لو أن أحد المسؤولين وثق بقدرات أحد الأشخاص وإمكانياته، وقام بتوليته منصبا قيادياً، هل ترون ذلك المسؤول قد أدّى الأمانة؟
يجيبنا عن هذا السؤال الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث قال مرّة لمن حوله: «أرأيتم إذا استعملت عليكم خير من أعلم، ثم أمرته بالعدل، أكنت قضيت ما علي»؟
قالوا: «نعم»، قال: «لا حتى أنظر في عمله وما يصنع».
لذلك من الأساسيات المهمة متابعة أداء القياديين وما يقومون به من أعمال، فعدم المتابعة تدفع المسؤول غالباً إلى الإهمال والتراخي.
وقد تجعله يتساهل في وقوع الأخطاء في مؤسسته وتأخير علاجها، ما يجعل تلك الأخطاء تتراكم ويزيد ضررها وخطرها.
وتكمن المشكلة إذا انتقلت العدوى إلى من هم تحت القيادي في المسؤولية، فيعشّش وقتها التراخي والتهاون، ولا ينتبه الجميع إلى الخطر الموجود إلا بعد وقوع مصيبة أو كارثة.
تزداد نسبة التقصير في المتابعة في الوظائف الحكومية والمؤسسات العامة، باعتبار عدم شعور بعض المسؤولين بأمانة المنصب، وأن الضرر لو وقع فسيكون عاماً وليس على المستوى الشخصي.
بينما تقل نسبة عدم المتابعة في المؤسسات الخاصة، لأن الموضوع يتعلق بالأموال والملكية الشخصية.
هناك أخطاء كبيرة وقعت في بعض المؤسسات العسكرية، ومنها وفاة بعض الطلاب الضباط خلال التدريب.
وهناك أخطاء طبية حدثت في المستشفيات أدت إلى هلاك أرواح، وهناك شركة طيران، تلاعبت بالمسافرين، وأهملت وقصرت في نقلهم إلى الوجهات التي يقصدونها، ما ترتب عليه تضييع الأموال والأوقات، «وبهدلة» للعوائل والأسر.
عند وقوع الأخطاء لا بد من المحاسبة، وأن يكون التحقيق عادلاً، وأن يراقب المحقّقُ ربّه، ولا يخضع لترغيب أو ترهيب.
وفي الوقت نفسه لا بد أن يُعطى كل شخص حقه في الدفاع عن نفسه، وأن يُمكَّن من الإتيان بالأدلة التي يرى فيها تحقيق براءته.
وبعدها إن ثبت التقصير وجب تطبيق العقوبة، وإن لم تثبت فالمتهم بريء، يجب عدم مؤاخذته.
عند المحاسبة، لا بد من الحذر من تدخل بعض الأطراف للميل بالتحقيق عن مجراه الصحيح، أو تخفيف العقوبة أو عدم تنفيذها في حال ثبوت الأخطاء.
وهذا أمر خطير عواقبه وخيمة على المجتمعات والدول.
أراد الرسول عليه الصلاة والسلام إقامة حد السرقة على امرأة من بني مخزوم، فجاء أسامة بن زيد - وهو حِبُّ رسول الله - ليشفع لها عنده، بعد أن كلمه أهلها لمعرفتهم بمكانة أسامة عند الرسول، فغضب عليه الصلاة والسلام غضبا شديدا وقال: «أتشفع في حد من حدود الله»؟ ثم قام وخطب في الناس فقال: «إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها».
فلا بد من المحاسبة، وعند ثبوت الجرم أو التقصير فلا بد من تنفيذ العقوبة.
Twitter: @abdulaziz2002