كابيلو: كان صريحاً بعض الشيء... أنا فعلت مثله من قبل في مباراة ضمن الدوري الإيطالي خلال فترة تدريبي لروما
ربما لأنه لم يكن ذاك اللاعب اللامع أيّام شبابه، أو ربما لأنه عاجز عن السيطرة على انفعالاته، يعيش البرتغالي جوزيه مورينيو ما يواجهه في عالم كرة القدم بـ«طريقة مختلفة» عمّا عهدناه في أي مدرب آخر.
«ذا سبيشال ون» معتاد على الضغوط، بيد أنه حوّل كرة القدم، منذ تولى الإشراف على بورتو البرتغالي، مروراً بتشلسي الانكليزي مرتين، وإنتر ميلان الإيطالي، وريال مدريد الاسباني، صولاً الى مانشستر يونايتد الإنكليزي، إلى أكثر من مجرد رياضة، وربما الى ما هو أبعد من مفاهيم ترعرعت اللعبة في كنفها.
مورينيو (55 عاماً) منح «اللعبة الأكثر شعبية» إنسانيةً واضحةً، بغض النظر عن منحاها السلبي أو الإيجابي. ربما هو المدرب الأكثر تأثيراً في التاريخ، لكنه من دون شك، المدرب الأول الذي يطغى بنجوميته على بريق اللاعبين، مهما علا شأنهم.
في كل مؤتمر صحافي، تشخص الأنظار نحوه ويتركز الاهتمام في ما سيقوله الرجل المولود في سيتوبال، بانتظار أن تنفجر موجة الردود على ما أدلى به.
البعض يرى بأنه أفلس فنياً وبأن ما يقدمه مانشستر يونايتد من «مردود فقير» تحت قيادته لا يعادل تاريخه وصيته كمدرب، بيد أن الرجل يجيد بامتياز الرد في «المستطيل الأخضر» عبر النتائج «وإن جاءت هشّة بلا طعم» حيناً، وعبر «تصرفات» تنمّ عن إنسان «متطرف» في إيمانه بـ«قيمته الفنية» حيناً آخر.
رد فعله بعد التأهل الى المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا مع إنتر ميلان في 2010، كان صادماً، وما زال مشجعو برشلونة الاسباني يبكون تلك المواجهة في إياب نصف النهائي، ويتذكرون تقدم الحارس فيكتور فالديش نحو مورينيو المحتفل كالمجنون، بغية ثنيه عن استفزاز جماهير «كامب نو».
بيد أن «شطحات» البرتغالي لم تولد في 2010، بل تعود الى 2004 عندما احتفل باستفزاز بهدف كوستينيا في اللحظات الأخيرة من المباراة أمام مانشستر يونايتد في اياب دور الـ16 من دوري الابطال.
كان بورتو فائزا 2-1 على أرضه ذهابا، ثم تأخر بهدف ايابا في «اولد ترافورد» حتى الدقيقة الأخيرة، فاستعدت جماهير «يونايتد» للاحتفال بفضل الهدف المسجل خارج الديار في «استاديو دو دراغاو»، بيد أن هدف التعادل القاتل، أهّل الفريق البرتغالي الى ربع النهائي في الطريق الى منصة التتويج.
يوم أول من أمس، رد مانشستر يونايتد الدين لمضيفه يوفنتوس الإيطالي الذي فاز عليه ذهاباً في «أولد ترافورد» بهدف، وحرمه من التأهل المبكر الى دور الـ16 من الـ«تشامبيونز ليغ».
لكن رد فعل مورينيو على تحويل فريقه لتأخره الى فوز 2-1 في ظرف ثلاث دقائق، خطف الأنظار من «السيناريو المجنون» للمباراة.
أعاد فوز «الشياطين الحمر» إلى الأذهان انتصارهم على بايرن ميونيخ الألماني في نهائي المسابقة القارية عام 1999 عندما تخلفوا بهدف ماريو بازلر (6) قبل أن يسجلوا هدفين عبر تيدي شيرينغهام (90+1) والنروجي أولي غونار سولكاير (90+3) ويتوجوا باللقب.
كان يوفنتوس في طريقه إلى تحقيق الفوز عندما تقدم بهدف لمهاجمه الجديد والقديم للنادي الإنكليزي الهداف التاريخي للمسابقة البرتغالي كريستيانو رونالدو (65)، لكن «يونايتد» قلب الطاولة في الردهات الأخيرة من «الموقعة» عبر الإسباني خوان ماتا (86) والبرازيلي أليكس ساندرو (89 خطأ في مرمى فريقه).
