أصبحنا في هذا الزمن نكتفي بالفرحات الصغيرة، نتيجة الإنجازات الصغيرة، إذ شكل افتتاح مبنى المطار المخصص للخطوط الجوية الكويتية T4، فرحة صغيرة للكويتيين والمقيمين، لأنه إنجاز صغير في زمن الإخفاقات والانتظارات الطويلة، لمعظم مشاريعنا التنموية.
فالكويتيون عانوا عقوداً طويلة من مبنى المطار المخجل، وخدماته المتردية من جميع الجوانب، فحتى الضيف الزائر يرى أن هذا المطار لا يليق بدولة مثل الكويت، لديها المال وسباقة في مشروعاتها الحضارية.
وبكل تأكيد لن يحل هذا المبنى الجديد، كل مشكلات المسافرين الذين يعدون بالملايين خلال السنة، والأمل هو في انجاز المطار الجديد الذي نتمنى ألا يتأخر كالعادة، لكن ما زالت هناك معضلات أخرى، ليس لها علاقة بمباني الكيربي الموقتة، بل تتعلق بخدمات الطيران والعنصر البشري.
فالخطوط الكويتية كانت تعد في فترات الدولة المدنية، أفضل طيران في الشرق الأوسط، وذلك بسبب دقة مواعيدها، وخدماتها الجيدة والراقية، التي تحاكي أفضل خدمات الطيران العالمي، كما كانت تحظى بأفضل صيانة لطائراتها، وأتذكر أنه في سبعينات القرن الماضي، كان فنيو صيانة الطائرات من الشباب الكويتيين، الذين تخلت الكويتية عنهم لاحقاً.
نعم نبارك افتتاح المبنى الجديد للكويتية، لكن ماذا عن الأمور الأخرى التي خُرّبت مع الزمن، مثل العنصر البشري المهمل، والذي لم تعد تعنيه قيم العمل والالتزام، ولم يعد يعنيه الإخلاص وبذل الجهد؟ هذا إذا استثنينا العنصر البشري صاحب الشهادة المزورة، بل وماذا عن توافر هذا العنصر البشري، فمدينة الجهراء الطبية ما زالت تحتاج لتشغيلها آلاف من الموظفين والفنيين.
إن القضية الرئيسية ليست في مبنى جديد فقط، ولكنها في تدهور وانهيار عام لمناحي الحياة والمجتمع في الكويت، والمباني البراقة لا تكفي لتنمية حقيقية، بل الأمر يحتاج إلى ثورة ونهضة شاملتين، أو انتفاضة صحوة جادة، تبدأ بالتعليم وتغيير الثقافة السائدة.
osbohatw@gmail.com