وجع الحروف

مقابلة الأميركي...!

1 يناير 1970 04:50 ص

خلال الأسبوع الماضي تلقيت رسالة من رقم غريب يعود لطالب دكتوراه من جامعة أميركية مرموقة، يطلب مقابلتي حول موضوع البحث عن تاريخ الانتخابات في الكويت والبحث عن ممول من الجامعة.
جامعة برينستون التي يدرس فيها الطالب، مصنفة الأولى حسب ترتيب US News للجامعات الأميركية الوطنية. واسم الجامعة يذكرني بدراسة حول سقف الحرية بالصحافة والتعبير عن الرأي، التي مولته الجامعة نفسها مع جامعة هارفرد والذي تحدثت عنه في المقال السابق.
بادرته بالسؤال: ماذا تريد التوصل إليه؟ وهل بالإمكان أن تحدثني عن السياق الثقافي للمجتمع الكويتي حسب معرفتك؟
وجدته كما كنت متوقعاً، ملما بالثقافة الكويتية ولديه سجل حافل حولها، وبالأخص المتعلق بالتركيبة الثقافية وتاريخ الانتخابات? وكان تركيزه حول التشاوريات التي تجريها القبائل قبل أي انتخابات.
إنهم يبحثون بشكل مختلف ويستقون المعلومة من مصدرها، وعندنا - أحبتنا - ينهون أبحاثهم وينتهي بها المطاف بصورة تلتقط وتذهب الرسالة البحثية إلى رف من دون أن نستفيد منها.
نختلف عن الغرب وهذا سبب تخلفنا عن الركب? فالإيمان بنتائج البحث العلمي يصنع جيلاً مختلفاً ثقافياً... فالملاحظ أن كثيرا من خريجينا يطلق عليهم مسمى متعلم، وتنتهي مرحلة التعلم والتثقيف بعد انتهاء الدراسة، بينما الغرب يستمرون في أبحاثهم حتى بعد التخرج وتستند القرارات هناك على دراسات بحثية، والدليل تمويل كبرى الجامعات للأبحاث.
سُئلت عن التشاورية وذكرت أنها حق لأي مكون اجتماعي كبير العدد، وذلك لتوحيد وجهات التصويت للوصول إلى تمثيل أفضل لأن بعض التشريعات وجدت لخفض مستوى تمثيلهم تحت قبة البرلمان، ومسألة كفاءة من يصل فهي قضية أخرى ترتبط بثقافة الجموع المشاركة بالتصويت وكل حسب ثقله.
وذكرت له أن المجلس حل تسع مرات خلال الـ54 الماضية، وفقط ستة مجالس أكملوا دوراتهم (أربع سنوات)، وهو ما يدل على أن هناك خللا في طريقة تقبلنا للممارسة الديموقراطية، ناهيك عن النظام الانتخابي وطريقة توزيع الدوائر جغرافياً ونسبياً حسب عدد الأصوات لكل دائرة.
الذي أريد الوصول إليه في هذا المقال إنما هو محصور في طريقة تفكير المجتمعات الغربية، وتحديدا أميركا التي بدأت بابتعاث طلبتها لدراسة كهذه المعنية بالانتخابات لدينا.
هنا أود أن أوجه رسالة لأصحاب القرار في ما يخص البحث العلمي على الأقل، نتمنى أن يخصصوا فريقاً محترفاً يطلع على أبحاث الدكتوراه والماجستير، التي خلصت في الغالب إلى نتائج وتوصيات، وذلك رغبة منا في التوصل للحلول المناسبة لقضايانا العالقة.
كثيرة هي الأبحاث حول التعليم وقضاياه? الصحة وخدماتها? والإدارة والمسائل الفنية.
عندكم على سبيل المثال، الكثير من الأطباء الكويتيين قد أمضوا سنوات سبع في برنامج البورد الأميركي والكندي بعد التخرج من كلية الطب? لماذا لا نستعين بهم في تحسين مستوى الخدمات الصحية؟ وقس عليها الدكاترة الباحثين في مجالات عدة!

الزبدة:
البحث العلمي هو المخرج المناسب لاتخاذ القرارات السليمة، التي تستطيع أن ترفع من تقييم مؤسسات الدولة حسب المنشور في تقارير المؤسسات العالمية كالشفافية? حقوق الإنسان? الصحة? التعليم...
أبناء الوطن من حملة الدكتوراه والحاصلين على درجة الماجستير، لا نريد أن تنتهي رحلتهم بالحصول على الوظيفة أو الترقية أو الدرجة أو مزايا أخرى. نريد من إخواننا أصحاب القرار أن يهتموا بجانب البحث العلمي وتطبيق نتائجه وتوصياته وأن يمنح الطلبة مواضيع بحثية خاصة بالقضايا العالقة، سواء الانتخابات أو التعليم أو الصحة أو إدارة المشاريع الكبرى للوصول إلى نتائج وتوصيات علمية قابلة للتطبيق وبلا شك أن التمويل مهم في هذا الجانب.
التاريخ يقول إن من يصنعه فقط أصحاب الفكر والرؤية السديدة وخلاف ذلك من الحسابات أو المعطيات، لن ينفع الوطن والمواطن ومؤسساتنا تشغيلا وإدارة.
حافظنا على الهوية الوطنية في تلك المقابلة واحترمنا خصوصية المجتمع الكويتي وتركيبته الثقافية، ونقلت ما حصل بشفافية مجردة من أي مكاسب ضيقة أو اعتبارات أخرى، متمنيا أن أرى تحركا في هذا المجال الحيوي «البحث العلمي» من أصحاب الخبرة والمعرفة من حملة الدكتوراه والماجستير، وأن يلقوا الدعم المناسب عاجلا غير آجل... الله المستعان.

[email protected]
Twitter: @Terki_ALazmi