ضوء

التفوق والموهبة (1)

1 يناير 1970 06:00 م

ما هو مفهوم التفوق والموهبة؟ هناك المئات من التعريفات، منها ما يركز على الأداء في مجالات مختلفة، كالفن والموسيقى، ومنها ما يركز على القدرات الابتكارية كمحك للتفوق والموهبة، ومنها ما يركز على نسبة الذكاء، ومنها ما يركز على التميز والشهرة في أحد المجالات المتخصصة.
وبالنسبة إلى تعريف الموهبة والموهوبين، فإنه بالرجوع إلى معاجم اللغة العربية نجد كلمة (موهوب) مأخوذة من الهبة والعطية، أي الشيء المعطي للإنسان والدائم بلا عوض، وفي لسان العرب الموهوبين وهب، يهب أي يعطي شيئاً. وفي المنجد يقول: وهب أي أعطى، وأول من تطرق للتفوق والموهبة هو (جالتون) عام 1883م، الذي كان يعتقد أن التفوق وراثي وثابت في الأفراد.
تتعدد المصطلحات التي تعبر عن مفهوم الطفل المتفوق Gifted أو مصطلح الطفل الذكي جدا Superior Child، أو مصطلح الطفل المبدع Creative Child، أو مصطلح الطفل الموهوب Talented Child، ومهما يكن من أمر هذه المصطلحات نجدها تعبر عن فئة من الأطفال غير العاديين، وهي الفئة التي تأتي تحت مظلة التربية الخاصة، ولذلك ظهرت بعض المبررات التي تعتبر الموهوبين موضوعاً رئيساً من موضوعات التربية الخاصة. وتتركز المبررات في ما يلي:
- تشكل نسبة الأطفال الموهوبين حوالي 3 في المئة إلى 5 في المئة وتقع هذه النسبة على طرفي المنحنى الاعتدالي.
- حاجة الأطفال الموهوبين إلى برامج ومناهج وطرائق تدريس تختلف في محتواها عن برامج الأطفال العاديين ومناهجهم.
وقد ركزت بعض التعريفات على القدرة العقلية، وبعضها الآخر على التحصيل الأكاديمي المرتفع، في حين ركز بعضها الآخر على الجوانب الإبداعية، والخصائص أو السمات الشخصية والعقلية.
وفي الخمسينات والستينات من القرن الماضي، ظهرت تعريفات أخرى للطفل المتفوق تختلف عن معيار القدرة العقلية، وتضيف بعداً آخر في التعريف، ألا وهو التميز الأدائي، وخصوصاً في المهارات الموسيقية والفنية، والكتابية، والرياضية والميكانيكية.
وقد ظهرت الكثير من الانتقادات التي وجهت إلى التعريفات الكلاسيكية ( السيكوماترية ) في حقبة السبعينات من القرن الماضي، ومن هذه الانتقادات أن المقاييس السائدة كمقياس ستانفورد بينيه أو مقياس وكسلر لا يقيسان قدرات الطفل الأخرى، كالقدرة الابتكارية والمواهب الخاصة أو السمات العقلية والشخصية، بل تقيس فقط القدرة العقلية العامة والمعبر عنها بنسبة الذكاء.
هذا بالإضافة إلى أن العديد من الانتقادات التي وُجهت إلى مقاييس الذكاء، مثل التحيز العرقي والطبقي، مع عدم قدرة اختبارات الذكاء على قياس التفكير التباعدي DIVERGENT THINKIN كما أشار إليه جلفورد، وقدرة الاختبارات فقط على قياس القدرة على التفكير التقاربيCONVERGENT THINKING.
وقد اعتمدت التعريفات الحديثة للطفل المتفوق والموهوب على تغيّر النظرة إلى أداء الطفل لدى المجتمع وقيمته الاجتماعية، إذ لم يعد يُنظر إلى القدرة العقلية العالية كمعيار، بل أصبح يُنظر إلى أشكال أخرى من الأداء، كالمواهب الأكاديمية والأدائية، والسمات الشخصية والإبداعية، كمعايير رئيسة في تعريف الطفل المتفوق.
ولقد عرّفت وزارة التربية الأميركية ( 1972م)، المتفوقين والموهوبين بأنهم الأفراد الذين يتم اختيارهم وتعرفهم من قبل متخصصين علمياً، وهم الأفراد الذين يمتلكون قدرات ومهارات عالية الأداء، ويحتاجون لخدمات تعليمية مختلفة عن أقرانهم في الصفوف الدراسية العادية، لإتاحة الفرصة لهم لخدمة أنفسهم ومجتمعهم. وهم الذين يمتلكون قدرات ومهارات تشمل الجوانب التالية:
- قدرات عقلية عالية عامة، ويمكن قياسها باختبارات الذكاء مثلاً.
- قدرات علمية عالية خاصة، ويمكن قياسها باختبارات التحصيل مثلاً.
- قدرات إبداعية وتفكير إنتاجي، ويمكن قياسها باختبارات القدرات الابتكارية.
- مهارات قيادية، ويمكن قياسها بمحكات خاصة بالقيادة.
- مهارات بصرية أدائية، وتشمل المواهب الفنية والحركية ويمكن قياسها باختبارات خاصة.
ومن المهم توافر الخصائص الشخصية كالمثابرة والالتزام، والدافعية العالية، والمرونة، والاستقلالية، والسمات العقلية والوجدانية التي تميز الموهوب عن غيره.
ويمكن من التعريف السابق ملاحظة أن الأذكياء والمتفوقين تحصيلياً وأكاديمياً يشملهم الجانبين الأول والثاني، وأن الموهوبين والمبدعين تشملهم الجوانب الأخرى. وأن التفوق في المهارات البصرية والحركية الأدائية هو الذي له علاقة بالموهبة.
كما يؤكد التعريف بأن أغلب الأطفال موهوبون ومتفوقون في جانب أو أكثر من الجوانب المحددة، لذا علينا كأولياء أمور وتربويين أن نكتشف الموهبة لدى أطفالنا ونحتضنها ونرويها وننميها ونرعاها منذ الصغر، وهنا يأتي دور الأسرة والمدرسة والمجتمع.

[email protected]