«الميزانية تمضي نحو نقطة التعادل»

«الوطني»: انخفاض أصول الاحتياطي العام إلى 88 مليار دولار

1 يناير 1970 11:46 م

تراجع وظائف الوافدين  بالقطاع العام  14 في المئة

لفت تقرير بنك الكويت الوطني إلى أن العامين الماضيين شهدا تحسناً كبيراً في الوضع المالي بفضل مزيج من ارتفاع أسعار النفط، وضبط عوامل الإنفاق، حيث تقلص العجز إلى 9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2018/‏‏‏‏‏2017، مقابل 14 في المئة تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي في العام السابق.
وتوقّع التقرير أن يتراجع أكثر هذا العام وصولاً إلى 0.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي فقط، ولكن إذا سادت العوامل الداعمة لا يمكن استبعاد احتمال تسجيل التوازن المالي هذا العام، حيث سيكون للمرة الأولى منذ 4 سنوات.
وبيّن أنه وعلى الرغم من التراجع الأخير في العائدات النفطية، والتي تسهم بنحو 90 في المئة من إجمالي الإيرادات، إلا أنه من المتوقع أن تعاود الارتفاع مرة أخرى بنسبة 27 في المئة في السنة المالية 2018/‏‏‏‏‏2019 وفقاً لمتوسط سعر النفط الخام الكويتي الذي يبلغ 68 دولاراً للبرميل، قبل أن تتراجع مرة أخرى مع انخفاض أسعار النفط.
ورجح أن تشهد الإيرادات غير النفطية زيادة ملحوظة نتيجة لاستئناف المدفوعات التحويلية من لجنة الأمم المتحدة للتعويضات في 2018. وأوضح أن تراجع مستويات العجز على مدى العامين الماضيين أدى إلى تغيير إستراتيجية الحكومة مرة أخرى نحو زيادة الإنفاق لدعم الاقتصاد، إذ إنه وبعد ارتفاع النفقات بنسبة 9 في المئة في العام الماضي، فمن المتوقع أن يشهد ارتفاعاً جديداً بنسبة 5 في المئة في العام المالي 2018/‏‏‏‏‏2019، مدعوماً بتزايد المدفوعات التحويلية على خلفية ارتفاع أسعار النفط.
وأكد أن معدل الإنفاق لا يزال أقل بنسبة 6 في المئة عن أعلى مستوياته المسجلة في السنة المالية 2014/‏‏‏‏‏2015 بسبب تقليص النفقات بشدة منذ تلك السنوات، متوقعاً أن تنخفض النفقات هامشياً في السنة المالية 2019/‏‏‏‏‏2020 نظراً لان تراجع أسعار النفط يؤدي إلى تراجع المدفوعات التحويلية والتخلي عن بعض النفقات الاستثنائية.
وأضاف أن هذا الأمر يسهم في الحد من تأثير تراجع الإيرادات النفطية على العجز، والذي سيرتفع إلى 1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ولفت التقرير إلى أنه وبفضل الفائض المتراكم خلال السنوات السابقة، لا يزال الوضع المالي العام للحكومة قوياً، حيث تقدر أصول صناديق الثروة السيادية بنحو 600 مليار دولار، إلى جانب أن العائدات السنوية على تلك الأصول تصل إلى 12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي ولا يتم تسجيلها ضمن حسابات المالية العامة.
وتابع أن تلك الأصول تسهم في دعم التصنيف الائتماني القوي للحكومة عند مستوى«AA»، والذي تم الحفاظ عليه في السنوات الأخيرة، إلا أنه على الرغم من ذلك، فإن حيز مناورة السياسة المالية محدود على المدى القريب أكثر مما توحي به تلك الأرقام.
وأضاف أن قيمة أصول صندوق الاحتياطي العام، التي تستخدم في تمويل العجز، قد انخفضت إلى 88 مليار دولار بنهاية السنة المالية 2017/‏‏‏‏‏2018، ويمكن استنزافها في غضون بضع سنوات في حال تراجع أسعار النفط أو في ظل غياب الإصلاحات الرامية لتوليد دخل من القطاعات غير النفطية، كما أن الحكومة ليس باستطاعتها إصدار أي أدوات دين أخرى حتى يقوم مجلس الأمة بإقرار قانون أدوات الدين الجديد.
في المقابل توقع التقرير أن يتراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.2 في المئة في العام الحالي، بسبب تباطؤ النمو في القطاع النفطي انعكاساً لتغير إستراتيجية «أوبك» وحلفائها، بعد أن بلغ 2.9 في المئة خلال 2018.
