مبارك الهزاع / محقان / رجال أعمال أم رجال مناقصات؟

1 يناير 1970 06:32 م
تجارنا في الكويت لهم سمعة تعدت البحار ووصلت إلى الصين وبيرو، ودائماً ما نسمع بأنهم تجار يستطيعون فعل المستحيل، وأنهم يجعلون التراب ذهباً، حسبما يرى الرأيان العامان الكويتي والعربي. وبرأيي المتواضع فإنني أجد هذا بعيداً عن الصحة بشكل كبير لأسباب سأبينها لاحقاً. ولو لاحظنا الشركات الكويتية نجد أن الغالبية الساحقة شركات استهلاكية تعتمد على مناقصات الدولة، وتقتات على الاحتكار ولا شيء غير ذلك، فلا إبداع، ولا تنافسية تبين لنا معدن وديدن الشركة الحقيقي، فتجار الأمس غير تجار اليوم، وأنا لا أقصد الجميع بالطبع. ولكن هذه هي حال الغالبية، ففي بداية نهوض الدولة كان دور التجار محوريا وأساسيا، وساعدوا في تأسيس وتطوير غالبية المؤسسات الحكومية، والمصرفية، والتعليمية، وكانوا بالفعل يساهمون بشكل كبير في نهضة هذا البلد، وكان همهم العطاء وليس «الشفط»، كما هي حال غالبية تجار اليوم.
والمشاهد لتصريحات كبار التجار على أزمة السوق انبهر حقاً، واستغرب، كيف لهؤلاء أن يستغفلوا الناس بهذه السهولة، ويستغلوا أزمة غير موجودة، وإن وجدت فهي بسبب تهورهم واعتمادهم على البقرة الحلوب لانتشالهم من «طفاقتهم»، إذ يريدون نهب الدولة ويحللون كل شيء حسب أهوائهم، وعندما سخر الجميع من المطالبين بإسقاط القروض لم يلتفت أحد إلى الشركات والتجار الذين يطالبون بالشيء نفسه على مبدأ «من صادها وكل عياله»، وبحجة إنقاذ الاقتصاد الوطني.
ولنزيد الطين بلة تجري شركة عالمية كبيرة دراسة محلية لمعرفة أفضل «entrepreneur»، ولكي نبين حجم المشكلة فلا توجد ترجمة حقيقية لهذه الكلمة، والتي تعني بشكل مختصر التالي: من ينشئ شركة أو منتجاً من الصفر، عصامي اعتمد على نفسه حتى النجاح، مثل «هيرشي» و«كنتاكي» وغيرهما من الشركات العريقة التي بدأت من الصفر وأصبحت شركات عابرة للقارات، وحاز أصحابها لقب رجال أعمال عن حق، ولم يستخدم الأشخاص الذين بنوا هذا المنتج أو الشركة مساعدة من أحد عن طريق المال، والمعرفة و«فلان خشمك»! بل وصلوا إلى ما وصلوا إليه من خلال المثابرة والاعتماد على الذات وأصبحوا من أصحاب المليارات. بالطبع في الكويت الشركة لم تجد كويتياً واحداً إلى الآن ينطبق عليه هذا الكلام!
* * *
المحفظة المليارية المقبلة كارثة، فما علاقة البورصة بالاقتصاد الوطني إذا كانت هذه الشركات ذات طابع استهلاكي، وتعتمد على الحكومة من الألف إلى الياء؟ وحتى مع هذا تجدها متهورة وتخاطر كيفما تريد، لأن هناك من يساعدها ويتحمل هذه التخبط.
يقول الشاعر:
إذا رزق الفتى وجهاً وقاحاً
تقلب في الأمور كما يشاء
ولم يك للدواء ولا لشيء
يعالجه به فيه غناء
فما لك في معاتبة الذي لا
حياء لوجهه إلا العناء


مبارك الهزاع
[email protected]