قرأت وطالعت معظم ما كتب بخصوص مسألة إغلاق محل يقدم لزبائنه مجسمات تستخدم فيها التصوير ثلاثي الأبعاد، وأرى أن كل ما كتب في هذا الشأن كان مبالغا فيه، سواء على مواقع التواصل الاجتماعي الذي كان نشاطه ملحوظا في هذه المسألة بين الموافق والمعارض، أو كتاب الزوايا في الجرائد.
فالواقعة أعتقد أنها فردية لموظفين غير متفهمين للتقنيات الحديثة، وقد أصيبوا بالدهشة من التقارب العجيب بين المجسم وصاحبه، مما حرك في دواخلهم روح الرقيب، وبالتالي قاموا بإغلاق المحل، ومن ثم فقد سرت عدوى الرقيب إلى جهات أخرى، مما جعل الإغلاق أمرا محسوما.
ومن هنا كان يتعين على من لديهم دراية بالأمر تقديم النصيحة، والإشارة إلى أن هذه المجسمات لا تمثل أي خطر على مجتمعنا، لأن الأفكار قد نضجت، ولم يعد هناك أدنى خوف من تلك الأشكال الفنية، التي لا تشكل إلا مجسمات للاحتفاظ بها أو التباهي بوضعها على المكاتب.
كما أن من المفترض على الذين وافقوا على إغلاق المحل وتحريم هذه المجسمات، البحث في الموضوع للتأكد من حقيقته، لأنه في نهاية المطاف لم يكن سوى فنون تتعلق بالتصوير، ولا علاقة لها بما في أذهانهم.
فلا يعقل أن نلهي أنفسنا بموضوعات مثل هذه، ونعطيها أكبر من حجمها، بينما نحن لدينا الكثير من المشكلات التي تحتاج إلى حلول، فلدينا مشكلة التعليم وما نعانيه من تخبط، قد تصيب المنظومة التعليمية برمتها، وحتى الآن لم تقدم إلا حلولا موقتة، بينما الحلول النهائية التي تقضي على مشاكل التعليم لا تزال عالقة، ولم نتوصل فيها لنتيجة مريحة تطمئن أولياء الأمور على أبنائهم.
بالإضافة إلى مشكلة الصحة وما تحتويه من مشكلات عالقة في الخدمة العلاجية، ومشكلات الطرق وغيرهما، مما يدعونا إلى أن نفرغ أذهاننا لما هو أحق بالحديث عنه، والتنبيه إلى ما يحتويه من عراقيل، بمعنى آخر يجب علينا أن نفكر في المستقبل والبنية التحتية لمؤسسات الدولة، تلك التي تقدم خدماتها للمجتمع، وليس تلك الأمور التي تأتي بشكل فجائي، وليس لها أي تأثير على المواطنين.
ولكن الذي حدث أن المسألة أخذت وقتها الطويل في الجدال، ومن ثم بذل الموافق والمعارض الجهد والوقت في سبيل تأكيد قناعاته، في حين ظلت القضايا الحيوية منتظرة للحلول، التي إن تحققت ستؤدي إلى المزيد من الاستقرار والأمان لنا جميعا.
لقد تابعت وراقبت ما كتب في هذه المسألة مثلما تابعت وراقبت الكثير من القضايا الجانبية، وأرى أن من الأجدر بنا ألّا ننجرف وراء تلك الأمور وأن نكون قريبين قدر المستطاع من قضايانا الحيوية التي تمس المجتمع وتهمه.
* كاتب وأكاديمي كويتي