ليس الفوز فقط ما دفع مورينيو الى الاحتفال بشكل استفزازي متوجهاً الى جماهير الـ«يوفي» عقب نهاية المباراة، وواضعاً يده على أذنه وكأنه يشير إلى أنه لم يعد يسمع أنصار «السيدة العجوز»، بل حقيقة أن مانشستر يونايتد عزز حظوظه في التأهل بعدما رفع رصيده إلى 7 نقاط في المركز الثاني ضمن المجموعة الثامنة بفارق نقطتين خلف يوفنتوس الذي كان بحاجة إلى التعادل فقط لبلوغ الدور الثاني، وأزاح عن كاهله موجة من الانتقادات التي لم تتوقف ضده في إنكلترا.
سبق لمورينيو أن درب إنتر ميلان الذي تعتبر مباراته امام يوفنتوس بمثابة «لقاء القمة» في إيطاليا نظراً الى الضغينة التي يكنّها جمهور كل منهما للآخر، ومن هنا انطلقت تلك الكراهية من جانب جماهير «السيدة العجوز» للبرتغالي، الذي «انتصر» في نهاية المطاف.
«لماذا احتفلت بتلك الطريقة؟»، كان هذا السؤال الذي وجه إلى مورينيو عقب الانتصار.
فأجاب قائلا: «لأنني فزت بمباراة كبيرة»، قبل أن يستدرك: «هل تعرفون ماذا حدث طوال 84 دقيقة؟ الجمهور ظل يشتم أمي... وهي تجلس في المنزل. والحماس كان كبيرا ولا أستطيع أن أصمت أمام من يشتمني».
وأكد أن احتفاله لم يكن هدفه شتم النادي الإيطالي وأنصاره، مضيفا لشبكة «سكاي» التلفزيونية الإيطالية: «تم شتمي خلال 90 دقيقة وأنا هنا من أجل أن أقوم بعملي. أنا لم أشتم أحدا. بالتأكيد لم أكن أقصد أحدا».
وأضاف: «ربما لم يكن عليّ فعل ذلك، ولو كنت هادئا لما فعلت ذلك. لكنهم أهانوا عائلتي، وأمي تحديداً، ورد فعلي كان بناء على ذلك».
وقال: «هذا فوز مذهل بالنسبة لنا، والأمر لا يتعلق فقط بالنقاط التي خسرها فريقي على أرضه. الأمر يتعلق بأننا لعبنا بشكل جيد. أعتقد أننا حتى لو لم نفز، كنت سأشعر بالرضا أيضا لأن الفريق لعب بشكل جيد للغاية منذ الدقيقة الأولى أمام منافس مذهل».
من جهته، دافع المدرب السابق ليوفنتوس، الايطالي فابيو كابيلو، عن احتفال مورينيو وأكد أنه لم يقم بشيء خطير، وأضاف لـ «سكاي»: «ساعة من الاستفزازات والإهانات، وفي النهاية تفوز. هو لم يقم بشيء خطير».
وتابع: «كان صريحاً بعض الشيء، أنا فعلت مثله من قبل في مباراة ضمن الدوري الإيطالي خلال فترة تدريبي لروما».
«تصرف مورينيو» حرّك أيضاً الأقلام، فقد عنونت صحيفة «لاغازيتا ديللو سبورت» الايطالية: «إهانة مورينيو»، وكتبت: «بعد ذلك، انقلاب في 4 دقائق... جوزيه يقوم بحركة الأذن».
أما مواطنتها «كورييري ديللو سبورت»، فعنونت: «السقوط الخاص»، تيمناً بلقب مورينيو (الخاص)، وكتبت: «هدف مذهل من رونالدو... ثم مورينيو يُسكت الملعب بعد نتيجة 2-1».
«تليغراف» البريطانية، من جهتها، عنونت: «إنه وقت مورينيو»، ووضعت صورة كبيرة للبرتغالي على صدر صفحتها الأولى، مشيدة بما حققه أمام يوفنتوس في عقر داره.
يذكر ان رد فعل مورينيو جاء في اليوم الذي قال فيه الاتحاد الإنكليزي للعبة إنه سيطعن ضد إفلات البرتغالي من عقوبة بسبب التلفظ بكلمات مسيئة أمام كاميرات التلفزيون خلال الفوز 3-2 على نيوكاسل يونايتد الشهر الماضي في الدوري الممتاز. ويأتي ذلك بعدما برأت لجنة مستقلة مورينيو من التهمة في 31 أكتوبر الماضي إثر استشارة متخصصين في اللغة البرتغالية.
... هذا هو مورينيو الذي لمّا يتغير. هل هو على حق في ما تؤول اليه ردود فعله؟ طالما أن المقاربة نسبية، سيبقى هذا المدرب مستحقاً للقب «ذا سبيشال ون» حتى إثبات العكس.