خلال محاضرة أقيمت ضمن فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب الـ43

سهيل صابان تحدث عن «أوقاف الحرمين الشريفين في الأرشيف العثماني»

1 يناير 1970 08:21 ص

ألقى الباحث التركي الأستاذ الدكتور سهيل صابان محاضرة عنوانها «أوقاف الحرمين الشريفين في الأرشيف العثماني»، ضمن فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب الـ43، أدارها أمين عام رابطة الأدباء الكويتيين الباحث طلال الرميضي.
صابان عرض خلال محاضرته نماذج من سجلات «الصرة» المحفوظة في الأرشيف العثماني، والتي تحتوي مختلف الأوقاف الخاصة بالحرمين الشريفين.
وقال: «الوقف في الإسلام أحد وسائل التقرب إلى الله تعالى. ولذلك فقد تنافس المسلمون في تأسيس الأوقاف، وتسابقوا في تنويعها، وأبدعوا في أنواعها، ولم يأت عصر من العصور إلا وازدادت الأوقاف زيادة كبيرة، شملت معظم مناحي حياة الناس، مما يحتاجون إليه في يومهم وليلتهم، من المكتبات والكتاتيب إلى المنازل ودور العجزة، من تعبيد الطرق وشق الأنفاق إلى الغابات والبساتين والحدائق، بل تخطي ذلك إلى الحيوانات أيضا. وقد ضربت الحضارة الإسلامية أروع الأمثلة في الأوقاف، حتى سميت بحضارة الوقف. وكان معظم الأعمال التي تقوم بها الدولة لخدمة الناس في الوقت الراهن، كانت الأوقاف تقوم بها. وهذا يدل على شمولها لمعظم القطاعات الخدمية على وجه الخصوص».
وأضاف صابان: «وبما أن الدولة العثمانية امتداد لتلك الحضارة، فقد وصل الوقف الإسلامي فيها إلى أوجهها. وتنوعت تلك الأوقاف وتوزعت على معظم مناطق الدولة، وكان القسم الأعم الأكبر منها للحرمين الشريفين دلالة على تعلق المسلمين بأقدس بقاع الأرض وأطهرها. وكان الواقفون من كبار رجال الدولة من السلاطين إلى قادة الجيش، من آغاوات دار السعادة إلى شيوخ الإسلام والعلماء. كما تنوعت أوجه صرفها، لتشمل معظم القاطنين في الحرمين الشريفين والعاملين فيهما والقائمين على مختلف مصالح الناس، من عبيد العين إلى العاملين في عين زبيدة، من قراء أجزاء القرآن الكريم إلى المتضرعين إلى الله بالأدعية لصاحب الوقف، من القاطنين في الأربطة إلى القائمين بتنظيف مكة المكرمة وعرفات ومزدلفة ومنى، ومنهم القائمون بإزلة جيف الحيوانات الميتة في مواسم الحج».
وأكمل قائلا: «كما تنوعت الأوقاف في معظم المناطق الخاضعة للحكم العثماني، فكان بعضها في أوروبا، منها ما كانت في رومانيا في بلدة مكشوار والقريم في بلدة كفه، والبوسنة والهرسك وألبانيا، وبعضها في آسيا الصغرى ممثلة بالأناضول خصوصاً في إسطنبول وبورصا ودياربكر، وبعضها في العراق: في الموصل، وبغداد والبصرة وبعضها في سورية: في حلب ودمشق وحماة، والكثير منها في مصر: القاهرة والإسكندرية والصعيد، إضافة إلى بلدان شمال إفريقيا. الخ. بل قلما نجد بلدا من البلدان الإسلامية في القارات الثلاث المشار إليها، إلا وبها وقف أو عدة أوقاف، حبست للحرمين الشريفين».
وكشف صابان أن كل تلك الأوقاف التي تتجاوز الآلاف، كانت تتعاضد وتتعاون في القيام بخدمة الحرمين الشريفين، إضافة إلى ما تقوم به الدولة من أعمال ترميم وبناء وتشييد للحرمين الشريفين.
مشيراً إلى تنوع تلك الأوقاف ما بين القرى والأراضي الزراعية، والطواحين والعقارات والدكاكين والمباني السكنية، والنقود العينية، التي كان يتم استثمارها لصالح الحرمين الشريفين، ثم يجمع ريعها جميعا من نظارة أوقاف الحرمين الشريفين التي تأسست في إسطنبول عام 1586م (994 هـ)، وإرسالها مع قافلة الحج إلى مقر توزيعها وبالترتيب: القدس الشريف، المدينة المنورة، ومكة المكرمة.
وطرح صابان سؤاله: «لماذا سجلات الصرة مصدر مهم لتوثيق الأوقاف»، ليجب بقوله: «لأن هذه السجلات تورد أسماء الأوقاف الخاصة بالحرمين الشريفين. ومن خلال تلك السجلات المتتابعة في سنواتها وفي كثير من الأحيان في أرقام تصنيفها - وأقصد بها سجلات الصرة التي بلغ عددها في الأرشيف 4170 سجلا - يمكن تتبع الأوقاف ومخصصاتها التي تم توزيعها في كل سنة، من بداية تخصيص الوقف إلى نهاية العهد العثماني، ما يدل على تنظيم دقيق، وتتابع متواصل ومستمر لمدة أربعة قرون».
وذكر صابان - كذلك- السجلات المحفوظة في قصر طوب قابي، التي تتوافر في الأرشيف العثماني في الوقت الراهن، والتي تتضمن معلومات تفصيلية عن واردات أوقاف الحرمين الشريفين في مختلف المناطق بالدولة العثمانية، والجهات التي خصصت لها، وكيفية توزيع ريعها على مستحقيها. مثل أوقاف الحرمين الشريفين في الروملي وأدرنه وسلانيك وإسطنبول وأسكودار، وآماسيا وزيله وتوقاد وقيصري وسيواس، وقرمان، وآيدين وخداوندكار (بورصا)، والشام وحلب وبغداد... الخ، وأوقاف الحرمين الشريفين في بورصا، ووارداتها ومصروفاتها، وأوقاف السلطان الغوري في حلب المخصصة للحرمين الشريفين ووارداتها ومصروفاتها (29 ذو الحجة 1079/‏30 مايو 1669م).
وختم صابان بقوله: «كل وقف يضم تفصيلات عن كيفية توزيعها على مستحقيها، والمبالغ المخصصة لكل مكان: في مكة المكرمة أو المدينة المنورة، أو حتى القدس الشريف، وكل الفئات المشار إليها في الوقفية، وبعض منها جاء عاما، لم يشر فيه إلى مكان التخصيص، لكن الأغلب الأعم ذكر مكان الصرف وجهاته والمبالغ الخاصة لكل جهة أو شخص».

«الرميكية وملك إشبيلية»... تختتم فعاليات المعرض

يختتم معرض الكويت الدولي للكتاب أنشطته وفعالياته الـ43، في السادسة والنصف من مساء غد... بعرض مسرحي عنوانه «الرميكية وملك إشبيلية»، وهو أداء لزاوية في قصة الشاعر الأندلسي المعتمد بن عباد ملك إشبيلية، بمصاحبة موشحات أندلسية من تأليف وإخراج الأستاذة الدكتورة هيفاء السنعوسي، تلك المسرحية ستلقي الضوء على فترة مهمة في التاريخ الإسلامي، وما تضمنها من انتصارات وانكسارات.
وتحتوي المسرحية في مشاهدها، على لوحات فنية تتحدث عن حقبة زمنية مهمة من التاريخ الإسلامي في إطار رمزي، متواصل مع الواقع.