«الناي السحري»... خطف الأبصار وعزف على شغاف القلوب، في مستهل الموسم الثاني لمركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي!
فبعدما أصبحت عروض الأوبرا العالمية ثقافة جديدة، تحظى بشغف الجمهور الكويتي، عجت قاعة المسرح الوطني - أول من أمس - بالمئات من محبي هذا الفن العريق، للاستمتاع بأوبرا «الناي السحري» Magic Flute، إحدى الروائع العالمية التي تتألف من فصلين، صاغها المؤلف الموسيقي النمسوي فولفغانغ أماديوس موتسارت في العام 1786 باللغة الإيطالية، عن نص ألفه الممثل والمنتج المسرحي النمسوي إيمانويل شيكانيدير، وقدمها المسرح الأرميني القومي الأكاديمي للأوبرا والباليه بقيادة المايسترو قنسطنطين أوربيليان، في افتتاح الموسم الثاني الذي ينظمه مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي.
دارت أحداث «الناي السحري» بمصاحبة الأوركسترا الحية، التي قادها هاروتيون أرزومانيان، إذ حلّقت بالجمهور الكويتي في حكاية رومانسية تحمل جواً من الخيال الساحر، الممزج بروح الدعابة وتكتنفه المكائد، كما يبرز فيها النبل والشهامة وروح الفروسية.
انقسم العرض المسرحي الأوبرالي إلى فصلين، الأول ضم أربعة مشاهد، حيث بدأت الأحداث في المشهد الأول مع ظهور الأمير الوسيم «تامينو» وهو يصطاد في الغابة حتى وصل إلى مملكة الظلام، وفيما هو سائر في طريقه فإذا بأفعى مخيفة تعترض سبيله وتطارده حتى يسقط مغمى عليه. وهنا يتصادف مرور ثلاث نساء من وصيفات ملكة الليل، اللائي يتربصن بالأفعى حتى تطعنها إحداهن بالرمح من الخلف لينجو تامينو من الموت. ثم يشاهدن الأمير الملقى على الأرض ويجدنه وسيماً، فيتجادلن بينهن حول من تبقى لحمايته، بينما تذهب الأخريات إلى المملكة، وعندما يعجزن عن الوصول إلى اتفاق، يقررن الذهاب جميعاً لإبلاغ ملكتهن عن الأمير الوسيم.
في غضون ذلك، يدخل صياد طيور يدعى «باباغينو» وهو يغني سعيداً ومنتشياً بمهنته، ويتحدث عن أمنياته بالعثور على زوجة، وفي تلك اللحظة يستيقظ الأمير الوسيم ليرى الأفعى مقتولة بالقرب منه، فيظن أن الصياد هو من أنقذ حياته بقتلها، فيشكره على ذلك، ويستمر الصياد في الزهو والمبالغة وادعاء القوة والشجاعة حتى تعود الوصيفات ويستمعن إلى أكاذيبه، فينهرنه ويعاقبنه بإغلاق فمه بقفل.
وحين يجدن الأمير تامينو قد أفاق من إغمائه يقدمن له صورة بامينا ابنة الملكة، فيقع في حبها، وعندئذٍ تظهر الملكة وتطلب منه أن يخلص ابنتها من أسر «ساراسترو» كبير كهنة معبد الحكمة «إيزيس»، وتعاهده الملكة في حال تخليصه لابنتها من يد ساراسترو بأن تزفها إليه. وفي هذه اللحظة تقدم النساء الثلاث ناياً سحرياً للأمير، وإلى صياد الطيور أجراساً سحرية صغيرة لتكون والناي السحري حرزاً من كل ضرر ودفعاً لكل خطر، فينطلق الاثنان لتحرير الفتاة بامينا، حيث يرشدهما في رحلتهما ثلاثة أرواح.
ثم يبدأ المشهد الثاني، ونرى الأميرة بامينا حيث يحاول رئيس خدم المعبد «مونوستاتوس» التحرش بها، ثم يظهر الصياد باباغينو، فيفزع من وجوده مونوستاتوس ويهرب الاثنان، لكن باباغينو يعود ويطمئن بامينا، أن هناك أميراً وسيماً اسمه تامينو سيأتي لانقاذها، فتفرح لسماع ذلك خصوصاً عندما يخبرها أنه واقع في غرامها وأنه سينقذها ليتزوجها، ويحكي لها عن أمنيته بالعثور على زوجة، ليغادر الاثنان خشبة المسرح.
وفور دخول المشهد الثالث، تقود الأرواح الثلاثة تامينو إلى المعبد، حيث يوجد ساراسترو الشرير، فيحاول تامينو الدخول إليه لكن رئيس المعبد يتحدث إليه عن ساراسترو بأنه ليس شريراً ويطمئنه أن الأميرة ما زالت حية، فيعزف على الناي السحري حتى تسمعه الأميره وباباغينو ويقرران الذهاب إليه، كما يروض نايه السحري الوحوش الحارسة للمعبد.
وتدور أحداث المشهد الرابع عبر محاولة بامينا وباباغينو الذهاب إلى الأمير، فيعترض مونوستاتوس طريقهما مع خدم المعبد ليقع الاثنان في الأسر، لكن باباغينو يستخدم أجراسه السحرية ليغويهم حتى يرحلوا بعيداً. في الوقت نفسه يقترب ساراسترو وحاشيته، فتتفق بامينا وباباغينو على أن يقولا الحقيقة إلى ساراسترو، وتعترف له بأن مونوستاتوس حاول مضايقتها، فيتعاطف معها لكنه يقول لها إنه لا يستطيع منحها حريتها لأنها تحتاج الى حراسة رجل. بعدها، يدخل مونوستاتوس ومعه تامينو بعد أن نجح في أسره، فيرى الأمير الجميل أميرته للمرة الأولى، ويهرع كل منهما تجاه الآخر وسط دهشة الجميع. وفي هذه الأثناء يطلب مونوستاتوس مكافأة، لكن ساراسترو يعاقبه لإغوائه بامينا ومضايقته لها، كما يعمد إلى إدخال بامينا وتامينو في المعبد. ثم تتوالى الأحداث في المشاهد التالية، حيث يلتقي ساراسترو بمعاونيه ويقررون أن يتزوجا تامينو وبامينا وأن يخلفه في منصبه بعد أن يخوض مجموعة اختبارات صعبة وقاسية تثبت جدارته بالمنصب وبالزواج من الأميرة، وفقاً للتقاليد القديمة الصارمة.
على الرغم من ضخامة العرض إلا أن مخرج العمل ومصمم العروض البصرية باولو ميتشيكيه لم يحتج إلى قطع ديكور، حيث استعاض عنها بالتقنيات الحديثة، التي أضفت روحاً جديدة للعرض، وأدخلت الحضور في لبّ الأحداث، لاسيما أن المناظر والخلفيات التي اختيرت لهذه المسرحية الأوبرالية اعتمدت على أعمال الفنان الفرنسي هنري روسو، التي اتسمت لوحاته بما يسمى بالبدائية، لاحتوائها على عناصر متعددة تتشابه مع أجواء أوبرا «الناي السحري» حتى شكلت مصدر إلهام لتصميم المناظر، ليعاد تقديمها بصورة جديدة تتلائم مع الأحداث المختلفة في هذا العمل، الذي قام على أجواء السحر والخيال، ولا نغفل عن جمالية الأزياء التي صممها ألبيرتو سبياتزي.