لا يمضي يوم إلا ونحن مع مشاهد جديدة تفضح أسرار أناس قد يصل الضرر إلى ذويهم سواء كان على مستوى الوزراء والنواب، النواب والمسؤولين، أو المسؤولين وعموم أفراد المجتمع... «فالستر زين»!
قال حاتم الأصم رحمه الله: «تعاهد نفسك في ثلاث: إذا عملت فاذكر نظر الله إليك، وإذا تكلمت فاذكر سمع الله لك، وإذا سكت فاذكر علم الله فيك». فبعد أن أطاحت الوزيرة نورية الصبيح بوكيل الوزارة ظهر لنا النواب بتعليقاتهم الساخنة، وعندما لقي الدكتور الطبطبائي الضغط على استقالته المنتظرة وجد التأييد في استجواب وزير الصحة الطويل ودخلت الاستقالة الدرج!
وهكذا الحال بالنسبة إلى باقي الأخبار والمصادر الرفيعة المستوى، إذ نجد القوم وقد انكشفت أسرارهم بعد أن لفها الله بستره... فمن هو المستفيد من هذه الإثارة المفتعلة؟
إذا كانت المصالح دافعاً فلا حول ولا قوة إلا بالله، وإن كان بغير علم فنذكر مصدرها بقول حاتم الأصم أعلاه فأي هفوة تحصل إلى مخلوق إنما هي مسجلة في وصية ولن تنفعه البراءة من دون علم، حينما يحمل على الأكتاف ليلقى في حفرة صغيرة وأفعاله وأقواله في ميزان أعماله يوم العرض أمام المولى عز وجل.
إن الأسرار المكشوفة لها أبطال تحركهم دوافع إما أن تكون سياسية، أو شخصية، أو فئوية، أو حزبية، وإن صحت في وقائعها إلا اننا ضد الطريقة التي تم التعامل بها.
لا يمكن أن نقبل معالجة الفساد الإداري بإفساد من نوع آخر وإيقاع الضرر بكل من تطوله تلك العبارات لا سيما وإن تبعات بعض التصريحات تؤثر نفسياً في عائلة كل فرد، وقد تسفر ردود الفعل عن تراشق بالألفاظ يصل إلى الذمم والأخلاقيات، وهو أمر حساس ولا ينبغي بأي حال من الأحوال النزول إليه.
إن وظيفتنا التذكير وما على الرسول إلا البلاغ، فنحن لسنا مع الوزيرين الطويل والصبيح، ولا النواب أنفسهم فكل حسب ما جنت يداه.
لم يعد هناك متسع للوقت للإصلاح في ظل الاتهامات المتبادلة التي ألهبت الساحة وأضحت العلاقة بين السلطتين مشحونة ولن نتمكن ولو بالمعجزة أن ننقي شوائب النفوس التي كشفت أسرارها.
يصرح البعض بطلب التهدئة، وتخرج أطراف أخرى متجهة إلى جانب التوتير وتتوعد وتطلق العبارات في كل اتجاه. لماذا يتم تصوير الأحداث بصفات، تصنيفات، أو عوامل أخرى؟
إننا أمام فساد لا تحتمل نقله البعارين وأمام سلوك غريب متسارع في اتجاه التصعيد وإثارة الشارع الكويتي في قضايا عدة تمس المواطن البسيط الذي «ضاعت» حاجته تحت وطأة تلك الممارسات التي لا نعلم إلى أين هي متجهة وكيف ستكون عواقبها!
نتمنى من الجميع التهدئة ومن يخطئ فلجان التحقيق هي الطريق الأنسب من دون المساس بالأشخاص وكشف الأسرار التي قد تؤثر على مجريات العجلة الإصلاحية.
إننا محاسبون ومسؤولون عن أقوالنا وأفعالنا وكفاية... كفاية رأفة بالشعب والمواطنين... والله المستعان!
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]