسعار البنزين والديزل خلال 2015، فإن الأسعار غير متوافقة مع معدلات السوق، ونتيجة لذلك فإن الارتفاع الذي شهدته أسعار النفط في 2017 /‏2018 أدى إلى زيادة مرتبطة بدعوم الطاقة.
وأضافت الوكالة «في الوقت الذي نجد فيه أن أثر المالي الصافي يتم تعويضه بأكثر مما هو مطلوب من خلال عوائد النفط المرتفعة، فإنه يعمل على السحب من الميزانية، وهو ما تكشف عنه التوقعات لعام 2020 التي تظهر احتمالية إضافة 1.2 مليار دينار مقابل 500 مليون للإنفاق على الدعوم».
وبيّنت الوكالة أن الإنفاق المرتفع على الدعوم يقلل من فعالية الإنفاق، إذ إن مخصصات الإنفاق على الدعوم في ميزانية 2020 أعلى من النفقات الرأسمالية المدرجة في الميزانية.
وفي سياق متصل، رجحت الوكالة أن يتم سد العجز الذي ستشهده الميزانية هذا العام من خلال السحب من أصول صندوق الاحتياطي العام بشكل كامل، مبينة أن سحب الحكومة لقانون الدين خلال العام الماضي، والذي لم يتم حتى الآن إعادة تقديمه، يمنعها من إصدار سندات محلية أو دولية خلال الفترة الحالية، ونتيجة لذلك تفترض «موديز» أن العجز المالي وجميع المستحقات خلال العام الحالي سيتم الإيفاء بمتطلباتها من خلال السحب من صندوق الاحتياطي العام.
وعلى الرغم من تقديرات الوكالة بتمتع هذا الصندوق بقدرة وافرة لتغطية المتطلبات التمويلية الحكومية للعديد من السنوات، فإن استحقاق إصدارات السندات الأوروبية في 2022 قد يضع هذا الصندوق تحت ضغط متزايد خصوصاً في حال استمرت الميزانية بتسجيل عجوزات مالية كبيرة مع مواصلة البرلمان عدم الموافقة على إصدار قانون الدين.
ولفتت «موديز» إلى أن مجموع أصول الحكومة الكويتية يبلغ نحو 444 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ولا تزال تعتبر الأعلى بين جميع الدول التي تقيّمها الوكالة.