هم قرة عين الآباء والامهات، الذين يجدّون ويكدحون من أجل تهيئة السبل التي تعمل على تنشئة هؤلاء الاولاد وتربيتهم وتنميتهم في استقرار وهدوء وسكينة، والأولاد هم أمل الأهلين يتطلعون إليهم بمستقبل مشرق يحققون من خلاله ما يصبون إليه من هدف تكوين المواطن الصالح، الذي يفيد الأمة وينهل من خيرات الوطن وإذا ما أصاب أحدهم عارضاً - لا سمح الله - ذلك العارض يصيب قلوب الآباء والأمهات كأنه في قلوبهم.
يحكى أن رجلاً فقد ابنه فرآه أحد أصدقائه كئيباً فسأله عن ذلك فأنشد يقول:
ولي كبدٌ مشطورةٌ بيد الردى
فتحت الثرى شطر وفوق الثرى شطر
نعم هم الاكباد التي تمشي على الارض
يقال:
إن أحدهم فقد ولده فحجز نفسه في داره... أشير عليه أن يخرج لمقابلة الناس، فلما خرج من بيته قابله أحدهم فكناه بولده الفقيد فنظر اليه قائلا:
كيف السلو وكيف أنسى ذكرهُ
وإذا دعيت فإنما أُدعى به
الأبناء ثروة لابد أن نحافظ عليها، والطفولة لها خصائصها، فتحتاج من الآباء والأمهات إلى تفكير عميق واستبصار واثق نحو أساليب تربوية خلاقة في تنشئة وتوجيه الأولاد.
صدقت تلك الأعرابية التي تنشد لولدها حين تلاعبه:
يا حبذا ريح الولد
مثل الخزامى في البلد
أهكذا كل ولد
أم لم يلد مثلي أحد
ما أجمله من عطف
وما أحسنه من حنان
وجدير بنا أبناء هذه الديرة الطيبة أن نحتضن أبناءنا ولا نكلهم إلى أيدي غير أمينة، ولننظر إلى الآفاق الممتلئة بالغيوم الداكنة والعوافير الساخنة، التي تعصف في الطفولة وتحرمها من أدنى مقومات الحياة.
ملايين الاطفال في اليمن حرموا من أبسط مقومات الحياة، وهي الغذاء والدواء حتى من الصرف الصحي، دماء تسيل للأطفال وأشلاء تتناثر وأمية تنتشر، في وقت تنتشر فيه الطرق والتقنيات والوسائل المختلفة لتحسين عملية التعليم والتعلم.
أطفال في ليبيا وآخرون في العراق وبعضهم في مصر يحتاجون الى التعليم، وقد قطع عنهم وهم لا يتذوقون طعمه ولا يستنشقون عذب نسمائه، ناهيك عن الأعداد الهائلة من الأطفال الذين حرموا من التعليم، وهم يعيشون تحت ظروف قاسية في السودان.
وأما في فلسطين فإنهم منعوا المساعدات عن «الإنروا» - الهيئة التابعة لمنظمة الامم المتحدة التي تشرف على اغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وهي ترعى مئات المدارس في فلسطين - وهم بذلك يريدون ان ينشروا الأمية ويروّعوا الطفولة ويزيدوا بغيهم وبطشهم في الترويع والقتل والتنكيل، وها هي دماء الأطفال تمتزج مع دماء آبائهم وإخوانهم وأمهاتهم وأجدادهم، وهم يزحفون في مظاهرات مسيرة العودة الى القدس، التي استمرت على مدى ثمان وعشرين جمعة.
وكلهم إصرار وأمل وعزيمة وثبات، في تبصير الدنيا بأن القدس هي عاصمة فلسطين، وأن الوصول إليها لابد وأن يتحقق بإذن الله الكريم، بعزيمة وبدماء الصابرين حتى يفرج الله عن المظلومين والمحرومين والمغتصبة حقوقهم، بنصرٍ مؤزر من عند الله الكريم.
إن جرحاً سال من جبهتها
لثمته بخشوع شفتانا
وأنيناً باحت النجوى به
عربياً رشفته مقلتانا
قم إلى الأبطال نلمس جرحهم
لمسة تسبح بالطيب يدانا
قم نجع يوماً من العمر لهم
هبه صوم الفصح هبه رمضانا
إنما الحق الذي ماتوا له
حقنا يمشي إليه أين كانا