رغم مشاغلي الأكاديمية وأيضا الأسرية، إلا أنني حاولت إيجاد - أو اختلاق - وقتاً، رأيت أنه يكفي لأن أزور فيه معرض الكويت الدولي للكتاب، في دورته الأخيرة الـ43، وبالتالي تمكنت من زيارة المعرض لثلاث مرات متقطعة، كان من بينها مرة، هطلت فيها الأمطار بشدة، ومع ذلك لم أتراجع وصممت على أن أكون فيه.
وفي المرات الثلاث التي زرت فيها المعرض تكوّن لدي بعض الانطباعات، التي أريد أن أشرك القراء الكرام فيها، وهي ملاحظات إيجابية، حيث إنني من النوع الذي يركز جداً في ما هو إيجابي، وتجاهل ما هو سلبي، خصوصاً إن كان – هذا السلبي – لا يمثل خطرا كبيرا على المجتمع أو أن علاجه في تجاهله، وعدم التركيزعليه، حيث إن تداولنا له قد يعطيه حيوية أكبر ما يضعه في سدة الاهتمام، وبدلا من تضاؤله، يصبح عملاقا كبيراً ومصدراً للتهديد.
ومن أهم الإيجابيات التي لاحظتها وأنا أتجول في أجنحة المعرض، هذه الصور الأسرية الجميلة، التي ترى فيها الأب والأم والأبناء يتفقدون الكتب جماعة، وهي صورة، أراها - بحق- زاهية جميلة، أسعدني فيها الأطفال الذين، كانت تغمرهم الفرحة، وتجذبهم الكتب والإصدارات في جناحهم.
كما أنني لاحظت أن معظم ما يتم عرضه من كتب لعناوين حديثة، ولأسماء لامعة في عالم التأليف، ولأنني لم أكن أحمل خطة محددة في اقتناء الكتب، فقد كان شرائي للكتب عشوائيا، مدعوما بتخصصي، الذي يميل للإصدارات الأدبية، والفكرية، وكان هذا التنوع الذي وفره المعرض أمامي فرصة لكي تكون حصيلتي من الكتب كبيرة، ربما تكفيني وقتاً كبيراً لقراءتها.
وقد حضرت بعضاً من فعاليات المعرض سواء تلك التي يقيمها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب - على ما أظن- في قاعة كبار الزوار، أو التي تقيمها بعض دورالنشر في أجنحتها، ما جعلني أطلع على جدول هذه الأنشطة، فوجدتها مزدحمة بالأمسيات والندوات، وأن جهات عدة كان لها الحظ في المشاركة، في البداية استغربت الفكرة، مثل مشاركة وزارة النفط وديوان المحاسبة، وهي جهات ليست لها علاقة وطيدة بالثقافة، ولكنني بعد المتابعة وجدت أن مشاركتها كانت مهمة، فليس هناك جهة ثقافية وغيرثقافية، فكل الجهات لها نصيبها من الثقافة، ودورها في التوعية، وهذا الأمر في حد ذاته من صميم العمل الثقافي.
كما لاحظت أن معظم الزائرين للمعرض من الشبان والفتيات، وهذا الأمر أثلج صدري، وجعلني أتفاءل بالمستقبل، لأن ذلك يوحي بأن أبناءنا الصغار أصبح لديهم الوعي الكافي، لزيارة معرض الكتاب، وهذا أمر جيد، ومبشر بالخير، وومضة أمل جديدة، نتمنى أن تزداد رقعتها لتشمل كل شبان وفتيات الكويت، لأن المعرفة من أهم الأسباب التي تطمئننا على مستقبل بلدنا.
فتحية للقائمين على المعرض، ولمن شارك فيه من دور النشرالكويتية والعربية والأجنبية، ولمن شارك في فعالياته وقدموا أوراقهم البحثية، أو أحيوا الأمسيات، ونظموا ورش العمل، ولمن حضرالمعرض واستفاد منه معرفياً وثقافياً.
* كاتب وأكاديمي كويتي