أبعاد السطور

معشوقتي صلالة

1 يناير 1970 10:35 ص

منذ سنوات وأنا أكتب المقالات وأنشرها في مختلف الصحف والمجلات الأدبية، بحسب ما يناسبها من مواضيع، وفي صحيفة «الراي» هاهنا منذ ما يزيد على عشر سنوات وأنا أكتب، أي أنه تكوّنت لديّ خبرة كتابية، اكتسبتها من كتابة تلك المقالات الكثير عددها، على امتداد تلك السنوات التي أمضيتها مع الفكرة والقلم والأوراق والسطور والكلمات، لكني أحياناً أُصاب بالتردد أو التلعثم الكِتابي أو بشيء من الحيرة، تجاه بعض المقالات التي لا أعرف من أين أقص شريط بدايتها الكتابي! ومقال اليوم هو من هذا النوع! وكيف لا يعتريني ذلك؟ وأنا سأكتب عن معشوقتي الفاتنة ولاية صلالة، الواقعة بمحافظة ظفار، في سلطنة عُمان العظيمة تاريخاً وشعباً وحضارة.
لن أحشو مقالي هذا بمعلومات حول ولاية صلالة، عن تاريخها ومناخها وأسماء سهولها ووديانها وعيون وشلالات المياه التي بها، ولن أتطرق لمحافظة ظفار والمدن التابعة لها وجغرافيتها وتاريخها المجيد وسُكانها، بل سأكتب عما تحتاجه صلالة كيّ تزداد نوراً ودهشة ً وجمالا، لأنني أحد عشاقها الذين يزورونها دوماً، واقتنص أي فرصة أو عطلة أو إجازة شخصية كيّ أحجز تذكرة طيران توصلني لها.
في الحقيقة ومن خلال تجربتي ومشاهداتي الشخصية من خلال سفري المتكرر، أقول إن صلالة وغيرها من مُدن محافظة ظفار، مثل: ثمريت وسدح ومرباط وضلكوت ورخيوت ومقشن والمزيونة وشليم، كلها تحتاج لأن يُلتفت لها من قِبل المسؤولين الكِرام هُناك، وعلى رأسهم معالي رئيس الدولة ومحافظ ظفار السيد محمد بن سلطان البوسعيدي، ورئيس بلدية ظفار السيد الكريم سالم بن عوفيت الشنفري، كيّ تكون صلالها وأخواتها الأخريات من مدن ظفار على أجمل صورة، حيث إن روعة الطبيعة في تلك المُدن تفوق روعة مُدن كثيرة زرتها شخصياً في أوروبا ودول البلقان ودول شرق آسيا، وكذلك تفوقها باستتباب الأمن والتعامل مع الشعب.
ومن الأمثلة الصغيرة التي أود أن أذكرها في تجربتي من خلال سفري لمحافظة ظفار، وهو من الغرابة بمكان أنه لا يوجد أي مقهى معتبر على امتداد طُرق تلك الأماكن السياحية الطبيعية، ليشرب المواطنون أو السياح فنجان قهوة يستمتعون بنكهته خلال رحلاتهم تلك. ذات مرّة اصطحبني صديقي العُماني الفاضل حاتم البرعمي إلى كهف المرنيف، بمنطقة شاطئ المغسيل، على بعد 40 كيلومتر تقريباً من صلالة، وهو كهف منطقته مملوءة بسحر الدهشة، حيث له اطلالة خيالية على بحر العرب، وعنده يقترن اللون الأخضر للأرض باللون الأزرق للبحر، مع نوافير طبيعية ترتفع مياهها المدهشة كلما اشتد الموج بعنفوان مده العجيب. أذكر لحظتها قلت لصديقي حاتم: هذا المكان يا أبا عبد الملك يحتاج لكوب قهوة كيّ يزداد المزاج جمالاً، فأخذني لأمتار قليلة، نحو مقهى لم أر مقهي في حياتي بمثل موقعه، وحينما تفقدنا المقهى وجدناه للأسف مُغلقاً، ولمدة ثلاث سنوات كلما زرت كهف المرنيف وجدت هذا المقهى لا يعمل! وأيضاً ذات مرّة اصطحبني صديقي العماني الفاضل نواف المرهون في جولة ممتدة ما بين عين دربات وعين صحنوت وعين أرزات وعين حمران، حتى وصلنا منطقة النبي أيوب عليه السلام، وهي منطقة فاتنة تكتنز روعة الطبيعة، فقلت لصديقي نواف اذهب بنا لأقرب مطعم، كيّ نرتاح قليلاً ونأكل ونشرب بعد تلك الساعات الطويلة التي قضيناها في رحلتنا، لكني تفاجأت- وللأسف- بعدم وجود مطاعم بروعة تلك الأماكن التي مررنا بها، بل وجدنا فقط مطاعم صغيرة جداً بإمكاناتها وحجمها، تُقدم بعض الأكل الذي يضطر من في مثل موقفنا أن يأكله رغم ضعف جودته وبرودته!
فلا بد من الالتفات لتلك الأماكن الجميلة في ظفار وتطويرها والعمل على أن تكون مستعدة لأن تستقبل المواطن والسائح على أكمل وجه، فليس هناك عائق كبير يحول دون ذلك، خصوصاً وأن المطلوب ليس صعباً ولا مستحيلاً.
في النهاية حفظ الله تعالى سلطنة عُمان، وجعلها حكومة وشعباً في أمن وأمان ورخاء وازدهار.