وأوضح أنه وعلى الرغم من عدم الإعلان عن حصص الإنتاج الفردية لكل دولة على حدة، «إلا أننا نفترض أن إنتاج النفط الخام الكويتي سيتراجع بنحو 2 في المئة في العام الحالي من المستوى المرجعي لشهر أكتوبر البالغ 2.76 مليون برميل يومياً، وهو ما يتماشى بشكل عام مع خفض الإنتاج الإجمالي المقترح من (أوبك)وحلفائها».
ولفت إلى أنه وعلى الرغم من ذلك، فإن التأثير على الناتج المحلي الإجمالي للقطاع النفطي سيقابله ارتفاع مستمر في إنتاج المكثفات (ليست خاضعة إلى اتفاقية «أوبك») والتي من المتوقع أن تصل إلى 0.18 مليون برميل يومياً في 2019، مقابل 0.1 مليون برميل يومياً في 2018، مع توقع حدوث ارتفاع إضافي بمستويات أقل في العام 2020.
وأضاف أن الناتج المحلي الإجمالي للقطاع النفطي ارتفع بنسبة 1.5 في المئة في 2019، مقابل 3 في العام 2018، مبيناً أن الأداء الاقتصادي خلال العامين الماضيين تحسّن، وما زالت آفاق النمو مشجعة بصفة عامة.
وبينما نوه التقرير إلى أنباء قرب إبرام اتفاقية مع السعودية ترجح لاستئناف الإنتاج في المنطقة المحايدة، توقّع أن أي ارتفاع قد يقابله انخفاض الإنتاج في حقول ناضجة وقيد الاستخدام مثل حقل برقان.
وأفاد التقرير بأنه وعلى مدى العامين الماضيين، شهد القطاع غير النفطي ارتفاعات دورية معتدلة، إلا أن العوامل الداعمة لنموه لا تزال متواضعة، إذ تشير التوقعات إلى وصول نموه إلى 2.8 في المئة في 2018، مقابل 2.2 في المئة في 2017، وأن يبلغ 3 في المئة خلال 2019.
أما بالنسبة لتوقعات نمو الإنفاق الاستهلاكي، والذي ساهم في دعم نمو العام 2017، أوضح التقرير أنه قد يكون قد بلغ ذروته، ولكن مع معدلات التضخم التي لا تزال منخفضة وثبات الوتيرة المشجعة للتوظيف، فإن توقعات النمو للقطاع مازالت معقولة.
وتابع أنه وعلى الرغم من تراجع أسعار النفط، إلا أنه من المقرر أن تظل السياسة المالية داعمة بشكل عام، مع توقع استمرار نمو النفقات الرأسمالية، كما يشير تزايد النمو أخيراً في معدلات ائتمان قطاع الأعمال إلى تعافي أنشطة القطاع الخاص، فيما قد يعزى إلى قرار البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة بوتيرة أبطأ من تلك المتبعة من قبل الفيدرالي الأميركي.
وبيّن التقرير أنه على المدى المتوسط، سيظل النمو مقيداً ببطء وتيرة الإصلاحات والافتقار إلى التنويع الاقتصادي، والتباطؤ المحتمل في نمو الاقتصاد العالمي، مبيناً أن مسألة التوظيف تعدّ من أخطر التحديات التي تواجه الحكومة، حيث لا يمثل القطاع الخاص سوى 15 في المئة من الفرص الوظيفية للمواطنين الكويتيين، وهو ما يؤدي بدوره إلى الضغط على فاتورة أجور القطاع العام.
وأضاف أنه في إطار سعي الحكومة لمعالجة هذا الأمر، يجب عليها تركيز جهودها على مشكلة عدم مواكبة المهارات مع متطلبات سوق العمل، بالإضافة إلى تحسين مناح النمو وبيئة الأعمال، حيث يُظهر أحدث التقارير الصادرة عن البنك الدولي أن الكويت لا تزال في مركز متأخر مقارنة بأقرانها من الدول الخليجية.
وذكر التقرير أن تباطؤ وتيرة إسناد المشاريع في 2018 كان من ضمن الأسباب التي ساهمت في تسجيل معدلات نمو متواضعة خلال العام، حيث كان ذلك من العوامل المهمة التي ساهمت في دعم وتعزيز النمو في السنوات السابقة.
وأوضح أنه تم إسناد مشاريع بقيمة إجمالية تصل إلى 1.6 مليار دينار فقط حتى أوائل شهر ديسمبر 2018، فيما يعد أدنى من نصف القيمة المتوقعة في بداية العام البالغة 4 مليارات دينار، وأقل بكثير من متوسط السنوات الخمس الماضية.
وبيّن أنه نتج مزيد من التأخير بسبب إلغاء مشروعات شبكات الطرق التي كان من المقرر أن يتم تنفيذها في النصف الأول من العام 2018، وقد تكون إعادة هيكلة الهيئات الحكومية المعنية (الهيئة العامة للطرق والنقل البري، وهيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص) السبب الرئيسي للتأخير، من ضمن عوامل أخرى.

