زلوعة: الفينيقيون أجداد الإسبان في إيبيزا

1 يناير 1970 01:58 م

يَمْضي البروفيسور بيار زلوعة، الباحث والمتخصص في علم الجينات والأمراض الوراثية في كلية الطب في الجامعة اللبنانية - الأميركية (LAU)، في «تَقصي» آثار انتشار الفينيقيين وتجمعاتهم في حوض المتوسط وما يتصل به من مجتمعات.

وخلصت آخِر الاكتشافات والدراسات الجينية التي قادها زلوعة الى إثبات أن الفينيقيين كانوا أول مَن سكن جزيرة «إيبيزا» الإسبانية.

وبحسب تقرير أوردته «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية، فقد تمكّن زلوعة من هذه النتيجة بفضل التعاون مع رفاقه في الأبحاث البروفيسورة ليزا ماتيسو سميث من جامعة أوتاغوا في نيوزيلند، ومجموعة من الباحثين من معهد برشلونة لعلوم التطور ومتحف إيبيزا لعلوم الآثار، إلى جانب علماء آثار من لبنان وإيطاليا عملوا على إجراء مقارنة بين بقايا آثار الحمض النووي للفينقيين القدامى في الجزيرة مع سكانها الحاليين، ليتبين «أن الصلة الجينية بين السكان الفينقيين القدامى للجزيرة وسكانها الحاليين في أيامنا هذه قد اضمحلت لدى النساء ولا تزال ظاهرة لدى بعض الرجال».

وتوصل الفريق إلى هذه النتائج بعد تحليل الحمض النووي «ميتوكوندريال» الذي ينتقل من الأم إلى أولادها والذي اعتمده الباحثون لتتبع آثار البصمات الجينية للأمهات الأوائل اللواتي كن يسكن في الجزيرة قديماً. كما قام الفريق برسم خريطة للجينات استناداً إلى بقايا رفات فينيقية وجدت في الجزيرة.

وقال البروفيسور زلوعة «إن هذا الاكتشاف مهم جداً والنتائج أتت مفاجئة لأنه كان يتوقع استمرارية بقاء جينات السكان الأصليين، لكن تبيّن أن البصمة الفينيقية لا تزال موجودة لدى قلة من الرجال فقط. في حين حلّت البصمة الجينية الكاتالونية مكانها لدى الغالبية من الرجال والنساء في الجزيرة وهذا أمر نادر الحدوث في العالم. وتعود أسباب هذا (الاستبدال الجيني) إذا صح التعبير إلى حال عدم الاستقرار الاجتماعي والأوباء التي قد تكون أصابت السكان في جزيرة إيبيزا الاسبانية على مر العصور».

وفي رأي زلوعة «فقد وصل الفينيقيون إلى هذه الجزيرة ذات الموقع الاستراتيجي في حوض المتوسط قرابة العام 645 قبل المسيح، وسكنوها ما يقارب الـ 700 سنة. ثم وصلتْها دفعة ثانية من الفينيقيين من شمال أفريقيا قرابة العام 400 قبل المسيح واندمجت مع الموجة الأولى من السكان الفينقيين. وبعد فترة طويلة من الازدهار والتطور انضمت الجزيرة وسكانها إلى الامبراطورية الرومانية إلى أن سقطت في يد المسلمين. وبعد ثلاثة قرون أَخَذَ المهاجِرون من جنوب أوروبا والبر الإسباني باستيطان الجزيرة وطغوا على السكان، ما أدى إلى استبدال جينات السكان الفينقيين الأوائل بجينات أخرى».

وأضاف: «على الرغم من هذه التطورات، إلا أن الأبحاث أظهرت بقايا جينات فينيقية في سكان إيبيزا المعاصرين، بحيث تبيّن وجود سمات شرق متوسطية على الخلايا Y التي تنتقل من الأب إلى ولده الذكر». وهذا ما يعود في رأي البروفيسور زلوعة إلى «طغيان العنصر الذكوري الفينيقي على أماكن انتشار هذا الشعب على امتداد حوض المتوسط، وان الفينقيين لم يعملوا على اقتلاع الشعوب التي حلوا ضيوفاً عليها».

وشدد زلوعة على أن النتائج السالفة تؤكد أن التنوع والتعددية في الوحدة كان سمة مميزة في التجمعات الفينيقية.