ضوء

البيئة المدرسية واحتياجات المتعلم

1 يناير 1970 01:22 م

إن المهمة الأساسية للتعليم المدرسي هي إعداد المتعلم، والتركيز على العملية التعليمية وتقويمها، والطلبة هم هدفها، ويجب أن يكونوا المستفيد الأول منها، مع تأكيد أن الجودة التعليمية ترتبط مباشرة بالمعلم وأدائه.
يقول الدكتور أحمد أوزي: «لا نبالغ إذا قلنا إن المدرسة كمؤسسة تربوية تعليمية لم تعرف بنيتها ونظمها ومناهجها تغيراً ملحوظاً مقارنة بالتغييرات المحلية والعربية والعالمية، مما يسجل وجود هوة بين نوع الإعداد والتكوين الذي يحصل عليه المتعلمون وبين احتياجاتهم واحتياجات المجتمع الجديد، إن الصرامة وانعدام الاهتمام بالفردية وأسلوب التقويم الجامد والدور التسلطي للمدرس، كل ذلك أوجد نظرة سلبية للمدرسة ولمعارفها العتيقة التردادية».
وهناك مجموعة اقتراحات لتحسين العلاقات داخل المؤسسة التعليمية من خلال العمل على حل المشاكل العامة التي تواجه المتعلم أهمها:
تنمية عادات دراسية صالحة، وتطوير المناهج الدراسية، وتنويع النشاط الاجتماعي بالمدرسة، وتقوية علاقة المعلم بطلابه، مما يؤدي إلى زيادة عوامل النجاح في المدرسة.
يقول الدكتور عبدالرحمن عيسوي: «إن العملية التربوية تسهم في خلق المناخ الصحي سواء أكانت هذه العملية مقدمة من الهيئة الإدارية والتعليمية التي تتوخى المبادئ الإنسانية والديموقراطية، أم في شكل مناهج ومقررات دراسية تتفق مع قدرات الطلبة وميولهم وحاجاتهم، أم في شكل طرائق التدريس التي تراعي الفروق الفردية، وتشد انتباههم وتشوقهم للمادة العلمية وتشركهم في العملية التعليمية، أم في شكل تعامل المعلمين والإدارة مع الطلبة بروح المودة والعطف والأبوة والقيادة والحب والحنان، أم في شكل تمويل الأنشطة المدرسية وتوفيرها لتشبع حاجات الطالب وميوله وهواياته».
تقع على عاتق معلم القرن الحادي والعشرين مسؤولية الإسهام في بناء المجتمع من خلال إعداد المتعلمين وتدريبهم لهذا المجتمع، في حين أن الدراسات والتقارير تؤكد أنه ما زال المعلم تقليدياً لا يتعدى عمله نقل المعلومات والمعارف إلى الطلبة وتصحيح الامتحانات ووضع الدرجات، أي أنه ما زال بعيداً عن مهام الإعداد لمجتمع المستقبل.
إن تطور المجتمع والحضارة الإنسانية المعاصرة يتطلبان إعداد المعلم بطريقة فيها الكثير من التغير والإبداع والتجديد والتحول من الأنماط التقليدية إلى أنماط جديدة معاصرة، تستجيب لحاجات المعلم الفردية، ولما تتطلبه مهنة التعليم في عالم متغير.
وهذا التطوير لا بد أن يلمس جانبين هما: نظرة واتجاهات المجتمع نحو المعلم، وتطوير وتنمية قدرات المعلم.
والجميع يشعر بأن المعلم يعاني من نظرة المجتمع الدونية لمهنته ودوره في المجتمع، وينعكس ذلك على أداء المعلم وثقته بنفسه وبمهنته، ولذلك من الضروري أن تعاد تنشئة المجتمع وتوعية أفراده بأنه لولا المعلم ومهنته لارتدت الإنسانية إلى الجهل والأمية والظلام.
إن العلاقة بين المعلم والطلاب تلعب دوراً أساسياً في تلبية احتياجات المتعلمين وخاصة الموهوبين منهم، وهذه العلاقة لها أهميتها في بناء شخصية الطلبة، إلى حد يمكن اعتبارها المفتاح الموصل إلى نجاح الموقف التعليمي أو فشله.
ومن هنا يأتي التأكيد على دور المعلم الأساسي في التأثير النفسي والتعليمي والتربوي على الطالب، خصوصاً بالنسبة إلى نوعية أسلوب المعلم في التعامل مع الموهوبين، فقد تسبب أخطاء بعض المعلمين في التعامل تحطيم الطالب، مثل إهانة المعلم للطالب أمام زملائه مثلاً أو ضربه أمام الأصدقاء.
يقول الدكتور مصطفى فهمي: يمكن تلمس دور المعلم من خلال الدراسة التي قام بها (جونز)، حيث أجرى استفتاء يتكون من خمسين سؤالاً، لمعرفة الأمور التي لا يحبها الطلبة في المؤسسة التعليمية، وكان أهم ما وصل إليه من نتائج، أن أغلب ما لا يحبه الطالب له علاقة بالمعلم كأحد الأعمدة الأساسية التي تقوم عليها المؤسسة التعليمية والذي له علاقة مباشرة بالطالب، وكانت النتائج كآلاتي:
1. أن يكوّن المعلم فكرة خاطئة عن الطالب.
2. العقاب لأمور لم يرتكبها الطالب.
3. الشدة في تصحيح أوراق الامتحانات.
4. كثرة الواجبات المنزلية.
5. أن يترك أمر المدرسة أو الصف إلى فئة قليلة من الطلبة.
إن الطلاب كالمرآة تعكس حالة المعلم المزاجية واستعداداته الانفعالية، فإن هو أظهر روح المرح والاستبشار والتفتح للحياة، كان خليقاً بطلابه أن يظهروا الابتهاج وروح الود والتجاوب معه. أما إن أظهر الاكتئاب والضيق والتبرم وسرعة التوتر، فسرعان ما يبدو ذلك واضحاً على طلابه. كذلك لا ينبت المعلم الذي اضطربت نفسه واختل الجانب الانفعالي من شخصيته إلا طلبة مضطربين انفعالياً ومنحرفين مزاجياً. فالمعلم الذي يتصف بأنه شديد الميل إلى العدوان والسيطرة يصبح طلابه جبناء، ذوي ميول انعزالية أو عدوانية، وهم يحاولون التنفيس عن هذا الميل عن طريق معاكسة زملائهم، واتخاذ العنف وسيلة للتعامل مع الناس عموماً، كذلك يلاحظ أن المعلم الذي يحقّر طلابه ويقلل من شأنهم ويسخر من قدراتهم، يضطرهم إلى أن يسلكوا سبيل الغش والكذب والخداع حتى يمكنهم أن يواجهوا مطالب معلمهم التعسفية، وهذا يؤكد دور المعلم في العملية التعليمية.

[email protected]