قال الله تعالى: (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَ?كِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ)... أي لو أحبوا الخروج معك بصدق ورغبة قوية لتهيؤوا وتزودوا بما يحتاجه المجاهد في سفره من المركب والزاد والسلاح.
كل إنجاز من إنجازاتنا، وكل موقف في حياتنا من مواقف التأبي والممانعة يحتاج إلى الإرادة والقدرة، وإن الناس يتوقون ويميلون دائماً إلى التعرف لمكامن قوتهم ومصادر ضعفهم لأن ذلك أحد شروط الارتقاء والتقدم الذاتي.
إن السلوك يستجيب إلى إرادة الإنسان بالكف والامتناع، أو الرغبة الشديدة الرغبة العازمة والجازمة للقيام بعمل من الأعمال، سواء كان هذا العمل إيجابيا أم سلبيا.
أما القدرة فهي الطاقة والقوة على فعل الشيء والتمكن منه، كما أنها تعني التمكن من الامتناع من الأمور التي يرغب الإنسان في الامتناع عنها، وعلى سبيل المثال، الطالب الذي يريد وجازم على النجاح فإنه يحشد كل إمكاناته وطاقاته للمذاكرة والتمكن من المقرر حتى يستطيع الإجابة عن أسئلة الاختبار ومنها تحصيل درجات ممتازة، إن توافر الإرادة أهم بكثير من توافر القدرة، وذلك لأن الإرادة حين تتوافر فإن توفير القدرات والإمكانات يصبح في معظم الأحيان مسألة وقت.
إن القدرات منها ما هو معنوي مثل الإمكانات الذهنية، ومنها ما هو مادي مثل قدرة البدن، لكن الإرادات لا تكون إلا معنوية، ولهذا فإن إدراك النقص الذي يعتري الأشياء المعنوية يكون أضعف، والإنسان حين يأتي إلى معالجة مشكلة يتجه إلى نقص الإمكانات لأنه أسهل من معالجة القصور الروحي والنفسي الذي قد يكون موجوداً لدى الشخص الذي يعالج تلك المشكلة، إن قدراتنا تتحدى إرادتنا، كما تتحدى الأرض الفلاح كي يزرعها ويستخرج خيراتها، ومهما كانت عزائمنا ماضية ، فإننا سنظل مقصرين في استثمار إمكاناتنا على الوجه الأكمل.
وانطلاقاً من كل هذا نستطيع أن نقول إن الذي يقرر مصير الكثير من الأعمال هو ذلك القصور في الإرادة والمشيئة، وليس القصور في القدرة والإمكانية، وفي كل الأحوال لا بد أن نعلم بأن الأفق ليس مسدوداً إلى هذا الحد، فكل طالب ومعلم ومربٍ وموظف ومسؤول فليجعل بدايته هي الثقة بالله -تعالى- والاستعانة به، ثم المحاولة للقيام بأشياء جيدة يحبها ويسعد بها، وهذا ما يشكل بداية جيدة لامتلاك الإرادة الصلبة.
[email protected]
mona_alwohaib@