الإنفاق الاستهلاكي
أشار التقرير إلى أن تسارع نمو الإنفاق الاستهلاكي لعب دوراً مهماً في الانتعاش الاقتصادي بمفهومه الأشمل خلال العامين الماضيين، إلا أن هناك عدداً من المؤشرات الدالة على تراجع وتيرة التحسن.
وأفاد بأن معدلات نمو معاملات أجهزة السحب الآلي ونقاط البيع تراجعت إلى 8.6 في المئة على أساس سنوي في الربع الثالث من 2018، في حين تباطأ نمو مؤشر بنك الكويت الوطني للإنفاق الاستهلاكي إلى أدنى مستوياته منذ عام عند 4.1 في المئة على أساس سنوي.
ولفت إلى أنه وعلى الرغم من ذلك، لا تزال معدلات التضخم منخفضة، كما أن دعائم الاقتصاد الأخرى، مثل نمو معدلات التوظيف والائتمان، ما زالت قوية إلى حد كبير، لذا فإنه من غير المحتمل أن يتباطأ الإنفاق بحدة.
وذكر أنه من الأمور المشجعة، أن معدلات التوظيف بدأت في الارتفاع تدريجياً على ما يبدو، حيث بلغت 3.3 في المئة على أساس سنوي في الربع الثاني من 2018، مقابل 2.4 في المئة في الربع الرابع من 2017.
وأضاف التقرير أن تراجع عدد وظائف الوافدين في القطاع العام، انخفض بنحو 14 في المئة على أساس سنوي في الربع الثاني من 2018، الأمر الذي يعزى بشكل رئيسي إلى مبادرات توطين الوظائف (التكويت)، قد تم تعويضه من خلال تزايد نمو الوظائف في القطاع الخاص.
وتابع أنه بالنسبة للمواطنين الكويتيين، فإن نمو معدلات التوظيف 85 في المئة لا يزال مصدره القطاع العام، وهو الأمر الذي سيصعب الحفاظ عليه على المدى الطويل، مبيناً أنه من ضمن مواطن الضعف الأخرى بالنسبة للنظرة المستقبلية للنفقات، تبرز مسألة زيادة الرواتب، والتي كانت بالنسبة للمواطنين ضعيفة بالفترات الأخيرة.